أحمد راضي.. أنموذج فريد في الملاعب العراقية

أحمد راضي.. أنموذج فريد في الملاعب العراقية

بقلم / زيدان الربيعي
هناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم يتركون أثرا طيبا خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر الذي كافأهم بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي. في زاوية (نجوم في الذاكرة)

سنحاول الغور في مسيرة أحد نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها،حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرور عقود عدة على اعتزالهم اللعب وحتى قسم منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى.
نتحدث في الحلقة الستين عن مسيرة لاعب فريقي الزوراء والرشيد احمد راضي اميش الصالحي الذي ولد في بغداد عام1964، إذ سيجد فيها القارئ الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
بداياته
بدأ أحمد راضي حياته الرياضية مع فريق مدرسة عباس بن فرناس الابتدائية ثم مع أبناء محلته في حي العامل ببغداد وبعد ذلك إنضم إلى مركز شباب اليرموك وفي عام 1979 تم ضمه إلى منتخب الناشئين من قبل المدرب ممتاز توماس الذي كان يستعد فريقه للمشاركة في بطولة "غوتيا" الدولية للناشئين، حيث كانت بداية مشجعة لأحمد راضي الذي شارك لمدة عشر دقائق فقط في مباريات هذه البطولة لكن هذه الدقائق منحته ثقة عالية لكي يواصل مشواره الكروي. وبعد العودة من البطولة المذكورة إنضم أحمد راضي إلى صفوف فريق شباب الشرطة وبعد موسم واحد قضاه مع هذا الفريق قرر الانتقال إلى شباب فريق الزوراء ، وفي عام 1981 عاد احمد راضي مرة أخرى للانضمام إلى منتخب الناشئين الذي شارك ثانية في بطولة "غوتيا" الدولية التي جرت في السويد، حيث اختاره المدرب داود العزاوي ليكون رأس الحربة في منتخب الناشئين، وكانت مشاركة أحمد راضي هذه المرة فاعلة ومثمرة جدا، إذ قاد منتخبنا للناشئين للفوز بالبطولة بينما توج هو هدافا للبطولة برصيد سبعة أهداف.
وفي عام 1981 أيضا شاهده مساعد مدرب المنتخب الوطني جلال عبد الرحمن ولفت نظر مدرب المنتخب آنذاك عمو بابا بوجود موهبة جديدة تستحق الرعاية والاهتمام في صفوف شباب الزوراء وبالفعل كان بابا تواقا لمشاهدة هذه الموهبة الجديدة، حيث تم استدعاء أحمد راضي للمنتخب الوطني قبل أن يلعب للفريق الأول في الزوراء، لكن هذه الدعوة لم تكن جدية إنما كانت تشجيعية، لكي يهتم بنفسه ويطور مستواه الفني. وفي العام ذاته قرر مدرب الزوراء آنذاك أنور جسام ضمه إلى الفريق الأول، ليجد راضي نفسه يلعب جبنا إلى جنب مع مثله الأعلى في الملاعب النجم الكبير فلاح حسن، حيث خاض راضي أول مباراة له في دوري الكبار ضد فريق الطيران موسم 81 ـ 1982.
وفي عام 1982 خاض أحمد راضي مباراته الدولية الأولى ضد المنتخب الأردني في مباراة ودية جرت في بغداد وانتهت عراقية (7ـ1) ليبدأ مسيرة طويلة تخللها العديد من الألقاب المهمة جدا ولم تتوقف هذه المسيرة إلا في عام 1977.
أبرز انجازاته
يعد اللاعب أحمد راضي أكثر لاعب عراقي حقق انجازات كبيرة للكرة العراقية وللفرق التي لعب معها، فمع الزوراء أسهم في فوزه ببطولة الكأس خمس مرات وفي بطولة الدوري مرتين ومع فريق الرشيد أسهم في إحرازه بطولة الدوري ثلاث مرات وبطولة الكأس أربع مرات وبطولة الأندية العربية ثلاث مرات متتالية فضلا عن المركز الثاني في بطولة الأندية الآسيوية عام 1989. أما مع المنتخبات الوطنية فقد أسهم بفوز منتخب الناشئين ببطولة "غوتا" الدولية مرتين ومع منتخب الشباب أسهم بفوزه ببطولة كأس فلسطين في المغرب عام 1983 وأسهم بتأهل المنتخب الاولمبي لنهائيات دورتي لوس أنجلس وسيئول عامي 1984ـ 1988 ومع المنتخب الثاني أسهم بفوزه بالوسام الذهبي للدورة العربية السادسة التي جرت في المغرب عام 1985. أما مع المنتخب الوطني فقد أسهم بفوزه بالوسام الذهبي لدورة الألعاب الآسيوية التاسعة التي جرت في الهند عام 1982 وفي دورتي الخليج السابعة والتاسعة عامي 84 و1988في مسقط والرياض، كما أسهم في إحراز المنتخب الوطني بطولة مرليون الدولية في سنغافورة عام 1984 وكان من أبرز المساهمين في تأهل المنتخب الوطني إلى مونديال المكسيك، حيث كان حضوره فاعلا للغاية في مباريات العراق أمام منتخبات قطر في كلكتا والإمارات في الإمارات وسوريا في سوريا والسعودية.
وفي مونديال المكسيك كان أحمد راضي من اللاعبين المؤثرين جدا في المباريات الثلاث التي خاضها فريقنا وتمكن من تسجيل هدف العراق الوحيد في نهائيات كأس العالم في مرمى الحارس البلجيكي بفاف الذي اختير أفضل حارس مرمى في المونديال المذكور. وفي عام 1988 أسهم بفوز المنتخب الوطني بلقب بطولة كأس العرب التي جرت في الأردن، وشهد عام 1989 مساهمته في فوز المنتخب ببطولة الصداقة الدولية التي جرت في الكويت، حيث تعد هذه البطولة هي آخر بطولة يحرزها أحمد راضي مع المنتخبات العراقية المختلفة.
مشاركات أخرى
شارك أحمد راضي في بطولات أخرى لم يستطع منتخبنا إحراز المركز الأول فيها ومن أبرز هذه البطولات خليجي (6) في الإمارات عام1982، إذ انسحب منتخبنا بقرار سياسي كما شارك في دورة الألعاب الآسيوية العاشرة في سيئول عام 1986 وبطولة الرئيس الكوري الجنوبي عام 1987 وتصفيات كأس العالم عامي 88 و1989 وخليجي (10) في الكويت بسبب انسحاب العراق من هذه البطولة، وكان من اللاعبين البارزين في بطولة الأردن الدولية عام 1992.وشارك في تصفيات كأس العالم عام 1994، كما شارك في تصفيات بطولة أمم آسيا في الأردن عام 1996 وبعد هذه البطولة تم حرمانه من اللعب مع المنتخب الوطني مدى الحياة بسبب تهمة باطلة، حيث أدى هذا القرار إلى حرمانه من المشاركة في النهائيات التي جرت في الإمارات العام نفسه، إلا أن الاتحاد العراقي تراجع لاحقا عن قراره وسمح لأحمد راضي للعودة ثانية إلى صفوف المنتخب الوطني. حيث شارك في تصفيات كأس العالم عام 1997، وكانت هذه المشاركة هي الأخيرة لأحمد راضي مع المنتخبات الوطنية وشهدت تسجيله آخر هدف دولي في حياته الرياضية في مرمى باكستان.
أجمل مبارياته
خاض أحمد راضي العديد من المباريات الجميلة لكنه يعتز بمباراة الزوراء والقوة الجوية في بداية حياته الرياضية وكذلك مباراة الزوراء والكوت في تسعينيات القرن الماضي ومع المنتخب الوطني يعتز كثيرا بمباراة العراق وأوغندا في نهائي بطولة الصداقة والسلام في الكويت عام 1989 سجل فيها هدفا جميلا.
أهم أهدافه
أن أغلب الأهداف التي سجلها أحمد راضي في مسيرته الكروية الطويلة هي جميلة جدا إلا أنه يرى بهدفه الجميل في مرمى الصناعة في موسم 92 ـ 1993 الذي سجله بطريقة (دبل كيك) هو الأجمل في مسيرته، بينما يرى بهدفه الثاني في مرمى الكويت في المباراة شبه النهائية لبطولة الصداقة الدولية هو الأصعب وهدفه في مرمى قطر بضربة رأس في خليجي (9) بغير المتوقع، بينما يبقى هدف (المونديالي) هو الأهم.
ألقاب شخصية
حصل أحمد راضي على العديد من الإنجازات والألقاب الشخصية من أبرزها أفضل لاعب عراقي خلال القرن العشرين بالاشتراك مع حسين سعيد وتاسع لاعب في القارة الآسيوية طوال القرن المذكور، كما حصل على لقب أفضل لاعب آسيوي عام 1988 وكذلك أفضل لاعب عربي في العام ذاته، بينما نال هذا اللقب محليا في أكثر من موسم، كما فاز بلقب هدافي الدوري مرتين وحصل على لقب الهداف في بطولات غوتا الدولية عام 1981 وتصفيات شباب آسيا بالنيبال عام 1982 وكأس فلسطين بالمغرب عام 1983 والدورة العربية السادسة بالمغرب عام 1985 وتصفيات كأس العالم عام 1986 وخليجي (9) عام 1988 وكأس العرب عام 1988 وبطولة الصداقة والسلام عام 1989 وبطولة الأردن الدولية عام 1992 وهداف بطولة الكأس عام 1992 وهداف الدروي القطري عام 1994 وهداف الكأس القطري في موسم 1994 ـ 1995.
اعتزاله اللعب
قرر أحمد راضي في موسم 1998 ـ 1999 بعد أن قدم عروضا ممتازة جدا قادت فريقه "الزوراء" إلى إحراز لقبي (الدوري والكأس) اعتزال اللعب وفعلا كان قراره صائبا للغاية وما زال يمثل الخيار الأفضل لكل اللاعبين العراقيين، لأنه اعتزل وهو في قمة مستواه الفني والبدني.
تجاربه الاحترافية
برغم أن أحمد راضي تلقى في ثمانينيات القرن الماضي العديد من العروض للاحتراف في الدول العربية وكذلك مع أحد أندية أمريكا اللاتينية، إلا أن عدم تطبيق قرار الاحتراف في الملاعب العراقية جعل هذه العروض تموت في مهدها.. وفي عام 1990 وبعد السماح باحتراف اللاعبين العراقيين تعاقد معه نادي السد القطري، إلا أن هذا العقد لم ير النور بسبب تداعيات أحداث الثاني من آب 1990 وبعد ذلك وفي موسم 93 احترف مع فريق الوكرة القطري لمواسم عدة ، ثم احترف مع النادي العربي القطري وبعد ذلك احترف مع نادي دبا الحصن الإماراتي الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثانية وقد ندم راضي لاحقا على هذه التجربة.
مسيرته التدريبية
بعد اعتزاله اللعب تحول إلى التدريب وأشرف على تدريب فريق الشرطة وقاده للفوز بإحدى البطولات ثم أشرف على تدريب منتخب الناشئين الذي تحول بقرار مفاجئ إلى منتخب الشباب ومن ثم ختم مسيرته التدريبية مع فريق الزوراء وبعد ذلك تحول إلى العمل الإداري، حيث ترأس الهيئة الإدارية لنادي الزوراء لأربع سنوات ثم انتخب نائبا في مجلس النواب السابق.
مميزاته
يمتاز أحمد راضي بمميزات عدة لعل أهمها استخدامه ألعاب الهواء بشكل رائع جدا واستعماله قدميه بشكل متوازن، فضلا عن وقوفه الصحيح أمام المرمى وتعاونه مع زملائه داخل الملاعب الكروية.