أجاثا كريستي تتحدث عن مذكراتها في سوريا والعراق

أجاثا كريستي تتحدث عن مذكراتها في سوريا والعراق

عرض/ اوراق
الأماكن التي نزروها دائما ما تذكر شيئاً من عطر ذاكرتها فينا وهذا ما لخصت به أجاثا كريستي أحداث رحلتها إلى سوريا والعراق وذكرياتها هناك في كتابٍ بعنوان”تعل قل لي كيف تعيش”الذي صدر عن دار المدى للإعلام والثقافة والفنون وترجمته إكرام الحمصي.

وذكرت كريستي جاء هذا الكتاب للإجابة عن الكثير من التساؤلات التي تطرح عليّ”لماذا انت في سوريا تنقبين؟ وكيف تعيشين في خيمة؟؟”ذاكرةً أن معظم الناس لا يرغبون في معرفة الجواب فالأمر بالنسبة إليهم مجرد تجاذب لأطراف الحديث ثم يظهر بعض الأشخاص ممن يعنيهم الأمر بالفعل.
كيف عشت وكيف ذهبت وكيف كانت الحياة هناك؟؟؟؟
جميعها تساؤلات تجيب عليها المعاول والمجارف والسلاسل”تلك كانت قدور الطهو التي استخدمناها”وفي تلك الصومعة الكبيرة كنا نحتفظ بقمحنا، وبتلك الإبر المصنوعة من العظام كنا نخيط ثيابنا، حتى مساحيق تجميلي كنت أضعها في هذه الجرة الصغيرة.
ذكرت كرستي في مقدمتها محذرةً القارئ من أن يصاب بخيبة الأمل فهذا الكتاب لم يكن عميقاً للغاية ولا يلقي الضوء على علم الآثار من زاوية مثيرة للإهتمام ولا يقدم وصف جميل للمناظر الطبيعية ولا يتصدى للمشكلات الاقتصادية وليس فيه شيء من التأريح، فهو مجرد واقع صغير من الجعة مجرد كتاب صغير للغاية يحتفي بالأعمال اليومية والأحداث اليومية.
وهنا تتحدث الكاتبة عن بداية التهيؤ للرحيل إلى سوريا، وتذكر إنها وصلت إلى الكيليكية التي تطل على واحدة من أجمل المناظر التي رأتها في حياتها وهنا أحست الكاتبة بما قد يكون موسى أحس به على حدّ تعبيرها فذلك الجمال الرقيق الضبابي الأزرق القاتم هو أرض لن يتمكن المرء من بلوغها إذ أن البلدات والقرى الحقيقية عند بلوغ ذلك المكان هي العالم اليومي العادي لا هذا الجمال الساحر الذي يدعوك إلى النزول...
ثم إنتقلت كرستي بعد ذلك إلى حلب وبعدها إلى بيروت حيث ينتظرهم مهندس معماري سيمهد لهم الطريق في رحلتهم الطويلة وسيتم إجراء أول استطلاع لهم في الخابور وجغجغ، تصف الكاتبة في رحلتها الاستطلاعية الأولى بيروت بأنها بحر أزرق وخليج مقوس وخط ساحلي طويل من جبال زرقاء ضبابية، هذا كان بالضبط المشهد الذي رأته من مصطبة الفندق ومن غرفتها المطلة على اليابسة.
بعد مدة حيث يطل الخريف تنتقل كريستي للخابور وجغجغ ذاكرةً لأستحالة دراسة كافة التلال الواقعة على طريقها تقرر العودة إلى الحسكة في الليلة نفسها، في ختام الحديث عن هذه الرحلة وصفتها الكاتبة بأنها حافلة بالمغامرات حيث رافقتهم أحوال جوية رديئة جعلتها تشعر بالرضا عن قرار العودة الذي إتخذته.
تنتقل بعدها كريستي إلى شاغر بازار حيث سكنت في قرية معظم مبانيها مهجورة ما جعلها تنفق مبالغ طائلة من أجل بناء مستوطنة ولم تضع أي ترتيب صحيح لوضع الأولويات البنائية، واجهت الكاتبة العديد من المشكلات والصعوبات في شاغر بازار، وبعد وقت طويل تقرر كرستي الرحيل إلى الرقة وهنا حيث تواجهها العديد من المواقف الإنسانية التي تتطلب منها تصرفاً حقيقياً وعطاءاً فريداً وموقفاً حاسماً، لتتعلم كرستي من هذه التجربة كيف تكون أكثر صلابة وبذات الوقت تحافظ على الإنسان الذي يسكنها.
ذكرت كرستي واصفة تلك الايام”كم كانت جميلة تلك الحياة وكم اني اتوق لأعيش فرح تلك الايام من جديد، فلا يعد تدوين هذا السجل البسيط مجرد مهمة، بل هو فعل حب، ولا هروبا إلى شيء كان بل تطعيما للمشقة والحزن اللذين يكتنفان هذه الايام بشيء خالد لم يكن في يوم مضى بل ما يزال كائناً."