نصف يوم عطلة .. مع المشير السلال

نصف يوم عطلة .. مع المشير السلال

ليس للمشير السلال يوم عطلة، ولكن"المصور"استطاع ان يصحبه في احدى المرات النادرة التي ياخذ فيها عطلة قصيرة من مشاغله التي استغرقت كل وقته.. ولم تزد العطلة على نصف يوم..
قلت للسلال الزعيم الذي فوض حكم آل حميد الدين في اليمن:

- كيف تقضي يوم العطلة؟
وابتسم الرجل الذي ما زالت اساريره تحمل عذاب السجون وهمومها وقال:

- ليس لدينا عطلة على الاطلاق.. ان اليمين في حاجة الى كل دقيقة.. لقد تعطلنا كثيرا واخرنا حكم الائمة الاف السنين، ولا بأس من ان نرى ماذا نفعل يوم الجمعة.
وكانت الساعة السابعة صباحا، عندما توافد الى منزله اعضاء مجلس الثورة والوزراء وعقدوا جلسة سريعة تداولوا فيها مواد الدستور الذي كان سيعلنه في اليوم التالي.
وهو اول دستور يعلن في تاريخ اليمن واستمرت الجلسة اكثر من ساعة ونصف ثم خرجوا جميعا لكي يتوجهوا الى دار سفارة الجمهورية العربية المتحدة، وكان في استقبالهم كبار موظفي السفارة فقد كان القائم بالاعمال غالبا في القاهرة.
وفي السفارة ثم اجتماع كبير استمر حتى الساعة العاشرة والنصف، وبعدها خرج المشير السلال ليؤدي صلاة الجمعة، وفجأة استدارت سيارته الى احدى الحواري قبل ان يصل الى المسجد. وفوجئ الركب بانه في طريقه الى زيارة منزل شقيقته، وهي تقيم في صنعاء ولكنه لم يتمكن من رؤيتها منذ قامت الثورة.
وتكدست سيارات الموكب في الحارة الضيقة، ولم يطل الانتظار اكثر من دقائق ثم خرج ليسير والركب الى طريق الروضة التي تبعد عن صنعاء خمسة كيلو مترات، وهناك اشار السائق ان يتجه الى طريق جبلي ير طريق المطار.
وكانت السماء توشك ان تمطر فقد تجمعت كتل السحاب تكاد تمسح بوجهها رأس الجبل صاعدا نحو القمة، وكانت مشاغله تطفو على وجهه وحينما لاحظ اني التقط له بعض الصور.
قال وكانه تذكر تكملة الجواب على سؤال الصباح:
- ان الشيء الوحيد الذي يسعدني هو ان اخرج الى الجبال بين الحين والحين، الهواء والسماء والحرية شيء كالذهب لا يعرف قمته الا من دخل السجن.
وكان الرجل يتكلم وفي نبراته الصدق، والاحساس بالمسئولية والحب نحو شعب باكمله كان محروما من كل حب.
وازدادت قطرات المطر، وابرقت السماء فانسحب الركب كله عائدا الى صنعاء، ودخلنا من جديد المدينة، ذات الاحد عشر بابا واتجه المركب الى المسجد الكبير لكي يؤدي المشير السلال صلاة الجمعة وبعدما عاد الركب الى منزل المشير حيث احاط بسيارته بعض اصحاب الحاجات، وكانوا جميعا يقدمون اليه اوراقهم داخل سيارته.

المصور / نيسان- 1963