قحطان جاسم جواد
بعد ثورة 23 تموز عام 1952 في مصر التقدمية والقومية كان لابد من بروز مجموعة من الاغاني الوطنية والثورية التي تعبر عن طموح الشعب وقادته.... وكان لبروز ثنائي تشكل في مصر ضمن هذا المجال (صلاح جاهين وعبد الحليم حافظ) اللذان انجزا الاغاني واكثرها تعبيرآ عن هموم الامة العربية وتطلعاتها فصلاح جاهين نقل الاغنية السياسية من مرحلة الغناء عن الفقر والكدح والظلم
الى مرحلة المعارك الجماهيرية ضد الاستعمار والرجعية.. حتى صارت كلماته اناشيد وهتافات ترددها الجماهير بمجرد اذاعتها عبر الاثير.. في حين حول عبد الحليم حافظ اشعار جاهين وكلماته من شعارات زاعقة الى هتافات امتلاءت حرارة وازدادت شعبية.. بل ان بعضها اصبح يماثل خطابات الرئيس الراحل عبد الناصر بتأثيراته على الجماهير.. فكانت تشكل وعيآ لمد صاعد هو مد حركة التحرر الوطني..
فأغنية يااهلا بالمعارك التي جاءت اغنية معبرة ورائعة بعد ان قال جمال عبد الناصر (اذا اراد الاستعمار المعارك فيا اهلا بالمعارك)
في عام 1956 قبل العدوان الثلاثي على مصر فانتفض صلاح جاهين ليكتب اغنية (ياهلا بالمعارك) ثم قدمها عبد الحليم حافظ بصوته العذب والمؤثر ليجعل كل الجماهير ليس في مصر حسب بل كل انحاء الوطن تردد من بعده..
ياهلا بالمعارك
يابخت من يشارك
فكانت هذه الاغنية مفخرة للنضال العربي ضد العدوان.. وهي اجمل الاغاني الوطنية التي انشدها عبد الحليم حافظ.. وبات يطلبها منه الجمهور حتى في الحفلات العادية حين يغني الاغاني العاطفية.. كما احبها عبد الناصر نفسه وكان يوصي اهل الاذاعة المصرية بأذاعتها بعد نشرة الاخبار يوميآ.
ومن الاغاني الزطنية الاخرى التي تعبر عن عمق التلاحم الجماهيري الاستعداد للنضال وتحرير الاراضي المحتلة اغنية (المسؤولية) وهي من كلمات صلاح جاهين ايضآ وقد قدمها عبد الحليم حافظ باداء عذب وحس وطني قل نظيره. ومن الاسهامات الرائعة في مجال الاغنية الوطنيه لعبد الحليم دوره في النشيد الرائع وطني الاكبر الذي غنى فيه اهم مقطع بعد ان جعله ملحنه موسيقار الاجيال الراحل محمد عبد الوهاب يختار المقطع بنفسه بسبب حبه له وقربه منه.. ومن اغانيه الاخرى (ح نحارب) و(احنه ح نبني السد العالي) وبمرور الايام صار عبد الحليم حافظ مطرب ثورة 22تموز من دون منازع ,برغم وجود عشرات المطربين الكبار ممن غنى للثورة ايضآ. وفي الستينيات غنى عبد الحليم بالاحضان وياحبايب السلامة وبلدي يابلدي وبستان الاشتراكية وصباح الخير ياسينا التي كتبها عبد الرحمن الابنودي ولحنها كمال الطويل.. ثم غنى صوت الجماهير
من كلمات حسين السيد والحان محمد عبد الوهاب :
شعوبنا الحرة ياعربية
كافحي وزيدي ثبات وعناد
ان كان فيه للغدر بقية
نار الغدر حطبها رماد
ومن الاغاني التي لا تبارح الذاكرة اغنية
ابنك يقولك يابطل هات لي انتصار.. ابنك يقولك ثورتك عارفة
الطريق. لقد تمكن عبد الحليم حافظ من ان يحتل عرش الاغنية الوطنية بجدارة مثلما احتل عرش الاغنية العاطفية لذا اطلقت عليه الجماهير لقب العندليب الاسمر.. واهمية ما حققه يأتي من كونه حقق ذلك المقام في وقت كانت هناك قمم الغناء تتسيد المساحة الغنائية كعبد الوهاب وام كلثوم وفريد الاطرش وفيروز ووديع الصافي وفائزة احمد ووردة الجزائرية وغيرهم.