رفض العزف للمطربين وبقي منفرداً... رحيل عازف العود العراقي سلمان شكر

رفض العزف للمطربين وبقي منفرداً... رحيل عازف العود العراقي سلمان شكر

عدنان حسين أحمد
في عام 2007 توفي عازف العود العراقي سلمان شكر عن عمر يناهز السادسة والثمانين، بعد صراع طويل مع المرض، وقد فارق الحياة وهو يعاني إحباطات نفسية كثيرة، عمّقها شظف العيش والفقر المادي المدقع للأسرة برمتها.وُلد سلمان شكر داوود في بغداد عام 1921 في أسرة لا تعير الموسيقى شأناً،

ووقف والده موقفاً متزمتاً من محاولاته تعلم العزف على آلة العود في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، وأقدم على تحطيم عدد من أعواده التي اقتناها في مطلع صباه وشبابه.
وكان شكر عازفاً على آلة الكلارينت قبل دخوله الى المعهد الموسيقي، وضمّه الرائد حنا بطرس الى جوقهِ الموسيقي المعروف آنذاك. دخل سلمان شكر معهد الموسيقى العراقي عام 1936 ضمن الدورة الأولى التي دشنت المعهد، وتتلمذ على يد أستاذه الموسيقار الشريف محيي الدين حيدر، وظل وفياً له ولتجربته الفنية التي تركت بصماتها على أغلب عازفي آلة العود في العراق.
ولم تكن ظروفه الدراسية مواتية، ما اضطره لترك الدراسة مدة ثلاث سنوات، ثم عاد إلى المعهد، وتخرج عام 1944. وبعد ثلاث سنوات عُيِّن سلمان شكر أستاذاً لآلة العود، وظل محتفظاً بهذا اللقب مدة ثلاثين عاماً حيث تخرجت على يديه نخبة من العازفين العراقيين المهرة أبرزهم: علي الأمام، معتز محمد صالح البياتي، حبيب ظاهر العباس، حسام الجلبي، أحمد المختار، وعازف العود اليمني جميل غانم.
ونتيجة لخبراته المتراكمة عُيّن مستشاراً في وزارة الثقافة والإعلام لسنوات عدة، كما أنيطت به مسؤولية رئاسة اللجنة الوطنية للموسيقى لسنوات أخرى حيث مثّل العراق في أمسيات ومهرجانات فنية عدة. شارك سلمان شكر في الكثير من الأنشطة والفاعليات الموسيقية حيث قدّم عروضاً عدة في العزف المنفرد على آلة العود في الصين، والاتحاد السوفياتي السابق، وألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية، وإنكلترا، وإيران، ومصر، إضافة الى ما قدّمه في العراق سواء في أمسياته الفنية الحية، أو تلك التي احتضنتها دار الإذاعة والتلفزيون.
أنجز سلمان شكر عدداً من المؤلفات الموسيقية الرصينة من بينها «الغجرية» و «وادي الموت» و «من وحيها» و «حورية الجبل» و «مهرجان في بغداد”و «سماعي ماهور”و «سماعي رست”و «بشرف شد عربان”و «سماعي نهاوند». أحب سلمان شكر آلة العود حُباً من نوع خاص، ولم يُعرف عنه أنه عزف بمصاحبة مطرب أو مؤدٍ للأغاني التراثية أو الشعبية. فالموسيقى بالنسبة إليه تملك بعداً روحياً، ومضموناً فلسفياً.
وكما يؤكد الباحث عاصم الجلبي، فإن سلماناً أراد «لآلة العود منزلة أوسع وأكبر من كونها آلة مُصاحبة ومراسلة، فعمل على إظهار هويتها وشخصيتها كآلة منفردة تستطيع أن تعبر عن ذاتها وعن إمكاناتها الصوتية».
وأسس شكر في أواسط الستينات «خماسي العود البغدادي» الذي ضم إضافة إليه، كلاً من آرام تاجريان «كمان أول» و آرام بابوخيان «كمان ثانٍ» وجورج مان «كمان أوسط”وحسين قدوري «شيللو».