من دفاتر يوميات حسين جميل..حلف بغداد..لقاءات واجتماعات وذكريات

من دفاتر يوميات حسين جميل..حلف بغداد..لقاءات واجتماعات وذكريات

اعداد: عمار عبد القادر الزهاوي
الاحد في 18 مارت 1956
منذ امد طويل والمساعي تبذل والاجتماعات تعقد والرسل ينتقلون بين بعض الساسة مثل حكمت سليمان ورضا الشبيبي ومصطفى العمري والسيد محسن ابو طبيخ وفخري الجميل وصالح جبر والسيد عبد المهدي، ثم بين هؤلاء من جهة وكتلة الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وبعض المستقلين الاخرين مثل مزاحم الباجه جي وناجي شوكت وسعد عمر وعبد الرزاق الظاهر ونجيب الصائغ

في سبيل وضع نقاط محدودة من الاهداف التي يعمل لها فانفرط اول ما انفرط عقد حكمت سليمان ومصطفى العمري حتى انهم بعد الاجتماع الذي عقدوه في دار فخري الجميل يوم 9/3 عرضوا ان يجتمعوا في بيت فخري الجميل ثم مصطفى العمري ثم حكمت سليمان فاعتذر كل منهم ثم عرضوا على السيد محسن ان يجتمعوا في داره يوم الاحد القادم 11/3 فقلبوا، بقى صالح جبر ورضا الشبيبي وقبلا مبدأ وضع منهج صغير من النقاط المتفق عليها في منهج العمل على ان تسعى لتحقيق اهدافهم واجتمعا يوم امس في بيت رضا الشبيبي مع كامل الجادرجي ومهدي كبة وحضر الاجتماع نجيب الصائغ. واخبرني كامل الجادرجي ان الاتفاق قام على النقاط وان السياسة الخارجية استبعدت لارتباط صالح جبر بحلف بغداد (الذي سبق ان وافق عليه في مجلس الاعيان – وهو سياسته ايضا).
ولان ذكر السياسة الخارجية او السياسة العربية من دون حلف بغداد يكون ناقصا بل مضرا "وهو راي ارتأيناه انا ومحمد حديد في اجتماع صغير ضم كامل الجادرجي ومهدي كبة في بيت الاخير حصل وقبل الاجتماع في بيت رضا الشبيبي وقد حصل الاتفاق عليه"، واعلمني كامل الجادرجي انه سياتيني في داري الساعة الثالثة بعد ظهر اليوم وان الشيخ رضا الشبيبي والشيخ محمد مهدي كبة شيأتيان في الساعة الرابعة لوضع صيغة المنهج الذي يضم النقاط المتفق عليها لتوقيعه في اجتماع يعقد في الساعة السادسة من بعد ظهر هذا اليوم. فحضر ومعه صديق شنشل بعد الثالثة بقليل واتفقنا على وضع الصيغة التالية:
"لما كنا نعتقد بتردي الأوضاع العامة في العراق قد بلغ حدا بالغا في السوء لا يمكن السكوت عليه، ولما كان تمادي الوزارة القائمة في إهمال أحكام القانون الأساسي والاستهانة بحقوق الشعب، جعل كل مواطنا فاقدا لجميع حقوقه السياسية كحق التنظيم الحزبي وحق الانتخاب وحرية التعبير عن الرأي وغير ذلك من حريات عامة وخاصة. مما ادى الى ضياع سيادة الشعب ومسؤولية الحكومة واستشراء الفساد الأمر الذي يهدد كيان البلاد بأعظم الأخطار فوق ما تعرضت له من اسواء.
ولما كان تغير هذا الوضع يتطلب تضافر الجهود وتوحيد المساعي في العمل على تحقيق الاهداف المشتركة التي تم الاتفاق عليها بين مختلف الهيئات دون ان يمس ذلك بحق كل منا في ان يتخذ الموقف الخاص في الشؤون الاخرى مما لا يتعارض والنثاط المتفق عليها. لذلك فنحن على اختلاف هيئاتنا قد وطدنا العزم على انتوحد مساعينا لتحقيق الاهداف التالية:
1. وضع القانون الأساسي بجميع ما يتضمن من حقوق للشعب وحريات عامة وخاصة موضع التطبيق السليم.
2. إلغاء المراسيم من القوانين التي صدرتها الوزارة مما يخالف أحكام القانون الأساسي، ويتعارض وحقوق العراقيين والحريات الدستورية كالتشريعات المتعلقة بالجمعيات من الاجتماعات العامة والمطبوعات واسقاط الجنسية العراقية.
3. احترام حق التنظيم السياسي وحرية الصحافة.
4. حل المجلس النيابي القائم وإجراء انتخابات حرة.
ثم حضر محمد مهدي كبة ومحمد حبيب ورضا الشبيبي واحدا بعد الآخر وبحضورهم وضعت الصيغة المتقدمة وكان الشيخ محمد رضا الشبيبي قد هيأ صيغة قرأها علينا وهي مشابهة للصيغة المتقدمة، غير اننا رجحنا الصيغة التي وضعناها. ورؤي ان يقابل جلالة الملك وان تقدم اليه مذكرة صغيرة تتضمن النقاط المتفق عليها، فوضعنا هذه المذكرة تبدأ بالنهج المتقدم ثم نقل قسما من مسودة الشيخ رضا الشبيبي (بوجوب العمل على تحقيق الأهداف) ثم يرد ذكر النقاط الأربعة المقترحة.
ذهب محمد كبة الى داره بانتظار ضيوفه ثم ذهب بعده كامل الجادرجي ورضا الشبيبي بعد ان اتفق كامل الجادرجي مع صديق شنشل على وجوب حضوره فوعد بالحضور بعد عشرة دقائق ورجع محمد حديد الى داره انا الى مكتبي.
وفي الساعة 7.20 رن جرس التليفون في المكتب واذا بالمتكلم كامل الجادرجي، وقد اعلمني انه بداره وانه سيخبرني بما تم عند حضوري الى داره، وقد ذهبت اليه بعد الثامنة بقليل. علمت انه عندما بدأ بقراءة المسودة ابدى صالح جبر رايه قائلا: "هل هناك لزوم لكتابة بشيء وان الاخوان سيسالون ذلك" ويقصد بالاخوان اصحاب حزب الامة، وبعد ان قال له كامل الجادرجي ان كتابة النقاط والتوقيع عليها وتثبيت النقاط والاتفاق عليها تم يوم امس وان من المتفق عليه ان نوقع اليوم فقط "وقد ايد ذلك محمد مهدي كبة" ووضع رضا الشبيبي صيغة دليل على ذلك ايضا. ولما كان موقف صالح جبر كان عدم التوقيع على شيء فقد ترك كامل الجادرجي الاجتماع الى داره "ملحوظة ان كامل الجادرجي يستقبل اليوم ضيوفه اعتبارا من الساعة السادسة".
وهكذا وضعت نهاية لهذا المسعى على الشكل الذي مر بنا.
فاتني ان ادون في هذه المذكرات زيارة احمد بن بيلا لي في مكتبي، وهو قائد جيش التحرير الجزائري الذي يحارب الفرنسيين ببطولة لا حد لها. لا اذكر يوم زيارته بالضبط انما مكوثه في بغداد كان بين 7/3/1956 الى 22/3/1956.
واحمد بن بودا جاء إلى بغداد وقد زرته في فندق (تايكرس بالاس) وكان بقاؤه في بغداد بين 18/2/1956 الى 26/3/1956

الجمعة في 23/3/1956
قال كامل الجادرجي ان الدكتور ناجي الأصيل رجل صادق وانه روى له ان جلالة الملك حسين استدعاه يوما ولم يكن مرتاحا وانه (اي ناجي الاصيل) راى برقية وضعت في اطار وعلقت على الجدار وان الملك حسين قال له مشيرا الى البرقية "ان هذه البرقية من فيصل يخبره فيها دخوله الشام فاتحا (الحديث متأخر عن واقعة دخول فيصل للشام)، وقال الملك حسين للدكتور ناجي الاصيل (ان فيصل اول من خان القضية العربية) يشير بذلك الى انه قبل مبدا تجزئة ابللاد العربية بقبوله عرش الشام منفصلا عن الدولة العربية الواحدة التي كان يطالب بها الملك حسين".
روى لي كامل الجادرجي انه سمع هذه الحادثة من الدكتور ناجي الاصيل قبل عشر سنوات وروى ناجي الاصيل ايضا انه عندما كان ممثلا لجلالة الملك حسين في لندن تلقى منه يوما برقية (ان عبد الله، يقصد والده جلالة الملك عبد الله بعدئذ، قادم اليكم فلا تستقبلوه ولا تقابلوه ولا تحادثوه بشيء

الجمعة في 30/3/1956
زرت اليوم في الساعة السادسة زوالية مساء اكرم الحوراني في القصر الابيض ولم اكن قد قابلته قبل هذا، واكرم الحوراني وصل الى بغداد امس مع وفد برلماني مكون من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب السوري وقد حضروا الى بغداد بعد ان زاروا مصر والسعودية والاردن وعلمت بعدئذ ان بعض نواب العشائر حضروا امس من دمشق مباشرة ولم يكونوا ضمن اعضاء اللجنة الخارجية وقد سبق ان رفضت ان يصحبهم هؤلاء الى السعودية خشية استلام هدايا والاساءة بذلك الى سمعة الوفد، كما علمن من البيطار ان هؤلاء من المحتمل ان يقبضوا من الجهتين السعودية والعراق، ان الذين وصلوا بغداد امس كما نشرت اسمائهم اليوم في جريدة الاخبار هم: معروف الدواليبي، احسان الجابري، احمد قنبر، اكرم الحوراني، جورج شلهوب، عدنان الاتاسي، فيضي الاتاسي، مجيد الدين الجابري، محمد العايش، ثامر الملحم، جهاد الهواش، ذياب الماشي، صلاح الدين البيطار، عادل الكيخيا، عبد اللطيف اليونس، عبد الوهاب خضر، (فاعور الفاعور – من العشائر)، فرزت المملوك، فيصل العسلي، مصطفى الزرقا، منصور الاطرش، نافع رجب، نوفل الياسر وهليل السرور من العشائر.
عرفت اكرم الحوراني من صورته التي نشرتها له الجرائد وكان في الصالون عداه احمد قنبر وجورج شلهوب واخرين نسيت أسماءهم ثم حضر صديق شنشل ومعه صلاح الدين البيطار، وعلمت بعدئذ انه زاره في القصر الاخضر، وحضر معه الى القصر الابيض ورايت معهم قبل حضوري جواد الخطيب ثم حضر مدير الدعاية خليل ابراهيم ومن المؤسف ان اضطر الى الكلام في بعض الاوضاع العراقية ومما نشكو منه في هذه الجلسة وقد كنت اود ان تكون للسلام والتعارف فقط، غير ان خليل ابراهيم جرني الى هذا الحديث فقد سأل اكرم الحوراني عن كامل الجادرجي وكان قد زاره وترك له بطاقة وكذلك سأل عنه صلاح البيطار، فقلت لهما اننا نستطيع زيارته وقلت مداعبا اذا لم يكن لدى الحكومة مانع، غير ان خليل ابراهيم اخذ هذه الجملة على انها جد وبدا يتكلم على اننا نهول الامور واننا تحدثنا ضد الحكومة العراقية في مؤتمر الخريجين فاضطررت على الكلام حول صدق ما كنا نقوله في مؤتمر الخريجين واستشهدت بمنع المحامين من السفر ثم تطرق الحديث الى حلف بغداد فقلت انه اساء الى حياد العرب والى كيانهم وانه سبب سوء الاوضاع القائمة. وكانت نكتة اني رحبت بالوفد لاني منذ سنة ونصف لم نرى عربا ولم يكن غير العجم والترك والباكستانيين.
خرجت حوالي السابعة انا وصديق شنشل واكرم الحوراني وصلاح الدين البيطار وركبنا سيارة صديق شنشل وهو يسوقها ووقفنا اولا فوق السدة حيث راينا طريق العاصمة التي لا يحيط بها البصر فكان اثر رؤيتها عند الضيوف سيئا جدا ثم ذهبنا الى بيت كامل الجادرجي حيث رايناه وكان عنده عبد الفتاح ابراهيم ويوسف ابراهيم ثم جاء سعد عمر وعبيد الحاج خلف، وبقي الضيفان حتى الثامنة وبضعة دقائق حيث ذهبنا بسيارتي الى بهو الامانة بدعوة من جميل المدفعي رئيس مجلس الاعيان.
علمنا من اكرم الحوراني وصلاح الدين البيطار ان كل اوضاع العراق معروفة لديهما وروى لنا اكرم كيف ان خمسة من الموظفين في البصرة اخبراه عن سوء الاوضاع وترديها وحذروه من تصديق ممن سيحيط بهم في بغداد ومن المرتزقة وانه سيحاط بالجواسيس، وروى لنا صلاح الدين ان ضابطا في البصرة اخبره مثل هذا الذي رواه اكرم الحوراني، لقد رايت اكرم الحوراني مؤمن بنهضة مصر والانقلاب الذي وقع وبجدية اصلاحات الثورة، كان من جملة ما قاله اكم الحوراني بعد ان ذكر سوء نوري السعيد وان فاضل الجمالي اسوء منه. ان صديق شنشل كان قد روى الى جمال عبد الناصر قال له ولفائق السامرائي عندما قابلاه مع وفد مؤتمر الخريجين عن طبيعة فاضل الجمالي التي لمستها في مؤتمر باندون سمعت من اكرم اعجاب بمظاهر الرعب لدى الشباب في السعودية حتى في العرب في وسط الجزيرة، وحدثنا عن النهضة العمرانية فيها، وسمعت منه ومن صلاح البيطار اسفهم على عزلة اليمن.
كنت اليوم في الجفرية ببستان محمود صبحي الدفتري قرب الصويرة بدعوة منه ذهبت بسيارة فائق توفيق ومعنا السيد ناصر الكيلاني وكان كمال حسن فهمي ابن خالة علي يسوق السيارة، كنا هناك من الساعة 11.30 بعد الظهر وحتى الثالثة بعد الظهر، رايت هناك علي محمود الشيخ وقال تعليق على تصريح نوري السعيد يوم امس في مجلسالاعيان (ان نوري السعيد لا يصرح تصريحا لمصلحة العرب) وسمعت من عبد الهادي الظاهر وهو عضو في محكمة التمييز بان رئيس المحكمة حسن سامي التاتار يؤمن بنوري السعيد ايمان المسلم السني الهندي بالشيخ عبد القادر الكيلاني وايمان الشيعي بعلي ابن ابي طالب (ع) ان حسن سامي التاتار كان عضو في حزب نوري السعيد (الاتحاد الدستوري) حتى عين رئيسا لمحكمة التمييز، ولا يعلم من انه استقال وكان وزيرا في وزارته.
كان اطراء صالح جبر لنوري السعيد في مجلس الاعيان موضع تعليق، فاتني ان اذكر من جملة حديث اكرم الحوراني وصلاح الدين البيطار معنى ان الاول قال لنا ان الانكليز لم يسمحوا لهم بدخول البحرين وانه قال جوابا لراي ابداه امين رؤوف الامين بتجميد حلف بغداد وربما كان يقصد عدم تطبيقه من قبل حكومة عراقية قد تشكل في المستقبل. ونظر اكرم الحوراني الى الفكرة كما جاءت في بيان المتحدث الرسمي المصري في 11 مارس بمعنى عدم امتداد الحلف الى بلد عربي اخرن قال اكرم الحوراني: ان عدم انضمام بلد عربي الى حلف بغداد اصبح مسألة مفروغا منها واصبح الواجب الان تخليص العراق منه وهو راي تكون لنا منذ مدة.
وقال صلاح الدين البيطار: ان بهجت التلهوني اسوء من سمير الرفاعي، وقال اكرم الحوراني: ان هزاع المجالي قادم غدا الى بغداد وانه قال انه سيترك فكرة حلف بغداد اذا قدمت المساعدة العربية الى الاردن. فقلنا له انها مقدمة فعلا. ثبت من راي تقديم المساعدة الى الاردن غير مشروطة باي شرط اي ان لا تكون مشروطة بعدم قول المساعدة الانكليزية فقد لا تستطيع الحكومة الاردنية رفض المساعدة الانكليزية وقد قالت حكومة الاردن او ملك الاردن انها جزء من المعاهدة، فلتقدم المساعدة العربية مع المساعدة الانكليزية وانها ستحل محلها في المستقبل حتما. وسيكون تقديم المساعدة العربية حجة مع طلاب الاستقلال والمتحريين في الأردن برفض المساعدة البريطاني في المستقبل وعندما يكون ذلك ممكنا. وقد ايد الحاضرون هذا الرأي.

السبت في 31/مارس/1956
زرت صلاح الدين البيطار في القصر الاخضر وتحدثنا عن الاوضاع العراقية وعن ميثاق بغداد، ثم حضر صديق شنشل واستمر الحديث بالمواضيع نفسها.
وصل بغداد بالطائرة المصرية بعد ظهر اليوم من مصر الاستاذ احمد بها الدين رئيس مجلة صباح الخير وسكرتير تحرير روز اليوسف وقد اتصل بي بالتليفون فور وصوله فزرته في اوتيل ريجنت وقد رايت هناك الاستاذ جلال الدين الحمامصي رئيس تحرير الجمهورية ومدير شركة ابناء الشرق الاوسط التي الفها في مصر النظام الجديد. وقد قال لي ان نوري السعيد رفض السماح لوكالة الانباء هذه ان تفتح لها فرعا في بغداد ما لم تتفاهم معه مصر وتزيل سوء التفاهم مع حكومة العراق، وقال لي نوري باشا انه شخص لا يمكن التفاهم معه، وبطلب من الاستاذ بهاء الدين والحمامصي خرجنا في جولة قصيرة في السيارة وزرنا حي العاصمة مندهشا لوجوده
الاحد في 1/نيسان/1956
زرت احمد بهاء الدين وجلال الدين الحمامصي صباحا في فندقهما (ريجنت بالاس) ثم زرت احمد بهاء الدين وجلال الدين الحمامصي حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر بموعد سابق طلبا فيه ان يريا معي مرقد الامام موسى الكاظم، وقد ذهب معي احمد بهاء الدين وتخلف في الفندق جلال الدين الحمامصي بسبب مجيء بعض اصدقاء له من الصحفيين.
تعج بغداد اليوم بالصحفيين المدعوين من قبل الحكومة العراقية لحضور حفلة افتتاح مشروع الثرثاء ومشروع الحبانية من كل مكان، منهم 25 صحفيا من الشباب، قال لي عطا عبد الوهاب وقد رايته اليوم في (ريجنت بالاس) يرافقد الوفد الصحفي اللبناني، ان ناصر الدين النشاشيبي فرض نفسه على السفارة العراقية في بيروت وانه التمس كثيرا أن يدعى.
حضرت حفلة شاي المفوضية السورية في بغداد على شرف الوفد البرلماني السوري وقد رأيت هناك الاستاذ معروف الدواليبي وفرزت المملوك وهو نائب سوري كان معروفا بتحمسه وتأييده سياسة العراق، الا اني رأيته اليوم على خلاف ذلك ووجدته مستاءً من نوري السعيد بوجه خاص.
حضر الأستاذ احمد بهاء الدين معي وقبول الأستاذ كامل الجادرجي.
دعانا الاستاذ صديق شنشل ليلا في داره مع الأستاذ أكرم الحوراني وصلاح الدين البيطار وحضر الدعوة كامل الجادرجي ومهدي كبة ومحمد حديد.
علمت من احمد بهاء الدين ان صلاح سالم سيصدر جريدة صباحية يومية باسم (سجل الشعب) على الطابع المصري. وان خالد محي الدين في مصر قد عرض عليه أن يكون وزيرا فلم يوافق وقال انه يؤيد النظام وانه سيصدر جريدة مسائية.
حدثني احمد بهاء الدين مما يقال في مصر عن اثر الرئيس نهرو في سياسة جمال عبد الناصر الخارجية، الحياد، شراء الاسلحة من جيكوسلوفاكيا، وعن التحول الذي بدأ منذ باندونك الى القطن المتراكم لسنين مما هدد نظام مصر وبيعه على الصين الشعبية وأوربا الشرقية وعما سبق شراء الأسلحة من عدوان بدأت إسرائيل به ودخولها غزة وخروجها منها مما مهد لعقد صفقة الأسلحة الجيكوسلفاكية وانجازها.

الاثنين في 2/نيسان/1956
الثلاثاء في 3/نيسان/1956
ذهبت الى الجلسة لدعاوي لي فيها وفي السيارة سمعت من راديو بغداد ان السيد محمد الصدر توفي في الليلة السابقة، عدت الساعة الخامسة بعد الظهر.
وقد كان لنا موعد مع الأستاذ معروف الدواليبي في بيت صديق شنشل في الساعة السادسة مساءا، ذهبت إلى نادي المحامين حيث كان الوفد البرلماني السوري مدعوا في نادي النداء الاجتماعي (بادارة محمد احمد العمر الحمامي، نائب وحاكم سابق) ونادي الرواد (بإدارة الدكتور خالد الهاشمي، عميد دار المعلمين العالية)، وعندما خرجت رأيت بعض اعضاء الوفد السوري دخلوا النادي فاتفقت مع الاستاذ احمد قنبر(من حزب الشعب وصاحب جريدة النير الحلبية سابقا، ووزير الداخلية سابقا، ونائب حلب) على ان يأتي معي الى بيت صديق شنشل فحضر وكانت جلسة لطيفة استعرضنا فيها شؤون حلف بغداد والشؤون العربية والميثاق المصري السوري وحضر الجلسة معروف الدواليبي واحمد قنبر وفرزت المملوك والياس نوفل (نائب اللاذقية مستقل يميل الى الحزب الوطني) واكرم الحوراني وصلاح الدين البيطار وكامل الجادرجي ومحمد حديد ومهدي كبة.
وفي الليل ذهبنا الى الاوبيرج حيث دعوت احمد بهاء الدين وكان مدعوا كامل الجادرجي ومحمد حديد ومحمد الطريحي وقاسم حسن وصديق شنشل وجميل امين وامين رؤوف الامين.

الاربعاء في 4/نيسان/1956
حضر اكرم الحوراني وصلاح البيطار ومنصور الأطرش ومهدي كبة وجعفر البدر وحسن زكريا وصديق شنشل ثم حضر جعفر قاسم حسن دعوة شاي من قبل كامل الجادرجي في داره عصرا بعد السادسة. جرى الحديث الأساسي عن مشروع الاتحاد بينسوريا والعراق، وتحدث في الموضوع بصورة أساسية الأستاذ أكرم الحوراني والاستاذ صديق شنشل وكان مما رواه لنا أكرم الحوراني ان عمر نظمي لما زار سوريا في اواخر سنة 1949 (وكان نائب رئيس وزراء في وزارة نوري السعيد) قال الى ناظم القدسي (وقد كان رئيس الوزراء في سوريا) قال له ان المقصود بالاتحاد مع سوريا الذي يعمل له العراق هو اقامة عرش في سوريا للأمير عبد الإله وان ناظم القدسي اخبر بذلك الوزراء، وقد كان اكرم الحوراني وزير زراعة حينذاك.
ان من جملة ما سمعناه من أكرم الحوراني في زيارته هذه إلى العراق إن حكومة العراق صرفت وتصرف مبالغ طائلة في سوريا وكذلك السعودية وان محاولات الطرفين في سوريا وشراء الذمم فيها تركت أثرا سيئا في الحياة السياسية السورية، ليس هناك عدم استقرار في سوريا انما هو مظهر من مظاهر الخلاف العربي ينعكس صداه في سوريا.

الخميس في 5 نيسان 1956
زرت صباحا احمد بهاء الدين في الفندق الذي يقيم فيه (ريجنت بالاس) ثم ذهبنا سوية الى نقابة المحامين.
الجمعة 6 نيسان 1956
زرت ظهرا احمد بهاء الدين فوجدت الوفد الصحفي السوداني وكان قد اخبرني منذ أيام أنهم يريدون مقابلتي، فجلست معهم في الفندق وتحدثنا عن ميثاق بغداد وقرأت لهم الاتفاقية العراقية البريطانية ولم يكونوا قد اطلعوا عليها، وهم احمد يوسف هاشم رئيس تحرير جريدة السودان الجديد ونقيب الصحفيين والدكتور محي الدين صابر رئيس تحرير جردية الاستقلال ومحمد محمد صالح مدير تحرير الأيام، وتواعدنا على أن نلتقي في الخامسة لنزور كامل الجادرجي وفي الموعد المعين ذهبنا عدا الأول وكان معنا احمد بهاء الديت إلى بيت كامل الجادرجي وكان في الفندق محمد حديد وذهب معنا ايضا وتحدثنا عن الأوضاع الراهنة التي وجها هما أسئلة عنها.
ثم ذهبنا انا وكامل الجادرجي ومحمد حديد الى بيت صديق شنشل لموعد سابق مع الاستاذين اكرم الحوراني وصلاح البيطار وكان هناك محمد مهدي كبة واخبرانا ان الوفد السياسي السوري كان في زيارة نوري السعيد في داره في زيارة مجاملة ردا لزيارته لهم وانه دافع عن سياسته وكيف ان العراق يحكم بطريقة اعتيادية فلا احكام عرفية ولا محاكم ثورة. وانه حد عدد الصحف للمصلحة العامة وكانت هناك صحف تخل بالامن وانه لا رقابة على الصحف وان النواب الحاليين اكثرهم ممن كان يخرج نائبا في كل المجالس السابقة وانه يجب ان يقوم حزبان في العراق فقط كانلكيز وان على المعارضين ان يتحدوا ويؤلفوا حزبا واحدا على شرط ان يشتغل بالمعارضة الايجابية وانه قال ان ميثاق بغداد لا يتعارض مع الضمان الجماعي العربي واخبرنا اكرم الحوراني وصلاح البيطار انهما ناقشاه وناقشه الاخرون انما ليس بعنف باعتبار ان الجلسة هي جلسة مجاملة وانهما احتفظا بآرائهم وأبدوها له.
واخبرانا إنهما قابلا صالح جبر وانه دافع عن ميثاق بغداد وكيف انه خدم مصلحة العراق وانه يجب استغلاله للضغط على امريكا وانكلترا في قضية فلسطين وانه يؤيد سياسة المواثيق الثنائية بين مصر وسوريا – ومصر السعودية وانه يؤيد تسليح مصر وانه يؤيد وحدة او اتحاد تلك الأقطار. وبسبب وقوع حادث اعتداء إسرائيلي على قطاع غزة ليلة أمس وصباح اليوم يتلخص بقصف اليهود لهذا القطاع بالمدفعية وقتل حوالي أربعين شخصا وجرح أكثر من المدنيين وقتل سبعة من الجنود المصريين كما أذاع راديو القاهرة.
فتحنا محطة بغداد في الساعة الثامنة لسماع آخر أنباء هذا العدوان، فأذاع الراديو التشريفات الملكية، ثم اذاع خبرا في الاذاعة عن زيارة الوفد البرلماني السوري لنوري السعيد في داره وكيف ان الوزير أوضح نضال العراق لخير العرب وعدم تعارض ميثاق بغداد والضمان الجماعي العربي وان فخامته "أجاب على كثير من الآراء والاستفسارات بما يقنع أو يزيل أية شبهة عن سلامة الموقف العراقي", وتحدث البيان عن "توحيد الجهود العربية" وانه كان لحديثه اثره البليغ في نفوس الضيوف الذين سروا بهذه المقابلة التاريخية وتفهموا جيدا مرامي سياسة العراق العربية السلمية التي كانت ولا تزال راعية للمصالح العربية.

المعد هو ابن ابنة المرحوم حسين جميل