تحقيق مع الموسقار الاستاذ محمد القصبجي

تحقيق مع الموسقار الاستاذ محمد القصبجي

قال الاستاذ القصبجي رداً على هذا السؤال إذا قلت إن الموسيقى العربية فسدت فيجب على ان أتحدث عن وسائل إصلاحها.. ولكنها لم تفسد بل تطورت وتقدمت.. فموسيقى القدماء هي نفسها الموسيقى الموجودة الآن ولكن النظام الموسيقي هو فقط الذي تغير وتبدل فمثلا الموسيقى القديمة كانت عبارة عن مغنى (الادوار) و(الردود) وتغني الكلمتين في ساعة او يزيد..

اما الآن فتقضي الساعة في الأغنية التي تبلغ المائة كلمة يتخللها التعبير التصويري الصادق.. هذا التصوير الذي كان معدوما عند قدماء الموسيقيين.
ولمن يرجع الفضل
في هذا التقدم الموسيقي؟
الفضل في تقدم الموسيقى يرجع الى الزمن نفسه ومن سماع العناصر الموسيقية الغريبة التي دخلت علينا في هذا البلد.. وإذا كان لا بد من ان أتحدث في عدد (الصباح) الفضي التاريخي عن الاشخاص الذين لهم أثر في هذا التقدم فاقول لك بكل صراحة.. ان التقدم بدأ بالمرحوم سيد درويش ثم بمحمد القصبجي ثم محمد عبد الوهاب.. أقول لك محمد القصبجي (اونا محمد القصبجي) فان حاول الناس ان ينكروني فأنا لا انكر حق نفسي. فانا اول من لحن المنولوجي.. وانا اول من وضع الموسيقى الصامتة ولم يسبق بها إلا المرحوم سيد درويش ولم يضعها من بعدي إلا محمد عبد الوهاب.. وليس معنى هذا انني أنكر حق الاستاذ الموسيقار زكريا أحمد فهو رجل فنان له مركزه إلا انه مازال يحتفظ بطابعه القديم دون ان يسير مع العصر والتطور.. واذا كان يوجد عيب في دنيا الموسيقى والغناء هذه الايام فلأن الاصوات الصالحة للأداء تعد قليلة جدا.. وإذا سألتني أيضا لماذا إنعدم الغناء القديم اقول لك لأن المطربين الذين يؤدون هذا اللون انعدموا تقريبا ولم يوجد مطرب له صوت صالح لدور (يا ما انت واحشني) او (انا عشقت) إلا الاستاذ صالح عبد الحي.
وهل حققت الموسيقى الجديدة أغراض وقرارات المؤتمر؟
أقول لك بكل صراحة ان مؤتمر الموسيقى العربية كان مؤتمراً فاشلا لأننا خرجنا منه دون اية نتيجة.. ويكفي ان أقول لك بان الدكتور (زاكس) بعد ان انتهى المؤتمر قال: إذا كنتم تريدون ان تحتفظوا بموسيقاكم فعليكم ان تحتفظوا بـ (الدربكة) و(المزمار) فاذا كان المؤتمر قد انعقد لكي يقول لنا الدكتور زاكس مثل هذا الكلام فيكون المؤتمر قد إنعقد بقصد الشر للموسيقى العربية دون ان يعمل لخيرها.
ومن تراه مسؤولا
عن فشل المؤتمر؟
- جميع الاعضاء الذين اشتركوا فيه
ومن هم؟
- لا أعرفهم.. واذا عرفتهم فلا أذكرهم.. فأنا الآن لا اتحدث عن شخصياتهم.. إنما أتحدث عن أعمالهم.. والشيء الذي أعرفه عنهم انهم لا يفهمون الموسيقى العربية على حقيقتها..
هل إستفادت الموسيقى والموسيقيون من وجود محطة الاذاعة؟
محطة الاذاعة لم تفد احدا.. ولكنها استفادت من أم كلثوم وعبد الوهاب وشرائطهما ولولا ذلك لما كان للمحطة اي مجهود يستحق الذكر.. وليس في برامجها ما يستحق الذكر دون عبد الوهاب وام كلثوم..
من ترشح من المطربين والمطربات في صف أم كلثوم وعبد الوهاب؟
لن اضع احداً بجانبها وها هي ام كلثوم موجودة وعبد الوهاب موجود أطال الله عمرهما.. وهما في فنهما لا ينازعهما أحد في مركزهما ولا اجد احداً يستحق ان يفكر في منافستهما وقد تظهر الايام من العجائب ما هو في ضمير الغيب وهذا مالا نعلمه إلى الآن ولي ان اضرب لك مثلا بالسيدة منيرة المهدية عندما كانت تذيع على عرش الطرب كان الجمهور لا يفكر ابداً في ان هناك مطربة اسمها أم (كلثوم) تخلفها بينما كان يعاصر منيرة عشرات المطربات؟.. ثم شاء الله ان يعوض للناس اعتكاف السيدة منيرة المهدية بالدر او الهبة الالهية الثمينة (ام كلثوم).
التدريس الموسيقي الخالي
هل يفيد الموسيقى الحديثة؟
بكل تأكيد.. ويجب تعميم التدريس في جميع المدارس ولكن الذي الاحظه ان المدرسين لا توجد الروح الموسيقية في دمهم. والمعاهد الموسيقية يجري فيه التدريس بالطريق العلمي فقط.. فيجب ان يشرف على البرامج بعض الموسيقيين العاملين لبث الروح العملية الى جانب الروح العلمية. حتى لا نجد في المستقبل من المتخرجين من لا يعزفون او لا يلحنون مثلهم مثل خريج الحقوق الذي لا يستطيع الدفاع أمام المحكمة.. او الطبيب الذي يتخرج من كلية الطب ويخاف من (المشرط)!

مجلة الصباح - 1947