قراءة في مجموعة أمير من أور..للشاعر حسين عبد اللطيف

قراءة في مجموعة أمير من أور..للشاعر حسين عبد اللطيف

رسمية محيبس
أمير من أور مجموعة شعرية كتبها الشاعر حسين عبد اللطيف تدور أغلبها في رثاء صديقه الشاعر والفنان أحمد امير الجاسم الذي وافاه الاجل في برلين عام 1994وقبل ان نتعرف الى قصائد هذه المجموعة يجدر بنا ان نعرف الشاعر حسين عبد اللطيف الذي يعتبر من ابرز شعراء السبعينيات صدرت له قبل هذه المجموعة ثلاثة مجاميع شعرية هي 1نار القطرب 2على الطرقات ارقب المارة 3 لم يعد يجدي النظر صدرت الاخيرة عن دار الجمل في المانيا

اثناء سفره اليها مع صديقه الراحل احمد امير الجاسم كتبت هذه القصائد في رثاء احمد بعد رحيله ما عدا قصيدة دوارة الرياح كتبت في حياة احمد الجاسم واهداها اليه يقول حسين في مقطف منها.

نحو اي الطرق
سوف تفضي بنا السنوات
نحن قد نلتقي او يضيع كلانا
وكأنه يتنبا بهذه النهاية المحزنة
هناك مقاطع من شعر الراحل احمد امير افتتح بها الشاعر قصائده في احد هذه المقاطع يقول الشاعر الراحل:

وكان عليّ ان اصبغ قميصي بيرقات الخيفة
وانسل تحت ذيل النهار الى وطني
اتوسدحجره الوثير الممهور بالعشب
من دكات زقورة أور مشيت
حتى جناح المجوهرات في فندق بغداد الدولي هذه المقاطع تدفعنا لمعرفة هذا الكوكب الذي خبا سريعا دون ان نتعرف الى تجربته الثرية اذ لم نجد مجموعة احمد جاسم ابن الناصرية لكن الشاعر حسين عبد اللطيف قام بهذه المهمة فقد احتفى بموت صديقه بطريقة مذهلة ونقل الينا ميزات هذه الشخصية الكبيرة.

واذا كانت واقعة موت الشاعر والفنان احمد امير الجاسم قد حفزت مخيلة حسين عبد اللطيف في انتاج هذه المجموعة الشعرية مما فجر لدينا تساؤلات عن عمق الصلة بين الشاعر وصديقه الراحل والتي جعلته منتجا لهذا الكم الهائل من الشعر الصادق والمعبر حيث يصف الشاعر مجموعته هذه بانها باقة ازهار يرغب في وضعها بين يدي صديقه.
ان حسين عبد اللطيف لا يخلق عالما من صنع الخيال بل يتناول ظاهرة شعرية فريدة يعود اليها ليعيشها من خلال ارتباطه بتلك الشخصية التي تركت اثر لا يمحى على روح ووجدان الشاعر.
ان الذين يستوعبون امكانات الذات هم قلة ولا يكون الشاعر مهما الا بانتماءه الى هذه القلة القليلة وحسين عبد اللطيف ينتمي الى هذه القلة لقدرته الفائقة على التوصيل في كتاباته كلها.
في قصيدة جناز يؤكد الشاعر فداحة الموت حيث يخاطب صديقه.

ها انت الان
على الجانب الاخر من المراّّة
حيث لا يمكن لاحد ان يصلك على الاطلاق
ويتصور الشاعر نهايته المحتومة فيقول
والى ان تأذن لي اصبع الرب المرورية
باشارتها الحمراء
بالعبور الى ذلك العالم
حيث الرخام لا يبهض الروح
والازهار لا تشتعل بسرعة

لكن خوفي ان يتقاطع خط سيري مع خط سيرك
اي انه يخشى ان يذهب الى اتجاه اخر غير الذي سلكه صديقه الحميم لكنه يعود ليطمئن صديقه فيقول:
ساتدبر اموري جيدا
عند المنعطف او عند التقاطع
حيث يمكنني ان القي عليك نظرة خاطفة
كنظرة اورفيوس
لصالح ان المحك
واضع بين يديك
هذه الباقة من الازهار
هل هي ازهار حقا ام انه يقصد بها هذه القصائد التي وضع فيها الشاعر خبرته الكبيرة هذا الشاعر الكبير الذي ما زال يواصل مشروعه الثقافي بعيدا عن الضجيع الاعلامي فالمجموعة الاخيرة تجعلنا نقف باحترام امام شاعر متمكن جعل قضية موت صديقه احمد امير الجاسم قضية ادبية كبيرة ولم يجعل منها حدثا عابرا.
ان اللغة هنا تمنح الاشياء حيوية وتجعلنا نعيشها مرة ثانية من خلال الحدث واسماء الاماكن التي وردت في المجموعة مما يجعل القارىء مشدودا الى تلك التجربة التي عاشتها تلك المجموعة من الشعراء الذين تناهبتهم المنافي والنهايات المحزنةكنهاية أمير من أور التي خلفت كل هذا الشعر ليس من قبل حسين عبد اللطيف فقط.

اذن أي انسان هو هذا الامير الذي خرج من أور يحمل كل هذا الحب الذي خلفه في النفوس ان هذه الباقة من ازهار المحبة التي يرغب الشاعر في ايصالها الى صديقه المغادر تفوح بعطر الوفاء والمحبة وقد وصلت الينا ولابد ان احمد امير الجاسم سعيد في عالمه الكوني وهو يلمس ويرى بسعادة غامرة هذا الاثر الطيب الذي خلفه في قلب وروح صديقه الشاعر حسين عبد اللطيف