الزراعة ضمان لمستقبل أجيالنا القادمة

الزراعة ضمان لمستقبل أجيالنا القادمة

محمد صادق جراد
يلعب القطاع الزراعي في بلد مثل العراق دورا مهما في توفير الأغذية للسكان إضافة الى توفيره المواد الأولية للصناعات العراقية إذا ما تم استغلاله بالشكل المثالي , ويعتمد نسبة كبيرة من العراقيين على العيش من خلال العمل في هذا القطاع وهم سكان القرى والأرياف باعتبار ان العراق بلد زراعي ويعمل الكثير من أبنائه في الزراعة ليستوعب هذا القطاع نسبة 40 % من القوى العاملة العراقية .


وكما يعرف الجميع بان الزراعة هي رصيد دائم ومصدر للعيش لا ينضب عكس الثروة النفطية التي يعتمد عليها العراق والكثير من الدول فيما يتم إهمال القطاع الزراعي والصناعي وقطاعات أخرى سيكون الاهتمام بها ودعمها بمثابة ضمان لمستقبل أجيالنا القادمة لذلك لابد من الاهتمام بهذا القطاع المهم ووضع الإصبع على الخلل من اجل وضع الحلول المناسبة.
حيث عانى القطاع الزراعي في العراق أزمات عديدة أدت الى تراجعه بصورة كبيرة على مدى السنوات الماضية من زمن النظام السابق وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي مرت بالبلد بسبب الحروب التي أدت بدورها الى الإضرار بالزراعة وغياب الدعم لهذا القطاع المهم والحيوي .
هذا من جانب ومن جانب آخر فان سياسة الانفتاح التي اتخذتها الحكومات العراقية التي جاءت بعد 2003 شكلت سببا آخر لانهيار القطاع الزراعي حيث شهدنا عملية الاستيراد غير المدروسة للمنتجات الزراعية من جميع الدول المجاورة حتى أصبح العراق من اكبر الدول المستوردة للمنتجات الزراعية .
بالإضافة الى مشاكل كثيرة ومتداخلة مع بعضها ، كالتصحر وشح المياه وهجرة الفلاح وقلة الأموال وغياب الوعي لدى الفلاح و عدم استخدام الأساليب الحديثة في الزراعة والري في ظل غياب المكننة الحديثة ".
وكانت الحكومة العراقية قد أطلقت، في آب من عام 2008، مبادرة شاملة للنهوض بالواقع الزراعي في البلاد، وحددت سقفاً زمنياً مدته عشر سنوات لبلوغ العراق مرحلة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الستراتيجية.
وتشمل المبادرة دعم الفلاحين بالبذور والأسمدة والمبيدات الزراعية، واستصلاح الأراضي وضمان شراء الإنتاج من المحاصيل الستراتيجية بأسعار السوق، إضافة إلى تخصيص صناديق إقراض متنوعة منها صندوق تنمية النخيل القائم منها والجديد، وصندوق تقنيات الري الحديثة، وصندوق الثروة الحيوانية، وصندوق لدعم المشاريع الستراتيجية، فضلا عن صندوق إقراض صغار الفلاحين.
ونود ن نبين بأنه بالرغم من الحلول التي شملتها المبادرة الحكومية الا ان هناك الكثير من المشاكل تقف في طريق ازدهار القطاع الزراعي ومنها عدم التنوع، واستحواذ محاصيل زراعية قليلة على أكثر مساحات الأراضي الصالحة للزراعة في البلد حيث تشير الكثير من الإحصائيات إلى ان زراعة الحبوب تستحوذ على 77% تقريبا من مجموع مساحة الأراضي المزروعة بالرغم من تميز إنتاجها بالأساليب البدائية وقلة استخدام الأسمدة وشح المياه وانخفاض الإنتاج وتأرجح الأسعار الذي يؤثر بدوره على الدخل الزراعي ويكون سببا في ازدياد الحاجة للاستيراد لتغطية الحاجة المحلية .
وبالرغم من كل ذلك فان الدولة تستورد كميات كبيرة من الحبوب من الخارج لعدم تغطية المنتج المحلي للحاجة الفعلية على الرغم من المساحات الواسعة التي يشغلها من الأراضي الزراعية وذلك لعدم توفير جميع الظروف المناسبة لزراعة هذا النوع من المحاصيل التي تعد منتجات ستراتيجية بالنسبة لغذاء المواطن .
وفي مقابل هذه المساحات الواسعة التي يتم استغلالها لزراعة الحبوب نجد انخفاض حجم الأراضي المستغلة في زراعة الخضراوات والفواكه بالرغم من أهميتها كغذاء للسكان والاستفادة من مردودها المادي بالنسبة للفلاح العراقي , حيث تشير الإحصائيات إلى ان الأراضي التي يستغلها العراق في زراعة الخضراوات تشكل حوالي 6 % وهي نسبة منخفضة جدا ولا تسد حاجة البلد، ما تضطر الدولة الى استيراد الكثير من المحاصيل الزراعية من الخضراوات إضافة الى الفواكه التي تعاني نفس المشكلة أيضا .
والأمر ينطبق ايضا على المحاصيل الصناعية كالقطن وعباد الشمس والبنجر والتبغ وقصب السكر ومنتجات أخرى تدخل جميعها في الصناعات التي يشكل توفير المواد الأولية من المنتج المحلي لها نقطة ايجابية باتجاه انخفاض تكاليف إنتاجها وبالتالي نجاح الصناعات المحلية وإمكانية منافسة الصناعات المستوردة كالزيوت النباتية والسكائر والمنسوجات والأدوية والسكر ،علما أن المساحة التي تزرع بالمحاصيل الصناعية لا تتجاوز 481 ألف دونم بنسبة 8ر3% من مساحة الأراضي الزراعية .
خلاصة القول نتمنى ان تشمل المبادرة الزراعية الحكومية جميع مشاكل القطاع الزراعي عبر دراسات مستفيضة لتشخيص الكثير من المشكلات المزمنة التي تحتاج إلى حلول سريعة تساهم في تفعيل دور القطاع الزراعي في تأمين الغذاء للمواطن العراقي .