حماية المستهلك العراقي  من الغش التجاري

حماية المستهلك العراقي من الغش التجاري

علي نافع حمودي
ظهرت في السنوات الأخيرة وبالتحديد بعد عام 2003 الكثير من الظواهر الاقتصادية التي انعكست سلبا على الاقتصاد العراقي بصورة عامة والمواطن المستهلك بصورة خاصة ، حيث باتت الأسواق المحلية خصوصا بعد 2003 ، حقلا صالحا لتقبل الضغوط الإغراقية السلعية والتأثر بها نظرا لما تتميز به

من انفتاح شبه كامل ومنافسة شديدة من جهة أخرى بين المنتجات القادمة من الخارج بالإضافة إلى عدم وجود مصانع محلية تنتج نفس المنتج لتغطية احتياجات المستهلكين، ويضاف إلى ذلك الحاجة للسلع، فهناك الكثير من السلع والمواد المستهلكة دخلت البلاد بكميات كبيرة ومتنوعة ومتشابهة، فالاتجاه نحو العالمية أدى إلى ظهور شركات عالمية عملاقة ونظام مشاركة المنتج حتى أصبح من الصعب تحديد جنسيته، وذلك نظرا لتعدد الشركات العالمية المشاركة في إنتاج هذا المنتج، فعلى سبيل المثال لا الحصر، إن منتجي السيارات يقومون بتصنيع قطع الغيار وتجميع أجزائها من دول أخرى باستخدام بعض الإلكترونيات التي تم تصنيعها في اليابان، فهناك الكثير من قطع غيار السيارات اليابانية مقلدة ومصنعة في دول شرق آسيا، وليس الأمر يقتصر على قطع غيار السيارات، إلا أن هناك الكثير من السلع المقلدة ومكتوب عليها صنع في اليابان وهي مصنعة في دولة أخرى بل وإن بعضها كان يصنع داخليا في أوقات مختلفة.
وأدت هذه السلع المقلدة «المغشوشة» إلى خسائر كبيرة للاقتصاد الوطني، فالمستهلك للسلعة المقلدة يشتريها لرخص ثمنها وتمكث معه بضعة شهور، ويشتري غيرها حتى نجد أنه يستهلك عددا من الوحدات خلال عام واحد، بينما السلعة الأصلية تمكث معه عدة سنوات. فالسلع المقلدة أضرارها كبيرة على المستهلك ولكن ليس على المدى القصير بل على المدى الطويل، مما تؤدي إلى خسائر كبيرة على الاقتصاد الوطني، لذلك يمكن القول إن السلع الأصلية هي السلع التي تتمتع بخصائص مادية ملموسة وحماية قانونية كافية وعمر طويل أيضا.
وعملية الإغراق السلعية هذه لم تصاحبها إرشادات وتوجيهات من شأنها أن تنبه المواطن المستهلك لمخاطر السلع المغشوشة وكذلك غياب دور الرقابة وعدم تفعيل قانون حماية المستهلك كما هو معمول به في الكثير من دول العالم وهذا ما مثل تخلي عن واجبات الدولة في حماية المستهلكين خاصة إذا ما تعلق الأمر ببعض البضائع الغذائية أو التجميلية التي تتداخل في صناعتها المواد الكيمياوية أو حتى صناعة وتسويق الأدوية .
وبالتأكيد فأن نشر الوعي الاقتصادي بينهم وتحذيرهم من السلع المقلدة، ويصاحب ذلك تنفذ جولات تفتيشية على السلع المقلدة لدى التجار وتقارن أسعارها بأسعار السلع الأصلية، ومجازاة التجار الذين يبيعون السلع المقلدة بنفس أسعار السلع الأصلية، حيث إن السلع المقلدة لها ستراتيجية خاصة في التسعير تختلف عن السلع الأصلية ذات المناشىء المعروفة والماركات العالمية الأساسية .
وعدم الوعي هذا نجم عنه بالتأكيد تجاهل المستهلك العراقي للتمييز بين المنتج الأصلي والمقلد، خاصة وأن العراق يتهيأ لدخول منظمة التجارة العالمية ، وهذا يعني انفتاحا تاما على أسواق العالم بما يتيح المجال واسعا أمام ما بات يعرف بالغش التجاري ، وهذا ما يحتم على الجميع مواجهة موجة الغش التجاري ومحاربته بكل الإمكانات والقدرات، وذلك بتشجيع صناعتنا الوطنية وفتح المجال لتصنيع المواد المستوردة من الخارج، حيث تتوافر لدينا الإمكانات المالية والبشرية، مما سيساهم بشكل كبير في عودة القطاع الخاص للعمل وفق منظور ورؤية جديدة طالما إن الكثير من البضائع القادمة للعراق هي مصنعة في دول مجاورة او بعيدة نوعا ما وبالتالي فإن أمكانية تصنيعها في العراق واردة وممكنة في ظل توفر الإمكانيات البشرية والمادية معا.