رفائيل بطي يكتب عن عبد المسيح زير

رفائيل بطي يكتب عن عبد المسيح زير

رفعة عبدالرزاق محمد
اصدر رفائيل بطي مع صديقه عبد الجليل اوفي عام 1924 مجلة باسم (الحرية)، اراد بها ان تكون مشابهة لمجلات مصر الثقافية كالهلال والمقتطف وسواهما.وفتح صفحاتها لكبار الكتاب في العراق وخارجه، وكان اسم عبد المسيح وزير في مقدمة تلك الاسماء اللامعة.وارتأى هذا ان يكتب في الموضوعات العلمية التي شغف بالاطلاع على اخر منجزاتها!،

فاختار لها عنوان دائم هو (بسائط العلوم)، عرض فيها اخر المكتشفات العلمية باسلوب مبسط.(امامي السنة الاولى من المجلة وقد تضمنت العديد من تلك المقالات).ومن الطريف ان رفائيل بطي عمل عام 1928 في دائرة الترجمة في وزارة الدفاع التي يشرف عليها عبد المسيح وزير، فكتب في ذكرياته:

انا الان اشتغل مترجما في دائرة الترجمة في وزارة الدفاع، وهذا وصف الدائرة بشيء من الايجاز: حجرتان ضيقتان الواحدة تفضي الى الاخرى، وقف على مدخلهما فراش يدعى السيد احمد يواظب على الصلاة في الجامع في الاوقات الثلاثة يعاونه في مهنته احيانا طفل له يرى بغير عينين مفتوحتين ويمشي بغير رجلين مستقيمتين. والسيد فيلسوف وفلسفته قائمة بما يجب ان يتصف به الرجل ذو اكثر من امراة واحدة. وهو يسمع صرخات الاستاذ رئيس الديوان (يقصد عبد المسيح وزير) بشيء من ((عظموا انفسكم)) حتى اذا هدأت شقشقة الاستاذ قصد الى احد التراجمة وصار يشكوا من ان دماغه لا يطيق استيعاب مئة امر وامر في وقت واحد.

الاستاذ عبد المسيح افندي وزير الاديب والمترجم العالم الرياضي الفيلسوف البيلوجست الناقد الفنان هو الذي قال عنه الامام علي،جمع العالم في واحد. امام منضدة تعجب ممن سماها منضدة لان كل ماعليها مبعثر. فهي مثقلة بالكتب العسكرية غير المترجمة والمترجمة والكتب التي يشتغل بترجمتها الاستاذ في العلم والادب والفلسفة والتاريخ بينها الثورة العربية للورنس والعشيقات في التاريخ ونظريات فرويد في العقل الباطني ونظريات اينشتاين في النسبية ومقالات المجلات العسكرية الراقية.

الاستاذ قلما يشتغل بجديته الا اذا كانت مادة الشغل شيء ليترجم للباشا وزير الدفاع حاليا معالي نوري باشا السعيد او للجنرال لوك مستشار وزارة الدفاع. وما تبقى فلاينهمك الا في التصحيح لما يطلب باستعجال بعد الحاح والحاق اشهرا او اسابيع او اياما حسب سرعة المادة المطلوبة. وبينما هو في شغل او لا شغل،يأتي عامل مطبعة الفلاح او مطبعة الحكومة ببروفات لكتب للدائرة أي من الشغل الرسمي او للمجلة العسكرية وهو شغل رسمي او لاي مجلة كتب فيها الاستاذ بنبذة من ترجمته، حتى اذا اخذ القلم صار يصلح البروفة للاغلاط وللتعابير التي يبدلها في ذلك الحين وهو كثير التبديل والتحوير الى درجة مسئمة وتطفر من فمه عبارات قدح وقذف في حق المطابع والمرتبين وينفح المؤلفين او الكتابّ بمثلها مع مايتناثر معها بين حين واخر من طعنة للاب انستاس ماري الكرملي صاحب لغة العرب وخصم الاستاذ او الاستاذ الزهاوي حبيب الكرملي هذه الايام او غيرهما ممن لم يسمعوا لاراء الاستاذ او لم يعملوا باستشارته او لم يعترفوا بانه اعظم من كتب وترجم وحوى صدره علما وفنا.