ستانلي كوبريك: المخرج المُجدِّد

ستانلي كوبريك: المخرج المُجدِّد

ليث عبد الكريم الربيعي
يُعد (ستانلي كوبريك) احد اكبر مخرجي الافلام المثيرين للجدل في السنوات الثلاثين الاخيرة، أعمال ستانلي كوبريك رأت المديح واللعن بالحماسة نفسها، كما ان اسلوبه البصري الرائع بشكل كبير اكسبه كثيرا من المديح، احساسه غير المألوف للقصة اثار سخرية نقدية في اغلب الاحيان. وفوق كل ذلك بقي فنانا فريدا في وسط يسيطر عليه التكرار والتقليد اذ تجاوزت رؤيته الطموحة قدرته أحيانا لإرضاء مطالب صُناع الافلام الرئيسيين.

بعد بعض النجاح كمصور لمجلة المنظر في أواخر الاربعينيات، كوبريك الشاب انتج وباع عدة افلام وثائقية قبل ان يحاول انتاج افلام روائية ذات ميزانيات قليلة وذاتية التمويل كـ(خوف ورغبة ـ 1953) و(قبلة القاتل ـ 1955). نلمح في هذه الاعمال المبكرة شيئا من التألق.
ثم عمل مع المنتج جيمس بي. هاريس، فكان قادرا اكثر على تغيير فريق الممثلين والطاقم المحترف بعمله القادم، (القتل ـ 1956)، وهو دراما مطمئنة معدة بشكل جيد حول سرقة في مضمار سباق. في وقت كان منتجو الافلام المستقلون نادرين، هنا بدأ النقاد بأخذ الملاحظات.
بعد ان أثبت بأنه يمكن ان ينجح كمخرج في هوليوود، ترك الولايات المتحدة لانجلترا في عام 1961. هناك اخرج وانتج سبعة افلام في ثلاثين سنة، كلها مصنوعة بدقة شديدة، لدرجة كبيرة مختلفة عن الآخرين.
)لوليتا ـ 1962) اقتباس لرواية فلاديمير نابوكوف المثيرة للجدل حول عشق رجل متوسط العمر لبنت بعمر 12 سنة. مع ذلك كوبريك ومنذ ذلك الحين قد تذمر بان الرقباء المتحمسين جدا منعوه من تقديم القصة بتفاصيلها كاملة بشكل ملائم ـ حتى انه اضاف سنتين لعمر لوليتا ـ يقف الفلم اليوم كنموذج رائع، عن التورية الكوميدية.
اللمسة الساخرة في لوليتا انفجرت الى الابعاد الكونية في فيلمه القادم، (الدكتور سترانجيلوف: هكذا تعلمت التوقف عن القلق واحببت القنبلة ـ 1964) ربما انه الكوميديا الانتقادية الاذكى في العقود الثلاثة الاخيرة ـ من سخرية القدر، ان المشروع بدأ كقصة مثيرة وخطيرة حول احتمالات المعركة النووية الفاصلة ـ سخرية كوبريك المظلمة عن رغبة رجل في تحطيم نفسه واكتسابه السمعة، ببرود ووحشية لم نشاهد مثلها من قبل.
على الرغم من بعض ردود الأفعال الأخلاقية، فان نجاحات لوليتا وسترانجيلوف، مع عمله السابق في (سبارتاكوس) اكسب كوبريك الحرية لاختيار مواضيعه الخاصة، والاكثر اهمية، لممارسة السيطرة التامة على عملية صنع الافلام حرية نادرة لأي مخرج سينمائي.
المنتج الاول في هذا الترتيب كان فيلم الخيال العلمي الكلاسيكي، (سفينة الفضاء: 2001 ـ 1968) خمس سنوات من العمل، اعاد فيها كوبريك تعريف حدود النوع وأسس توافقات بصرية، واستعارات فلمية ومؤثرات خاصة بقيت كمعايير للصناعة الجيدة الى التسعينيات، (سفينة الفضاء: 2001) عمل من كوبريك بطلا ثقافيا. على الرغم من مراجعات النقاد في وقت اطلاقه.
اثبت كوبريك سمعته ضد المؤسسة فاتبع (سفينة الفضاء: 2001) بالعمل المستقبلي الاخر (البرتقالة الآلية ـ 1971) عن رواية لـ أنتوني بيرجس. لا يمكن لناقد ان يأخذ موقفا غير ملتزم حيال هذا الفلم عن شرير عنيف ولا اخلاقي، أليكس (مالكولم مكدويل)، سلوكه عديم الرحمة يربط بحالة ـ شيطانية على حد سواء ـ آلة تصوير كوبريك تحركت بجرأة لا نظير لها في السينما المعاصرة.