مقارنه بين تاريخ السياسة وتاريخ الأدب..قراءة في رواية  جنود سالامينا   للروائي  خافيير سيركاس

مقارنه بين تاريخ السياسة وتاريخ الأدب..قراءة في رواية جنود سالامينا للروائي خافيير سيركاس

ضحى عبدالرؤوف المل
"جنود الادب هم الاقوياء دائما وان خسروا" لان من يربح الحرب هم الشعراء . يحاول الروائي الاسباني "خافيير سيركاس" ان يشن حربه في رواية "جنود سالامينا " بواقعية متخيلة تشد فيها الشخوص رحالها، لتخوض معركة الرجاء في الابقاء على مجد الادب في التاريخ الذي نطوي صفحاته غالبا دون الاكتراث بالتفاصيل الصغيرة التي تبقى طي الكتمان في الحروب وصراعاتها ،

القائمة على الايمان بالشيء، والدفاع عنه من قبل فريقين يتقاتلان حتى الموت، فالايديولوجيات المتصارع عليها هي كرموز تفصل بين الحياة والموت عندما تصبح اليقين الذي يصبو اليه اصحاب الحروب. او من يتسبب بها، وربما من يغذيها ويحاول اشعال نيرانها التي تأكل الاخضر واليابس، فهل من وجه مقارنه بين تاريخ السياسة وتاريخ الادب؟ وهل تفرق الاحداث الادبية ما يجمعه الحدث التاريخي؟
لا يمكن للادب ان يكون عملية احتيال ينسجها الضعفاء في الحروب ، لان للادب خياراته الفعلية التي تختلف عن الخيارات الاستراتيجية التي قامت بها عائلة فيغيراس ، كما يقوم هو بخلق حبكة تطيع السرد واحتمالاته القائمة على اكتشاف الحقيقة كاملة، وبسؤال يؤدي الى اخر كي ينتزع من الاذهان تحليلات تساعد في ايجاد استنتاجات له مفعولها في الرواية. للاضاءة على حدث واكذوبة للاضفاء على السرد نكهة الاثارة الروائية في التقصي والمتابعة، فهل اراد "خافيير سيركاس" ان تكون روايته جزءا من المحفوظات التاريخية التي يمكن الاعتماد عليها لمعرفة الادب التاريخي في ارشفة الحقائق بصيغة روائية ؟
يعتمد "خافيير سيركاس" في روايته على خلق استنتاجات مختلفة ينسخ بعضها البعض، لتنجلى الحقائق بعد عدة تساؤلات ، فمن المؤكد ان التحقيق الصحفي قد تأثر بانتزاع المعلومة. لتكون في سرد محبوك له وقعه الفكري في ذهن القارئ، ويؤثر على منطق الاحداث المتخيلة، والمتعطشة الى بناء الافكار المساعده في نسج بعض الاساطير كتلك التي ذكرها في الرواية عن العائلات التي تحاول نسج الاساطير عن والدها كادوار البطولة وما الى ذلك.
تقدم رواية " جنود سلامينا " صورة واضحة عن قيمة الادب في التاريخ ودوره في خلق موازين الربح والخسارة مع الحفاظ على مفهوم الانسانية في الحروب والانتهاكات التي تحدث للبشرية بأكملها، ويحفل القلم في تأرخيها بل! والبحث عن حقائقها ليرسم " خافيير سيركاس " فانتازيا ممزوجة بالأدب المحافظ على تركيبة روائية ذهنية في انسيابها وتحليلاتها ووضع القارئ امام الاستنتاجات، ليستكشف مع الروائي الاحداث عبر منطق الادب الروائي التاريخي الذي يعيد تصحيح المسار من خلال العيش في الاحداث التي تم جمعها وتركيبها وتحليلها، وكأنها تؤكد على فهم هوية الادب ودوره المهم، والبارز في الحروب بل! وتأثيراته التي تمتد الى ما بعد الحرب ، وحتى المستقبل لنمجد الادب الروائي ونجعله كنوع من الحروب الادبية المهمة للبقاء على الفكر الانساني.
للحروب ثقافتها، وهذا ما يحاول "خافيير سيركاس" ايصاله الى القارئ ، ليرى من خلال المخيلة الروائية وقائع الحروب ومغزاها في طبيعة السرد المختزن لحركة الشخوص وانطباعاتها عن الاحداث التي جعلت من التأثيرات النفسية تحولات دراماتيكية لها مكانها في السرد المشحون بالاستنكار لتشكل الرواية الحاضنة لحياة "سانشز مازاس " فإن خسرنا الحرب لا يمكن ان نخسر الادب وهذا ما اشار اليه في البداية من خلال قول "اندريس ترابيللو"" كانوا قد ربحوا الحرب ، لكنهم خسروا موقعهم في تاريخ الادب" فهل الشكل والتقنية الروائية هما ابراز قيمة الموضوع او الفكرة الذهبية التي انطلق منها "خافيير سيركاس"؟
طبيعة روائية بارزة في دورها الادبي، لتكوين مفاهيم ادبية اثناء الحروب، والتي لا يقل شأنها عن الفروسية او الصراع الفكري الانساني الذي يترك بصمته عبر التاريخ، وبأسلوب له انطولوجياته وحيثياته في تحقيق الدور الجمالي الاكثر حساسية من اسلوب القتل والظلم وما الى ذلك . اذ تحمل الحروب في جعبتها عدة متناقضات تبقى في سجلات الاقوال والافعال للقادة وعبر احاديث الناس ايضا وما يبقى في ذاكرة الحروب من مواقف مؤيدة او معارضة فلماذا يتم الهجوم في الحروب على الادباء والشعراء؟ وما هو تأثير كل منهم على الاراء والافكار للناس ؟ وهل يستطيع الشاعر او الاديب تغيير اتجاهات الهروب او التأثير على موازين الربح والخسارة ؟ اسئلة يتركها "خافيير سيركاس " في روايته التي نسجها عبر حبكة اهتمت بالشكل الروائي اولا، ومنحه قيمة تحليلية اكثر جدية من تلك التي يقوم بها المحقق او المؤرخ التاريخي البحت.اذ حافظ على الثيمة الاخلاقية للادب بشكل غير مباشر مكثفا الكثير من التفاصيل لتكون كتحقيق ادبي في عمل روائي بغية التأكيد على اهمية الادب والادباء في ثقافات الشعوب.