تجارب أحمد خلف بين مقالات ومجموعة حوارات صحفية

تجارب أحمد خلف بين مقالات ومجموعة حوارات صحفية

لم يترك الروائي أحمد خلف مقدمة لكتابه (الجمال في مدياته المتعددة) توضح لي كقارئ، عمّا يرغب خلف، لتسليط الضوء أو الحديث عنه من خلال هذا المؤلَّف، لم يترك لي سوى كلمة تظهر في أعلى الجانب الأيمن من الغلاف وهي”تجارب”وعنوان لكتابه يتوسط الغلاف، وجملة استفهامية لموضوعه الأول في الصفحة الخامسة من الكتاب (لماذا عالم القصص والروايات وحده؟)...

ولكني اعتقدت أن خلف يحاول الوصول إلى الجمال من خلال تجارب عديدة مع مؤلفات أو أحداث أو شخوص خاضها هو شخصياً، وها هو يعمل على ايصالها للقارئ من خلال هذا الكتاب، والذي بدأه مبرراً بحسب فهمي لموضوعه الأول أن مهمة الكاتب هي ايصال الحقيقة بعيداً عن ميوله ورغباته، وتوجهاته، مشيراً إلى الروائي الروسي شلخوف في حديثه مع أحد الصحافيين الاميركان، عن روايته الدون الهادئ، ورغم أن توجه شلخوف كان منصباً نحو الحمر، إلا انه اظهر في روايته الحقيقة ولاشيء غيرها، وحاول خلف من خلال طرحه لهذه الحكاية أو قد نعتبرها تجربته الأولى التي عرضها من خلال هذا الكتاب إلى انه”يحاول أن يمتثل الى جوهره ومشروعه وآماله العريضة التي ترسم وحدها الموقف الحاد وتحدد سمات المستقبل...".
في هذا الكتاب يعرض خلف تجاربه مع عدد كبير من الروائيين من بينهم باولو كويلو في روايته الخيميائي، حيث سيتسلل لها خلف من خلال رواية الراحل نجيب المانع، وحاول من خلالها أن يسوق الأحداث الى رواية كويلو، التي يجد أنها تشبه في بعض خصائصها البنائية عدداً من الروايات العراقية والعربشية والغربية التي سبق وأن قرأت من قبل.
كتب كثيرة، وكُتاب كبار آخرون يشير إليهم خلف في تجربته تلك، التي حاول أن يسردها لنا، ويذكر في موضوعة”آخر المحاولات”متحدثاً عن الأحداث التي واجهتها البلاد خلال سرقة المتحف الوطني، والاحباط الذي لازمه من خلال هذه الحادثة، ويذكر خلف”ادركت أن لا مكان آمن في هذا العالم لا يمكن اختراق حرمته حتى لو كان متحفاً وإن قناعتي السابقة انني عولت على هيبة المتاحف والجامعات واتفاق الجميع على حرمتها وعدم تنديسها، لم تكن إلا تصوراً رومانسياً لا اعتبار له وسط عجاجة السطو على كل شيء وأي شيء".
وأعتقد أن من أهم الموضوعات التي ناقشها خلف في تجرتبه هذه هو موضوعة”مستقبل المطبوع العراقي”الذي يسهب خلف خلاله بالحديث عن صناعة كتاب عراقي...
هذه المقالات التي وثّقها خلف من خلال كتابه (الجمال في مدياته المتعددة) قد تكون عالم كبير لملم به خلف وجمع فيه عدداً كبيراً من الكتب، والكُتاب والمفكرين والأدباء والروائيين الكبار، اضافة الى احداث سياسية واجتماعية وثقافية كثيرة، وسير وتوثيقات تأريخية، قد يجدها القارئ في كتاب واحد ويتعرف إليها بدلاً من أن يتشتت، ومن خلال تجربة واحدة.
ينشر خلف خلال كتابه هذا مجموعة من الحوارات التي اجريت معه، ومن قبل محاورين عدّة، بذلك استطاع خلف جمع تجربته الروائية من خلال مقالات كتبها، وحوارات اجريت معه في كتاب واحد.