ساحة السباع و النحات اسكندر الروسي

ساحة السباع و النحات اسكندر الروسي

رياض العزاوي
عرفَ اهالي بغداد في اربعينيات القرن الماضي شخصية ذات ملامح اعجمية ولهجة غريبة غامضة بتصرفها وسلوكها عرفت فيما بعد انها احدى الشخصيات الاجنية المهاجرة وفدت لبغداد من مدينة تفليس الجورجية التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي المنحل هرباً من بطش السلطة. وهو يحمل معه شهادة جامعية في اختصاص نادر في العراق.

هذه الشخصية وجدت من مدينة بغداد ملاذاً امناً وحضناً دافئاً سرعان ما تالف وتأقلم واصبح احد مواطني بغداد بعد ان احتضنته دار السلام ووفرت له الامن والاستقرار كما هو معروف عن طيبة اهلها مع العرب والاجانب ،هذه الشخصية انفكت عقدتها وكشف غموضها وعرف الناس حقيقتها ،كانت بارعة ومتفوقة ونابغة في مجالات عدة الا انه برز في مجال النحت واقامت النصب والتماثيل.اسكندر الروسي هذا بعد حصوله على الجنسية العراقية وفاءً منه للبلد الذي اواه. قام بتصميم وتنفيذ عدد من النصب والتماثيل الجميلة وضعها في اماكن بارزة من مدينة بغداد شكلت حدثاً مهماً واثارت اعجاباً كبيراً من قبل اعالي المدينة العريقة ،وبعد ان شاهد اعماله ونتاجاته المتميزة من النحت. الاستاذ ارشد العمري احد امناء العاصمة السابقين نالت تقديره واعجابه وكان العمري محباً للفن والفنانين ،اصدر امراً اداريا بموجبه تعين اسكندر الروسي بوظيفة نحات على الملاك الدائم ومن الدرجة الاولى واوعز بتخصيص ورشة خاصة لصنع وعمل التماثيل وعلى الفور شمر عن ساعديه وقام بتنفيذ عديد من النصب والتماثيل اصبحت من المعالم والظواهر الشاخصة التي كانت تزين شوارع بغداد والساحات البارزة في مركز المحافظة مطلع اربعينيات القرن الفائت وابرزها التماثيل التي كانت قائمة في ساحة (السويدي) الشهداء حالياً جانب الكرخ ومن اشهر المعالم التي قام بتصميمها وتنفيذها وبقيت خالدة خلود مدينة بغداد العظيمة هي السباع الشاخصة حتى الان كدلالة تراثية بالساحة المسماة باسمها (السباع) احدى محلات الجانب الشرقي من بغداد القديمة الواقعة بين محلتي (ابو شبل) و(قره شعبان)ومن اشهر منحوتات اسكندر التماثيل والنصب التي كانت منتشرة في جنبات واروقة قصر الرحاب، القصر الذي كان محل سكن الوصي على عرش العراق الامير عبد الاله الذي حكم العراق زمناً طويلاً في حقبة العهد الملكي وقد تم تهديم القصر بعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 ، وقد برز اسكندر الجورجي إلى جانب اهتماماته الفنية اشرافه على تدريب واعداد ابناء بغداد من هواة الرياضة وخاصة رفع الاثقال بعد ان اسندت اليه مهمة تدريب واعداد ابطال النادي الرياضي الاولمبي الملكي المشهور بوصفه احد الاندية النموذجية انذاك والذي تحول بعد ثورة 14 تموز عام 1958 إلى نادي الاعظمية ثم مركز شباب في ثمانينيات القرن الماضي وعاد بعدها الى تسميته القديمة نادي الاعظمية بعد الغاء مراكز الشباب وهو شاخص حالياً بساحة عنتر في منطقة الاعظمية وكذلك اشرف على تدريب ابطال نادي الهواة الرياضي الذي كان يعد واحداً من ابرز اندية العراق التي تمارس فيها رياضة رفع الاثقال ولوجود عدد كبير من الابطال في هذا النادي العريق الذي ازيل من الوجود واندثر وتحول إلى مقر لوزارة الاوقاف بالاضافة إلى تدريبه فرق الاندية قام اسكندر بتدريب محبي وعشاق الرياضة من وجهاء واعيان بغداد وتحويل بيوتهم الكبيرة العامرة إلى قاعات كدار الدكتور (فيض الزهاوي) في شارع ابي نواس ومن غرائب الصدف ان النحات والرياضي اسكندر يقوم بنفسه بصنع اقراص الاثقال وبطريقة بدائية مبتكرة في ذلك الوقت وذلك عن طريق عملها بالصب الاسمنتي ،ومن ابرز الرباعين القدماء الذين تتلمذوا على يد الخبير الرياضي البطل العالمي ناصر الغافقى ودكتور القلب والجراح الماهر المشهور يوسف النعمان والدكتور فيض الزهاوي وغيرهم من الابطال والشخصيات المعروفة في بغداد انذاك وقد تنقل النحات والرياضي المتعدد المواهب اسكندر الروسي إلى عدد من المهن والاعمال الحرة والتجارة وقد سجل نجاحاً ملحوظاً فيها كما كان حظه من النجاح والشهرة مع عالم الرياضة وازميل النحت.