العلماء يفكون شفرة لوحة دافينشي

العلماء يفكون شفرة لوحة دافينشي

فايقة جرجس حنا
باستخدام التقنيات الحديثة استطاع العلماء إماطة اللثام عن لغزِ واحدة من أبرز لوحات دافينشي «السيدة التي تحمل القاقم»، وهم بذلك ألقوا الضوء على الخلفية التاريخية للَّوْحة وعلى جانب من شخصية الفنان المترددة …
بعد قضاء ثلاثة أعوام في فحص واحدة من أبرز لوحات ليوناردو دافينشي «السيدة التي تحمل القاقم» وتحليلها، استطاع أحد العلماء الفرنسيين — باستخدام تكنولوجيا الضوء المنعكس — أن يُمِيطَ اللثام عن أسرار اللوحة والمراحل التي مرَّت بها؛

إذ كان يُعتقد حتى يومنا هذا أن اللوحة التي عمرها ٥٠٠ عام قد رُسمت مرة واحدة وكانت تحتوي على حيوان القاقم منذ بداية رسمها؛ لكن تبين أن دافينشي رسم اللوحة على ثلاث مراحل مختلفة اختلافًا جليًّا؛ إذ رسم أولًا لوحة بسيطة للسيدة بدون القاقم، ثم رسم القاقم ولكن بفراء رَمادي، وفي المرحلة الأخيرة غيَّر فراء القاقم من اللون الرمادي إلى الأبيض، وكان الحيوان قَوِيَّ البِنْيَةِ هذه المرة عن سابقتها. وكان العالم الفرنسي قد استنبط تقنيةً جديدة تُعرف ﺑ «طريقة تضخيم الطبقات» التي فيها يسلط سلسلة من الضوء الشديد على اللوحة، وعندئذٍ تلتقط الكاميرا قياسات انعكاسات الضوء التي منها يستطيع العالِم أن يحلل ما الذي حدث بين طبقات الرسم؛ إذ تجعل هذه التقنيةُ اللوحةَ تبدو مثل طبقات البصل التي يمكن إزالتها طبقة تلو الأخرى؛ ومن ثَمَّ يمكن معرفة ما وراء السطح وطبقات الرسم المختلفة. أثار هذا الاكتشافُ الجديدُ الكثيرَ من النظريات حول تاريخ اللوحة؛ فالسيدة التي في اللوحة هي سيسيليا جاليراني عشيقة لودوفيتشو سفورزا دوق ميلانو المتزوج الذي كان يُطلَق عليه «القاقم الأبيض»، فرجَّح البعض أن دافينشي أقحم القاقم في اللوحة ليرمز إلى عشيق سيسيليا، وأنه حسَّن شكل فرو القاقم وبِنْيَتَهُ الجسدية تملُّقًا لسفورزا الذي كان راعيًا لدافينشي طيلة الثمانية عشر عامًا التي قضاها في المدينة ومثلَه الأعلى. ويقول افتراضٌ آخرُ إن سيسيليا هي من طلبت من دافينشي أن يضيف القاقمَ إلى اللوحة حتى يصير البلاط في ميلانو على دراية تامة بعَلاقتها بالدوق؛ ومن ثَمَّ كان هذا التطوير رغبةً من العشيقين في التأكيد على عَلاقتهما على الملأ. كما سَلَّط هذا الاكتشاف الضوءَ على طريقة تفكير دافينشي عند رسم لوحاته، وعلَّل لماذا كان يجد صعوبة كبيرة في إتمام لوحاته.
عن الحوار المتمدن