واقعية الرواية السحرية.. أساطير من عيون التراث

واقعية الرواية السحرية.. أساطير من عيون التراث

ظهرت الواقعية السحرية بفعل مجموعة من العوامل، من أهمها التطور الإبداعي العالمي في الرواية والقصة القصيرة. وتقوم الواقعية السحرية على قواعد ثلاث:
الجانب العجائبي المتمثل في قصص «ألف ليلة وليلة» وحواديت الأمهات والجدات، والجانب الأسطوري والجانب السيريالي الذي أحدث ثورة في الأدب المعاصر.


وهذا الكتاب يقدم نماذج الواقعية السحرية في الرواية العربية المعاصرة، يتبعه ملحق عن القصة القصيرة، ويهتم الكتاب بجذور هذا التيار في التراث العربي وما لها من تأثير على الإبداع العالمي وعلى مخيلة الأديب العربي المعاصر.
«الواقعية السحرية في الرواية العربية» هو كتاب صدر حديثاً لمؤلفه د. حامد أبو أحمد، الحاصل على الدكتوراه في الأدب الإسباني من جامعة مدريد، فعبر 17 مقالًا يقدم المؤلف كتابه الذي يتناول أبعاد منهج الواقعية السحرية في الرواية العربية من خلال نماذج ممثلة في الأدب العربي، كأعمال كُتّاب مثل نجيب محفوظ وخيري شلبي ويوسف أبو رية وعبد العال الحمامصي وسعيد الكفراوي وغيرهم.
ويستهل الكاتب مؤلفه بالقول: «يظن بعض الكُتّاب في مصر والعالم العربي أن الواقعية السحرية ليست أكثر من الدخول في عالم الجن والعفاريت، وما إلى ذلك مما نسميه الجانب العجائبي في حياة الإنسان، والذي تمثله عندنا خير تمثيل قصص «ألف ليلة ليلة» و«حواديت الجدات».
ولكن الحقيقة أن المسألة أعمق من ذلك بكثير، سواء فيما يتعلق بتراثنا القصصي والإبداعات القائمة على رواية الأخبار والحكايات وغير ذلك، وبعضها يدخل في الكتابة التاريخية نفسها بوصولها إلى ذلك، أو فيما يتعلق بهذا التيار الجديد «الواقعية السحرية» الذي حظي خلال النصف الثاني من القرن العشرين بانتشار عالمي لا مثيل له.
والواقعية السحرية، كما يذكر مؤلف الكتاب، لم تكن مجرد تيار ظهر فجأة أو نشأ بالمصادفة أو انبثق لمجرد أن كاتبًا ما خطر له أن يدخل في رواية ما أو مجموعات روايات وأعمال قصصية بعض هذه العوامل الغريبة التي نطلق عليها صفة العجائبية، ولكن الواقعية السحرية -على العكس من ذلك- ظهرت نتيجة لمجموعة من العوامل الفاعلة والمؤثرة، من بينها «التطور الإبداعي».
ومن الأشياء المهمة في الواقعية السحرية، بالنسبة لنا، أن كتاب أميركا اللاتينية الذين كتبوا في هذا التيار اعترفوا بأن ألف ليلة وليلة كانت جزءاً من تكوينهم، وفي ذلك يقول جارثيا ماركيز إنه استلهم من «ألف ليلة وليلة»، وكان يعتبره الكتاب الأول الذي عرفه في حياته وهو في عمر السابعة.
وفي صلب مقالات الكتاب، يرصد مؤلفه الدكتور حامد أبو أحمد ملامح وجود الواقعية السحرية في أدب نجيب محفوظ المعروف بواقعيته، في روايته «ليالي ألف ليلة» التي استندت على عدة ركائز، منها الواقع السحري المستلهم من هذا العمل العربي العالمي وهو ألف ليلة وليلة، والركيزة الثانية هي الأحوال والمقامات الصوفية، ثم الركيزة الثالثة وهي الصراع بين الشر والخير، وهذا الصراع ممتد ولا ينتهي أبدًا.
ويتناول أحد مقالات الكتاب أيضًا إبداع الروائي خيري شلبي وروايته «الشطار» كنموذج عن حضور الواقعية السحرية في الرواية العربية، يقول مؤلف الكتاب: كتب شلبي الرواية في أواخر عقد السبعينات ويقدم لنا من خلال شخصياته المذكورة صورة عما كان يجري في المجتمع في عقدي الستينات والسبعينات؛ حيث بدأ الانهيار الأخلاقي والجري وراء الأموال والوساطة والمحسوبية والتسيب والفساد وغيرها من صور التردي والانكسار.
وفي حدود 470 صفحة، قدم شلبي الواقعية السحرية في بعض ملامح روايته؛ حيث يقوم الكلب بدور الراوي، كما يقدم الكلب تأملات مهمة من ذاكرته الكلبية التي رُبيَّ عليها بمنهج الفترات الزمنية المتسلطة، بمعنى أن كل فترة تستهدف أول ما تستهدف هذه الفترة التي سبقتها.
وينال القاص سعيد الكفراوي قسمًا من الاهتمام في كتاب «الواقعية السحرية في الرواية العربية»، من خلال التعمق في مختاراته القصصية «كشك الموسيقى» الصادرة عام 2003، ويعتبر المؤلف أن سعيد الكفراوي مثل راهب متبتل في محراب القصة القصيرة؛ لأنه منذ بدأ الكتابة وإلى الآن لم يخصص نفسه إلا لهذا اللون من الأدب.
عن البيان الاماراتية