والكوت: أميركا تجلب المتاعب للعالم

والكوت: أميركا تجلب المتاعب للعالم

ترجمة :حسن عبد حسن
الأوبرا التي كتبها الشاعر ديريك والكوت هي الاولى التي قام بإخراجها حسبما ذكرت الشركة المنتجة لها، وهي مأخوذة عن مسرحية انتيغون من تاليف الكاتب اليوناني سوفوكليس. ومن المتوقع ان تقوم شركة مانينغ كاميراتا للانتاج الموسيقي في لندن بانتاج اوبرا «دفن في طيبة». وقال بيان الشركة الذي نشرته بهذا الخصوص إنه «العمل الاول لوالكوت الذي يقوم به باخراج اوبرا»،

ويستند نص الاوبرا الى نسخة الكاتب سيموس هيني لمسرحية انتيغون للكاتب اليوناني سوفوكليس، في حين وضع الموسيقى المؤلف الترينيدادي دومينيك لو جندر. وبدأت النقاشات التمهيدية بشان تصميم مسرح الاوبرا والمسائل الاخرى في الصيف الماضي في مدينة ميلانو الايطالية، التي حل عليها والكوت ضيفاً على مهرجان فني. وكشاعر يقف والكوت في موقف معارض للعديد من الشعراء المعاصرين له. ورغم أن الاسلوب السائد للشعر المعاصر اعتمد على المفردات الاصطلاحية وكلام الاحاديث، إلا ان والكوت عمد الى العودة الى الاشكال الشعرية التقليدية، مخاطراً باستخدام الغريب من الكلام. وقلة من شعراء الكاريبي الشبان اتبعوا اسلوب والكوت، في حين فضل كثيرون تشكيل قصائد يمكن تلحينها من قبل المطربين.

ويرفض والكوت موضوع التصنيف الطبقي في جودة الشعر والشعراء الذين ينظمونه، وقال إن منطقة الكاريبي قدمت عدداً كبيراً من الشعراء الرائعين، وهم من عرقيات مختلفة، ويصب جام انتقاداته الشديدة على الشعراء الأميركيين المعاصرين بصورة عامة لانهم لا يتطرقون لموضوع الحرب ويقول «أميركا معزولة تماماً عمّا يحدث في العالم لدرجة ان الشعراء لم يكتبوا عن سياسة دولتهم الخارجية، ولانسمع منهم شيئاً من قبيل أنها تجلب المتاعب للعالم»، «ولهذا السبب اراد والكوت ان يقدم هذه الأوبرا ولهذا اراد ان يقدم الملك كريون، قائد دولة عصرية. ويقول «إنها عن ديكتاتور متحضر ومستبد».

وديريك ابن مزارع أبيض من باربادوس يدعى واريك والكوت، كان مثقفاً، يرسم اللوحات ويكتب الشعر وينظم الامسيات المسرحية في جزيرة سان لوسيا المجاورة، التي استقر مع عائلته فيها. وتوفي في سن الرابعة والثلاثين، عندما كان ابنه ديريك في عامه الاول، في 23 أبريل وهو يوم ميلاد الشاعر الانجليزي شكسبير. وولد ديريك والكوت في عام 1930 وترعرع في جزيرة سان لويس، إحدى جزر الكاريبي الصغيرة، حيث تلقى ما يقول عنه إنه «تعليم إنجليزي جيد”وكان جيله، وكذلك جيل والده، يتعاملون مع نصوص اللغة الانجليزية وكأنها لغتهم الخاصة بهم. وفي رده على فترة ما بعد الاستعمار التي كان ينظر فيها الى اعمال الفنانين بأنها مواجهة لأساطين الفن في الفترة الاستعمارية، حافظ والكوت على استقلالية في التفكير، وكتب يقول «اللغة الانجليزية هي الامبراطورية، والشعراء العظماء ليسوا فرسانها وانما أمراؤها».

وعندما تم تحفيز النبض الادبي من قبل البيئات المختلطة للبيت والمدرسة كانت استجابة والكوت كما يقول «تماماً مثل تلميذ مدرسة انجليزية اراد ان يصبح شاعراً، ويريد ان يقتفي اثر علَماً أدبياً كبيراً من عصره امثال اودن، وماكنيس، وديلان توماس»، ويعود والكوت بالذكريات الى الماضي ويقول «كان اول ديوان شعر نشرته في عام 1949 وكان يحوي 25 قصيدة، وكلف طبعه 200 دولار».

ورغم ان والكوت بلغ الـ78 من العمر، إلا انه لايزال في حالة بدنية جيدة، وكان يدخن بشراهة ويتعاطى الكحول طيلة حياته تقريباً إلا انه توقف عن ذلك منذ عقد من الزمن تقريباً. وهو يتحدث الانجليزية بلكنة كاريبية.

ولم يكن هناك متسع للفن في مجتمع سان لوسيا، ولذلك غادر والكوت الى تريناداد عندما اصبح في العشرينات من العمر، وهي اكبر الجزر مساحة في المنطقة، بحثاً عن بيئة اكثر خصباً. وقبل بضع سنوات من هذا التاريخ كان الكاتب «في. اس نيبول”قد ابحر نحو بريطانيا محتقراً البيئة المتصحرة ثقافياً التي يعيش فيها. وكانت تربط الرجلين علاقة في وقت سابق ولكنهما اصبحا خصمين في وقت لاحق وبصورة علنية. وتفاقمت الامور بينهما أخيراً بعد ان قدم نيبول وصفاً مزعجاً عن والكوت في كتابه الذي نشره أخيراً عن سيرة حياته. ورد والكوت على ذلك بكتابة قصيدة فاحشة القاها في مهرجان شعري في جامايكا في شهر مايو الماضي، وقال في بدايتها «لسعتني حشرة، وعلي ان اتجنب الاصابة بالحمى، وإلا فاني سأموت تماماً مثل كتابات نيبول»، ويحذر اصدقاء الشاعر ان يذكروا اسم نيبول امامه. وقال ذات مرة في معرض حديثه عن الأدباء الحائزين جائزة نوبل «انظروا الى الاشخاص الذين لم يتلقوا الجائزة امثال : اودن، وفروست، ونيبول. كان نيبول قد تلقى الجائزة عام،2001 أي بعد تسع سنوات من حصول والكوت عليها.

وعمل والكوت عام 1956 مراسلاً في تريناداد غارديان حيث غطى الاحداث والمعارض المحلية. ولكنه كان يقوم بالكتابة والاخراج للعديد من شركات المسرح في ذلك الوقت. ويعتبر المسرح بالنسبة لوالكوت بمثابة الملاذ في مسيرته الادبية. ورغم ان حياته كشاعر كانت «تفوقاً مستمراً بلا انقطاع”كما يقول الناقد الاميركي ادام كيرش، فإن مسرحياته البالغ عددها ٨٠ ظلت محلية الى حد كبير. وكانت النظرة إليه كرجل مسرح ضبابية، اذا كان الذي ينظر اليه من لندن ونيويورك اللتين طالما قال عنهما والكوت إنهما «مركزان ثقافيان».
عن «الغارديان»