شارلي شابلن.. ابن لندن الأكبر

شارلي شابلن.. ابن لندن الأكبر

إعداد وترجمة: ابتسام عبدالله
يتحدث الكاتب بيتر أكرويد عن كتابه (سيرة حياة شخصية لندنية مهمة وهو شارلي شابلن).
كان بيتر أكرويد، قبل هذه المقابلة، مستنداً بقوة على ساقه السليمة، وهو واقف في زاوية شارع ميثلي جنوب لندن، وتمضي كاتبة المقالة "هوراتيا هاورد" قائلة إنها كانت في تلك الأثناء، تلتقط صورة للشارع، وكان ايضاً برفقتهما سائق سيارة الأجرة (بول) السوري الجنسية،

وفي خلال الـ45 دقيقة التي مضت، كنا نحن الثلاثة نتجول في كينينغتون، بحثاً عن آثار معالم تلك المنطقة وابنها الأشهر: شارلي شابلن، الذي ولد في نيسان، اليوم السادس عشر منه، قبل 125 سنة. وبيتر أكرويد (الروائي الكبير)، هو آخر من كتب سيرة شابلن، و بول واحد من كبار المعجبين به، وقد شاهد كافة أفلامه وهو في مرحلة دراسته في حلب، ولهذا انطلق بقيادة السيارة ماراً بكافة الأماكن التي لها صلة بشابلن، كما تولى بدلاً عني في إجراء مقابلة مع أكرويد.
ويسأل " شارلي شابلن، هل له أخ او أخت؟ " و " هل كان متزوجاً ام لا؟ " و " اعتقد انه كان شيوعياً؟ " أهذا امر صحيح أم انه نوع من الدعاية؟ "
(وكانت الإجابات كالتالي: كان له شقيق واحد فقط، تزوج 4 مرات، كان متعاطفاً مع الحزب الشيوعي وليس عضواً فيه).
وبيتر أكرويد، الذي يبلغ 64 من عمره، وشاحب الوجه والبدن، كأن لا دماء في جسده، بشارب خفيف، و هو كاتب كبير في مجال تاريخ العاصمة الانكليزية، وفي تناوله سيرة حياة شخصيات مهمة عاشت في لندن، ارتبط بقوة مع شوارع العاصمة الانكليزية، وما كتب عنه يعتبر اليوم "لندن الخالدة" وكذلك الأمر مع رواياته – مستنقع الصقر – جاترتين دان ليتو و غولن، البيت الكلسي – حيث يجد القارئ فيها رائحة و أصوات وضجة لندن المفقودة.
وبيتر أكرويد له اهتمام ضئيل بالثقافة المعاصرة: " لا اذهب الى السينما ولا اذهب الى المسرح... وكنت أريد ان أقول الشيء نفسه عن الموسيقى، ولكن الأمر غير صحيح، لأنني ارتاد قاعات الموسيقى ".
وعن سؤال: " هل تجد نفسك اقرب فكرياً لشخصيات الماضي؟ " ويجيب: " اجل، كنت كذلك باستمرار، وهو امر غريب، كنت على الدوام مهتماً بأدب القرن التاسع عشر وفلسفته، وكذلك منسجماً ايضاً مع القرن العشرين."
وبالنسبة لأكرويد فأن شابلن ينتمي الى رؤى الكوكني " فقراء أحياء لندن "، والذين يتحدث عنهم ديكينز و بليك و تيرنر، انهم يتحدثون عن الحياة العريضة، الحياة الخارجية وليست الداخلية، ويمكن القول ان شابلن هو الوارث الوحيد لأعمال ديكينز نفسه، والاثنان ينتميان الى خلفيات معذبة، تساورهما الهواجس والخوف من الفقر والحاجة الى النقود، وكلاهما سيطرا على الناس من حولهما وكلاهما ايضاً كانا عاطفيين، مع الامتزاج بشيء من الفظاظة.
وكان أكرويد في زمن ما من سكان الأحياء الشعبية وله لهجة حديثهم، ولكن الأمر تغير بعد حين بعد تخرجه من الجامعة، ومثل شابلن، كان بلا أب و رعته والدته، وبعد تخرجه من كيمبردج و بيل، اصبح المحرر المسؤول عن الأدب في صحيفة الإسبيكتيتور، وكان آنذاك في العشرينات من عمره.
وانتبه أكرويد لشابلن بالصدفة، وكما يقول: عندما كتبت " سيرة لندن، تلقيت رسالة من احد الأشخاص يقول فيها، لماذا لم تذكر شيئاً عن شارلي شابلن؟ " وفكرت في الأمر و وجدت الأمر محقاً، وكان قد شاهد كافة أفلام شابلن وهو طفل، اتراه وجدها مسلية ومضحكة جداً بعد عودته الى تلك الأفلام القديمة وهو ينوي كتابة سيرة حياة شابلن! ويجيب " انها لاتبدو مسلية كما كانت آنذاك، ومن جهة أخرى، ان عدنا الى أفلامه الأولى، نجدها مضحكة وحادة وذكية. "
كان شابلن قادراً على رؤية حياته الحقيقية وسلسلة من عبثه مع الشابات كادت ان تخاطر بسمعته، ويجيب أكرويد " ما اهتم به عند الكتابة عن حياة الناس، محاولة نقل طبيعة ذلك الشخص، انت عندما تكتب عن شخصية ما، فالأمر لايعتمد على حبك أو كرهك له، لأنك ببساطة تريد ان تفهمه، وهكذا فأنا لا اكن مشاعر خاصة تجاههم. "
وبيتر أكرويد مهتم حالياً بحياة الفريد هيتشكوك، إضافة الى أجزاء أخرى لـ " تاريخ انكلترا " وهو بعد انتهائه من شابلن، نسيه تماماً.
و أكرويد، كتب منذ منتصف السبعينات كتاباً في كل عام و مكتبته في نايتز بريدج تضم كومة كبيرة منها.
وفي هذه الجولة، تصل الصحفية و أكرويد الى شارع ميثلي، حيث صف من الأشجار ومجموعة منازل غالية الثمن، حيث عاش شابلن في غرفة تحت السطح مع والدته بين عامي 1898 – 1899، وفي تلك الايام كانت البيوت في هذه المنطقة أقرب الى الأكواخ، وتطلع ثلاثتنا بهدوء بضع لحظات، قبل ان نتوجه الى النهر ونجتازه عائدين الى منازلنا.

* عن الغارديان