ضحى عبدالرؤوف المل
يحاول الدكتور ياسر"عبدالحسين"في كتابه"الحرب العالمية الثالثة.. داعش والعراق وادارة التوحش" الصادر عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر وضع هذا العنوان كتعريف تحت المجهر، لينطلق نحو المفاهيم الاخرى ويتوسع بها، وكأنه يوحي للقارئ ان الحرب العالمية الثالثة قائمة ضمن الكثير من المعطيات التي يقدمها في بحثه او كتابه الذي يهتم بادارة التوحش وابعاده،
كسلاح لم يتم اكتشافه بعد. الا انه موجود والحرب به فعليا قائمة وان بشكل غير مباشر، وهي سلاح بدائي معاصر يتم استعماله منذ العصور القديمة وحتى الان، وان ما يقدمه في الكتاب من فلسفة منطقية وعقلانية بعيدة عن الوجدانيات هي حقائق ليست كاملة. انما تكملها الاحداث القائمة في الكثير من الدول عبر التحليل والتمحيص والرجوع الى ما وراء الحدث. اسبابه! اهميته! والاهم من كل هذا اتجاهاته وردة افعاله، لتكون كالفعل وردة الفعل المتوقع الناتج عن ادارة التوحش في العالم الذي نجهل ماهيته. الا اننا نلمس نتائجه على الارض في الحروب الدموية البعيدة عن حقوق الانسان او الانسانية بمعناها الكامل والتي دونها لا يمكن ان ننشد السلام.
"كل الدول تتفق على تجريم الارهاب وكلها تتبادل الاتهامات بالارهاب"مما يمنح تجريمه او تحريمه او التعاطي به معضلة في تعريفه بين من يقع تحت الاستعمار وبين من هو مستعمر في حقه بالمقاومة، وهذا بحد ذاته يولد مفارقات عديدة لتعريف الارهاب قبل الحرب، فاللعبة الدولية تقتضي معرفة الحقيقة بالحدث دون جدلية تضع الموازين الارهابية بين الموافق والمعارض لان الارهاب يحتاج لهوية لا تضليل فيها قبل الانطلاق في لعبة الامم والحروب بكافة اشكالها الاقتصادية والاجتماعية الخ..هي حروب لا يمكن ان تخلو من ارهاب باشكال مختلفة وبهذا تكون الخطورة اكبر مما نراه ظاهريا عبر الاعلام او غيره.فهل للارهاب دراما خاصة به وهل يمكن استهلاكها وفق شرعية هدفها السيطرة على العالم؟.
تساؤلات يطرحها القارئ على الكتاب، ليدخل معه في حوار ذهني مع التحليلات التي يقدمها دكتور"ياسر عبدالحسين"مركزا على اهمية اللعب السياسي وفلسفته في اضفاء جملة من التفسيرات ليشعر القارئ انه لاعب في الكتاب بل كأنه ضمن السياسات التي تفرض نفسها في لعبة استراتيجية او سيكو ستراتيجية والهدف السلطة حتى القارئ وهو يقرا الكتاب يمارس سلطة التحليل ما ما كتبه دكتور ياسر باسلوب حاذق ليصل الى نتيجة مع ذاته فيقنعها باستنتاجات ما توصل اليه قبل ان يتسرب ذلك الى القارئ وهذه حبكة تحليلية كتابية ذات مهارة بحثية ممتعة تؤدي في استنتاجاتها اننا ما زلنا مضغة سياسية في لعبة الامم الا ان استطعنا تغيير اللعبة او ادارة التوحش لنصل الى المبتغى الاممي وهو المنطق في الحروب واحترام قواعدها لنبقي على قيمة الصراعات وهذا طرح لا اعلم ان كان استنتاجه وليد فكر ذاتي بعد قراءتي للكتاب الذي جعلني اؤمن ان السلام لا يعني انهاء الصراعات انما احترام قواعد لعبة الحروب تمام كالالعاب الاكترونية فهل من حرب دماغية ستنشأ لاحقا؟
الهدف داخل الحياة يختلف عن خارجها، وهذا له اهميته في تعريف الانتحار ايضا، ليكون جزءاً مهما من ادارة التوحش ودراسته دراسة كافية وافية، بمنطق تحليل الاشياء لا فرضها.لتستحوذ فكرة برنار لويس والانسجام مع النهج الداعشي في نظرية المؤامرة او توفير نشر الفوضى الخلاقة، وتغذية المخيلة بما يساعد لتنفيذ الاجندات من عدة وسائل، والاهم من كل هذا ان"الحرب تساهم في تحول الكائنات الطبيعية الى كائنات غير طبيعية وذات مناعة قصوى.فهل من اجندات خارجية ترتبط بها التنظيمات الناتجة عن مفارقات يفرضها سلوك الجماعات الي اشار لها دكتور ياسر عبدالحسين؟
الاصل الاخلاقي واللاخلاقي للحرب، والفروقات بين الايمان بالواقعية المطلقة، والواقعية الجزئية والتشتيت حتى عدم السماح بالتقاط الانفاس. ومضات لها الضوء الاكبر لانارة الفكر وتحفيزه في تجميع خيوط التحليلات، وفق التسلسل الذي يمنحه الكتاب كي يتم ادراك المعنى لادارة التوحش وما وراء الخلفيات التي يستعرضها. اي رؤية الابعاد بكافة قوتها وصعوبة تقبلها ايضا. لان الاقرار بمنطق الافكار المطروحة هو الاقرار بتظافر لذة الانقضاض التي يؤكد عليها"روجيه كايو"وهذا ربما يخيف القارئ، ان امتدت ادارة التوحش نحو المقدسات وقد يحاول القارئ انتزاع الفكرة، ولكن دكتور ياسر لا يتوقف هنا بل يعمل على تدعيم طروحاته بامثلة تغذي اتجاهات الكتاب الفكرية ولعبة النقاط المتعددة لاضاء النقطة المركزية، وهي ادارة التوحش وباب الحرب العالمية الثالثة يحتاج لمن يوصده.
ما من امة تستطيع القيام دون ثقافة يلخصها القارئ بعدالوصول الى فكرة الالغاء الثقافي، فما يقدمه الكتاب من تحليلات جريئة ومنطقية تتخذ بابعادها كافة المعطيات مع الحفاظ على الاخذ من افكار بعض المفكرين. ما يقوي دعائم الاسس التي تتم في الكتاب الذي لا يمكن تلخيصه بأسطر. الا انه يقدم للباحثين وللقراء ولكل من يهتم بلعبة الحرب العالمية الثالثة نقطة انطلاقة بمثابة فتح فكري جديد له اهميته البحثية في تحقيق الكثير من النقاط لتوضيح ادارة التوحش والحرب العالمية الثالثة.