أوجاع الروح وحالات البوح والغربة في معرض استعادي لفتاح بجاليري «4 جدران»

أوجاع الروح وحالات البوح والغربة في معرض استعادي لفتاح بجاليري «4 جدران»

محمد جميل خضر
تجاور 35 عملاً نحتياً وتشكيلياً عكست بمجملها مراحل مختلفة من مشوار الفنان العراقي الراحل اسماعيل فتاح الترك في المعرض الاستعادي المقام وفاء لذكراه في جاليري 4 جدارن والذي افتتح اول من امس برعاية وحضور وزير الثقافة د. امين محمود.

واشتمل المعرض الذي جاء اساساً بمبادرة من ارملة الراحل دالية شاكر على اعمال تعرض لأول مرة في الاردن وثلاثة منها تعرض لاول مرة على الاطلاق(رجل وامرأة، وجه فسفوري، والحصان) التي كانت آخر ما انجزه فتاح قبل رحيله العام 2004 في بغداد بعد صراع مضنٍ مع مرض السرطان.
وشملت الاعمال الجديدة عدداً من الاعمال الجرافيكية بقلم الرصاص والفحم والتخطيطات التي انجزها فتاح (1934-2004) في الدوحة اثناء وجوده هناك.
وشكل موضوع الحب بمعانيه وتجلياته غير المحدودة ثيمة رئيسية في اعمال فتاح الذي رأى الى ذلك في الوجوه مساحة خصبة من التجريب والتجريد بألوان الاكليريك والماء والزيت وحتى في خطوط الرصاص الرمادية والسوداء.
كما شكل الجسد الانساني أفقاً واسعاً لفداحة الحلم وارتداداته المصابة بالانتكاس احياناً والاقدام احياناً اخرى في حركية بندولية افرغ فتاح خلالها مكبوتات الوجع الانساني وتشوقاته، خصوصاً عندما يتعلق الامر بالوعي العربي ومرجعياته المحافظة حول الجسد ومخزونه الجمالي الدلالي.
وسواء كان الرسم على الورق او على القماش او نحتاً للمعدن او الحجر فقد ظل فتاح اميناً في مجمل اعماله لهواجس روحه واشواق وجده, وتباين مستوى ضغطه على الريشة او القلم ومستوى كثافة اللون وهشاشته، مع تباين الحالة النفسية التي نفذ فيها فتاح اللوحة, وظل شاباً في توقده متمرداً في خطوطه من دون ان يوهنه المرض او يجعله تقدم العمر منكفئاً على كلاسيكية راضية او وضوح دلالي مطمئن.
وشكلت المشاكسة والابتعاد عن العادي عنواناً رئيسياً في اعماله والتفت كما كان يفعل قبله شاكر حسن آل سعيد الى الهامشي داخل اطار الصورة وحرق بعض ألوانه او جعلها قريبة من لون الحريق.
وفي آخر اعماله كان الفسفوري المشع بطاقة الحياة خياراً في واحدة من اعماله(الوجه الفسفوري) وحملت اللوحة اصراراً على الحياة وتدفقاً نحو الغد الأفضل رغم ما بدا في الوجه الساكن عمقها من ملامح الحزن الشفيف.
وجاءت لوحة(الحصان) وفي سياق آخر لوحة (رجل وامرأة) معبرتين في ابعادهما النفسية عما كان يعتمل فؤاده في آخر ايام المرض من اشواق مكبوتة وحيوات يتطلع اليها ربما من بعيد, تطلع الايدي المكبلة والانفاس المحروقة في افق الواقع القاسي.
ولم يقتصر عنوان(رجل وامرأة) على لوحة واحدة بل كان اضافة للوجوه المتكررة من العناوين الرئيسية في المعرض المتواصل في جاليري 4 جدران حتى السابع من الشهر المقبل.
وبدءاً من المنحوتة البرونزية (الرجل الكرسي) التي انجزها فتاح العام 1963 وحتى اللوحات المنجزة العام 2004، شكل المعرض استعادة ووفاء اطل بحب على مفاصل رئيسية ومتنوعة من تجربة التشكيلي والنحات العراقي الذي عاش اضافة لأوجاع الروح وأحلامها وصبواتها اوجاع الغربة والترحال.