الكهرباء والحاجة للاستثمارات الأجنبية

الكهرباء والحاجة للاستثمارات الأجنبية

ميعاد الطائي
لقد اتفق الجميع على حاجة الاقتصاد العراقي لتفعيل الاستثمار في القطاعات كافة من خلال تهيئة الأجواء والبيئة المناسبة لجذب الشركات الاستثمارية وتسهيل عملها وإزالة المعوقات التي تقف في طريقها ونقصد هنا وضع التشريعات والقوانين التي تصب في صالح الاستثمار .

ولا يخفى على احد ان قانون الاستثمار رقم 13لسنة 2006 والتعديلات الأخيرة التي طرأت عليه تعد محاولات جادة لإغراء الشركات الاستثمارية للقدوم والعمل في العراق في الكثير من القطاعات التي تحتاج الى الاستثمار كحل ناجع لا بديل عنه وخاصة في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية .
ويرى المراقبون بان فرص النجاح الاستثماري في قطاع الكهرباء كبيرة وايجابية إلا ان الحلول النهائية لمشكلة الكهرباء في العراق لن تأتي سريعا فحسب المختصين سيكون تحقيق الاكتفاء الذاتي بعد سنتين على اقل تقدير عبر إنتاج 14 ألف ميغا واط وهي الحاجة الفعلية لحاجة العراق والتي لا تستطيع الكوادر المتوفرة في العراق تأمينها دون الاستعانة بالاستثمارات الأجنبية حيث يبلغ إجمالي الإنتاج المحلي مع ما يستورده العراق من الدول المجاورة حوالي 7 الاف ميغا واط..
ومع اقتراب فصل الصيف تزداد معاناة المستهلك الذي عبر عن حاجته الملحة للكهرباء واحتجاجه على عدم توفيرها له عبر السنوات الطويلة التي تلت سقوط النظام السابق، فخرج في تظاهرات في عدد من المحافظات أدت بالتالي إلى استقالة وزير الكهرباء العراقي تحت ضغط الجماهير التي طالبت بمحاسبة المفسدين من الذين ساهموا في ضياع حق المواطن بالتمتع في حقوقه التي حرم منها لأسباب تتعلق بتفشي الفساد المالي والإداري الذي صار يهدد المنظومة القيمية للمجتمع العراقي، إضافة إلى انه يقف عائقا أمام تحقيق أحلام الشعب العراقي الذي تبرز حاجته الملحة اليوم إلى ثقافة النزاهة والتصدي للفساد والمحافظة على المال العام . حيث يعتقد المواطن العراقي ان الفساد بأنواعه المالي والإداري والسياسي هو العامل الرئيس في تأخر الانجاز في مجال الكهرباء منذ 2003 ولغاية 2010 رغم الأموال المخصصة لهذا القطاع المهم وإبرام العديد من العقود ورغم الوضع الأمني المستقر الذي يسمح بالاستثمار في العديد من المحافظات وخاصة الجنوبية .
ولقد كشف مفتش عام وزارة الكهرباء عن توجه لإعادة تدقيق جميع العقود الكبرى التي أبرمتها الوزارة بدءاً من عام 2003 ولغاية عام 2010. وقال علاء محيي الدين في تصريح صحفي أوردته «آكانيوز»: إن «مكتب المفتش العام أشر وجود ملفات فساد في العقود الكبرى التي أبرمتها الوزارة قبل عام 2010»، مبينا أنه «فاتح هيئة النزاهة بتشكيل لجنة وزارية عليا لإعادة تدقيق تلك العقود». وأوضح أن «اللجنة التي اقترح تشكيلها مؤلفة من مفتشين عموميين وديوان الرقابة المالية ووزارتي التخطيط والمالية لإعادة تدقيق العقود الكبرى التي أبرمتها وزارة الكهرباء منذ عام 2003 ولغاية عام 2010».وأضاف محيي الدين أن «تشكيل اللجنة لا يزال محط مباحثات بين الجهات المعنية»، مشيرا الى أن «نتائج التدقيق ستترتب عليها آثار رجعية».
ما نود ان نقوله هنا بان المستهلك يدفع الثمن ويتحمل اليوم نتائج الإهمال وتأخير الانجاز في المشاريع التي كان من المفترض ان تتم قبل سنوات من الآن وهذا ما دفعه إلى اللجوء للقطاع الخاص عبر الاشتراك في المولدات الأهلية التي يعتمد المواطن عليها منذ سنوات وكانت بديلا ناجحا للكهرباء الوطنية التي سجلت غيابا طويلا ،ولهذا نتوقع نجاح الاستثمار في قطاع الكهرباء باعتبار ان المواطن يدفع اليوم أجور المولدات الأهلية والمولدات الخاصة في البيوت، وهذا يؤكد ان الستهلك سيدفع مقابل شراء الطاقة الكهربائية بدل الذي يدفعه اليوم لهذه المولدات . ولكن يبقى السؤال حول التسعيرة التي ستحددها وزارة الكهرباء: هل ستكون على وفق رؤية الشركة الاستثمارية التي تسعى لتحقيق أرباح سريعة وعالية أم ستتكفل الحكومة العراقية ووزارة الكهرباء بدعم هذه التسعيرة؟ . ربما سنكتشف ذلك في العام القادم وعلينا ان نتحمل هذا الصيف وحرارته العالية لعله يكون آخر الفصول الحارة في العراق كما وعدتنا الحكومة ووزارة الكهرباء .