إسماعيل ارزوقي:خمسون عاماً للرياضة.. بدايتها في باب السيف ونهايتها رئيساً للجنة الأولمبية العراقية

إسماعيل ارزوقي:خمسون عاماً للرياضة.. بدايتها في باب السيف ونهايتها رئيساً للجنة الأولمبية العراقية

بعض الرجال لا يحتاجون إلى مقدمة أو تعريف، فماضيهم أضخم من أن تحتويه مجموعة من الصفحات أو الوريقات، ومن أولئك الذين وضعوا لبنات الرياضة في القطر العراقي على الصعيدين المدني والعسكري يبرز اسم إسماعيل ارزوقي البطل واللاعب والإداري والمدرب ورئيس اللجنة الاولمبية و.... و.....!!

وابو حقي الذي تجاوز السبعين لما يزل إلى يومنا هذا يشعر بشعور الشباب وينافسهم حرارة الإحساس بما يحيط به ولكن هذه المرة ليس على صعيد الحركة الرياضية وإنما عبر حبه لأحفاده الذين يملأون عليه الدنيا.. ويعتبرهم من ابرز أسباب الحياة والسعادة.
* وخلال الزيارة التي قمنا بها للرجل الاولمبي الذي تقلد قبل عامين وسام التكريم ضمن الدفعة الأولى من رياضيي العراق الخالدين، علمنا انه لم يزل يتمتع بذاكرة قوية لا يفوتها شرح الأمور بالأيام والتواريخ، ووجدنا فيه مسحة الطرافة وحب الغير ومحاولة تقديم كل ما يحتاجونه من معلومات ووثائق وكذب.
باب السيف
وحتى نتناول مسيرة إسماعيل ارزوقي باختصار، لابد من تجاوز الكثير من المواقف والمناصب.. ولكننا سنسلط الضوء على ابرز المحطات في حياته وربما تأتي على تكملة الموضوع في مناسبة أخرى.
* عام 1917 ولد إسماعيل في محطة باب السيف (الشواكة) في بغداد..
في دار يطل على نهر دجلة، ولما بلغ الخامسة من عمره وجد نفسه مع بقية أقرانه يصارعون المياه ويقتحمون النهر متسابقين من اجل إظهار القوة وتأكيد الجدارة.
- ولا ينسى أبو حقي دور والده رحمه الله في تعليمه السباحة وتشجيعه على ممارسة الألعاب الرياضية حتى انه لم يصادف أي اعتراض على الاستمرارية في اللعب فيما بعد.
كرة السلة
ويكاد ضيفنا أن يختلف عن سائر أقرانه في فترة الطفولة ذلك لأنه اتجه نحو كرة السلة منذ عام 1925 رغم قصر قامته، في حين اتجه الأغلبية نحو كرة القدم، وهو لا ينسى مدرسة باب السيف الابتدائية ومديرها السيد موسى الخلخالي الذي كان يشجع حركة الرياضة والكشافة.. ويتذكر باحترام دور معلمه عبد الله حلمي العمر الذي علمه كرة السلة عام 1924.
الاميركان
ورغم أن المعلم عبدالله العمر لم يكن متخصصا بالألعاب الرياضية، إلا انه كان يصحب لاعبي مدرسة باب السيف لكرة السلة إلى ساحة مدرسة الاميركان الواقعة قرب الباب الشرقي ويجلسهم على الخط حتى يشاهدوا ابرز لاعبي المدرسة وهم يؤدون حركات اللعبة ويتعلمون منهم ويجدر بالذكر هنا أن مدرسة الأمريكان كان يدرب فريقها مدرب ارمني اسمه ترسيسيان وقد اشتهر بإجادته التحكيم إضافة إلى التدريب.
الكؤوس
بعد بلوغ المرحلة المتوسطة انتظم (صاحبنا) في المتوسطة الشرقية وفيها برز في العاب كرة القدم والكرة الطائرة وكرة السلة وحينها فاز مع زملائه بجميع الكؤوس التي وضعتها مديرية المعارف آنذاك، عام 1933.
- ومن الطرائف التي يتذكرها، هي أن معلم المدرسة كان يصحب الفريق إلى إحدى دور السينما بعد كل انتصار يحققونه على بطولات الكؤوس، وبعد الخروج من السينما ويجلس مع طلابه في مكان ما لشرب (الشاي مع الحليب) واكل قطع الكيك احتفالا بالمناسبة.
المركزية
عام 1936 أصبح إسماعيل طالبا في الصف الرابع الثانوي في الثانوية المركزية واستمر يلعب كرة السلة والطائرة وكرة القدم وبلغ مستو رفيعا فيها وفي السنة الدراسية 1937-1938 وقبل أن يحصل على شهادة الدراسة الإعدادية تم قبوله في المدرسة الحربية (الكلية العسكرية)، وأصبح طالبا فيها وتخصص في كرة السلة فقط لان ضابط الألعاب وقتذاك محمد بسيم حسون كان يخشى عليه من الإصابة فيما لو زجه ضمن فريق كرة القدم، وفعلا تمكن من قيادة فريقه عام 1939 إلى الفوز بكاس طه الهاشمي بكرة السلة.. وفي حينها حصل فريق المدرسة الحربية على كأس طه الهاشمي لكرة القدم أيضاً.
سعدون حسين
وهو يتحدث، تشعر أن أبو حقي يحمل شعوراً غريبا وفياضا تجاه أصدقائه من الشباب، ولكن الأبرز بينهم على الإطلاق كما تحسن من نبراته هو سعدون حسين زميله في المدرسة الإعدادية والمدرسة الحربية والذي كان يلعب بمركز حماية الهدف، ويجيد فنون كرتي السلة والطائرة.
ضابط العاب
وبعد تخرجه برتبة ملازم ثم تعيينه في فوج الحراسات في وزارة الدفاع، ثم أصبح عام 1940 ضابطا لألعاب الثانوية العسكرية ويومها كان يلعب ضمن منتخب الثانوية في بطولات الكرة الطائرة.
وبعد مسيرة وظيفية تنقل فيها بين بغداد والموصل والمسيب، حدث عام 1947 إن زار المسيب نور الدين محمود قائد الفرقة الأولى وطلب ضابط للألعاب يقود أبطال الفرقة فتم ترشيحه لهذا المركز، وعندها انتقل إلى الديوانية وتمكن في عام 1948 أن يعد منتخبات متكاملة حصلت كؤوس كرة السلة والكرة الطائرة والسباحة وفي سباق 1948 فازت الفرقة الأولى على الحرس الملكي حتى في سباقات الساحة والميدان.
مدرب فني
عام 1954 تم تنسيبه للعمل كمدرب فني لألعاب الجيش في حين كان المرحوم مجيد الخطيب ضابطا لألعاب الجيش.
- وتشاء الصدف ان يطلب مجيد الخطيب النقل خارج الألعاب في الأيام التي سبقت بطولة الجيش السنوية بالعاب الساحة والميدان، فبقي إسماعيل وحده يكافح من اجل تأكيد الجدارة، وتمكن بعد مساعدة بعض الضباط من إخراج مهرجان رائع سجلت فيه العديد من الأرقام القياسية، وبعد المهرجان أصبح ضابطا لألعاب الجيش للمرة الأولى في تاريخه الوظيفي والرياضي.
- وفي موسم 1954 – 1955 تطورت لجنة العاب الجيش لتصبح (شعبة العاب الجيش) وبقي فيها لغاية عام 1958 بصفة مدير.
ثورة تموز
وبعد ثورة 14 تموز المجيدة أصبحت شعبة العاب الجيش مديرية متكاملة وعين إسماعيل ارزوقي مديرا لها وتمكن بفضل حنكته وحسن تخطيطه أن يستقدم للقطر أفضل الفرق العسكرية، وكانت اللحظة التاريخية الكبرى هي ما حصل عام 1959 حيث تم إعداد منتخب الجيش لغرض السفر إلى الصين وفيتنام وكوريا والاتحاد السوفيتي، وهناك تألق منتخبنا وأحرز نتائج لا بأس بها رغم حداثة تكوينه.
التقاعد
عام 1963 وقبل ثورة 8 شباط المجيدة بأسبوع واحد تمت إحالته على التقاعد، إلا انه عاد بعد الثورة إلى وظيفة مدير التربية الرياضية العام واستمر كذلك حتى عام 1968 حيث تم تعيينه وكيلا لوزارة الشباب.
العمل الاولمبي
ومن يراجع خطوط العمل الاولمبي للسيد اسماعيل ارزوقي يكتشف انه اصبح عضوا في اللجنة الاولمبية الوطنية العراقية منذ عام 1954 وحتى لحظة احالته على التقاعد بداية شباط 1963.
وفي عام 1963 أصبح رئيسا للجنة الاولمبية الوطنية العراقية حتى عام 1968 حيث أحيل على التقاعد وابتعد عن العمل الاولمبي بعد أن قضى مدة ست سنوات ونصف رئيساً للجنة.
مقتطفات
باختصار شديد تنولنا لمحات من تاريخ الرياضي الاولمبي السيد اسماعيل ارزوقي.. وهنا سنكتب مقتطفات من عمله الرياضي:
- شارك في مؤتمرات عالمية وعربية كان منها ما هو على الصعيد الاولمبي او العسكري او العربي حيث تم اختياره عضوا في اللجنة الرياضية للجامعة العربية التي كان مقرها في القاهرة وشارك بهذا الخصوص في مؤتمرين احدهما في ليبيا والثاني في بغداد.
- ترأس العديد من الوفود الرياضية العسكرية والمدنية الى خارج الوطن وكان له شرف يادة المنتخبات العسكرية والمدنية الى خارج الوطن وكان له شرف قيادة المنتخبات العسكرية والاولمبية والوطنية لاكثر من مناسبة.
- شارك عام 1962 في اجتماعات المجلس الدولي العسكري التي جرت في الولايات المتحدة الامريكية.
- سعى لاستقدام الفرق العربية والاجنبية وفي مختلف الالعاب لملاقاة الفرق العراقية.
- عام 1960 اصدر مجلة الرياضة العسكرية واصبح رئيسا لتحريرها.. وكتب فيها عن زيارة منتخب العراق العسكري الى كوريا والصين وفيتنام والاتحاد السوفيتي، باسلوب شيق وجذاب.
- ساهم في ارسال البعثات العراقية للحصول على الشهادات المتقدمة في التربية الرياضية واظن ان العديد يتذكرون (مواقفه) في هذا المجال.
- 1988 تم شموله بالتكريم الاولمبي ضمن الدفعة الاولى التي تقلدت الوسام الاولمبي في قصر المؤتمرات، تقييما لمسيرته الخالدة مع الحركة الرياضية في القطر والتي استمرت اكثر من نصف قرن دون انقطاع.

مجلة الحضارة 1988