فاطمـة رشدي في بغـداد

فاطمـة رشدي في بغـداد

رفعة عبد الرزاق محمد
في العشرينيات من القرن العشرين، زار العراق عدد من الفرق الفنية المصرية، وكان لها الدور الكبير في دفع الحركة الفنية العراقية الى الأمام بعد ان كانت محصورة بالعمل المدرسي فحسب. وفي كانون الثاني من عام 1929 شهدت صالة السينما الوطني عرض أول مسرحية لفرقة الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي (سارة برنار الشرق).

وكانت فرقة الفنان جورج ابيض قد قدمت الى بغداد عام 1926 وأحيت العديد من الحفلات المسرحية. أراد جورج ابيض ممثلين إضافيين ثانويين "كومبارس" لعدد من المسرحيات التي كانت فرقته تعرضها على مسرح السينما الوطني فقصد مدرسة التفيض حيث كان حقي الشبلي احد طلابها وكان متميزا ضمن العروض المدرسية التي تقدمها مدرستنا الجعفرية والمركزية واختار جورج ابيض عددا من الطلاب وكان حقي واحدا منهم، حيث اسند اليه دور "ابن أوديب" في المسرحية المعروفة وقد نجح حقي في تمثيل دوره رغم صغر سنه وفي ختام العرض جاء جورج ابيض وقبله أمام الجمهور.
كتب الأستاذ الصحفي صادق الأزدي:
وكان حقي الشبلي هو الولد والفني الأول بشبابه وحسن تقاطيع وجهه إضافة الى انه كان بطل المسرحيات التي قدمها على مسرح المدرسة، ثم كان كذلك في مسرحيات فرقته «الفرقة التمثيلية الوطنية» المؤسسة عام 1927 وقد جاءت فرقة فاطمة رشدي الى بغداد بعد ذلك بسنتين أي عام 1929. وكان من الطبيعي ان يتصل «ولد المسرح العراقي» وفتاه الأول بـ «صديقة الطلبة» فاطمة رشدي. وهكذا نشأت علاقة «استلطاف» بين الاثنين على طريقة الأفلام يومها لقد أحبت «البنت الولد» ويمكن القول انهما اكتفيا بما نعما به من الخيالات في علاقة «رومانسية» علما بأنهما عرفا واقع العلاقات بين المرأة والرجل ليس بحكم عملهما في المسرح فحسب وإنما أيضا لأن فاطمة رشدي كانت ذات بعل، وكان حقي الشبلي يستعين بهاويات التمثيل من العاملات في الملاهي الليلية! وبسبب عدم رسو العلاقة بينهما عند نقطة معينة فقد سافر الشبلي الى مصر، إرضاء لعواطفه أولا، وإرضاء لهوايته المسرحية ثانيا، ولم تطل إقامة الشبلي في القاهرة اذ عاد الى بغداد ليستأنف نشاطه الفني .
وكتب الاستاذ جواد البياتي: في اوائل سنة 1929 حضرت الى بغداد قادمة من مصر فرقة الفنانة فاطمة رشدي وقدمت عروضاً جميلة في مسارح بغداد، وقد تم استغلال هذه الزيارة لإقامة تعاون فني بين الفرق الفنية العراقية والمصرية وعلى ضوء ذلك فقد سافر الفنان حقي الشبلي الى مصر لدراسة الفن المسرحي والتمثيل على يد الفنان عزيز عيد، وقد انشق في غيابه قسم من اعضاء فرقته فقاموا بتشكيل (الفرقة التمثيلية العصرية) بقيادة محي الدين محمد مع بقاء (الفرقة التمثيلية الوطنية) التي اسسها حقي الشبلي ولكنها اختارت في غيابه الفنان عبد العزيز علي لقيادتها.
في اواخر عام / 1929 تشكلت فرقة جديدة باسم (الفرقة التمثيلية الشرقية) التي استبدل اسمها فيما بعد بفرقة الرشيد برئاسة الفنان صبري شكوري وقدمت هذه الفرقة عدة عروض وانحلت بوفاة رئيسها شكوري في مطلع 1935، وفي نفس الوقت الذي قام به الفنان كمال عاكف بتأسيس فرقة (جمعية احياء الفن) وكان من بين اعضائها صلاح الدين وتقي شمس الدين وغيرهما وهذه الفرقة كان عمرها قصيراً جداً فقد انحلت بعد ان قدمت عرضين فقط في نفس العام الذي تأسست فيه وهو 1935.
في عام 1930 عاد حقي الشبلي من مصر مع فرقة الفنانة فاطمة رشدي التي تزور العراق للمرة الثانية بعد نجاح زيارتها الاولى اوائل عام 1929، بعد ان اكمل الشبلي دراسته على يد الفنان عزيز عيد، وقد قدمت فرقة فاطمة رشدي عروضاً في بغداد والبصرة والموصل وبعد ان عادت الى مصر، وقام الفنان حقي الشبلي في بغداد بجمع الفرقتين (الفرقة العصرية للتمثيل) وفرقته (التمثيلية الوطنية) وشكل فرقة مسرحية معتمدة باسم (فرقة حقي الشبلي) وذلك في اواخر عام 1930 فزاولت الفرقة عملها وقدمت عروضها حتى اواسط عام 1935 وهي السنة التي سافر فيها الشبلي الى فرنسا للدراسة.