كوكتو.. صاحب المسرح الطليعي:  ستبقى أعمالي بعد رحيلي قيد الاكتشاف

كوكتو.. صاحب المسرح الطليعي: ستبقى أعمالي بعد رحيلي قيد الاكتشاف

ترجمة: مها محفوض محمد
مع احتفال المسرح العالمي هذا العام بروائعه تم تدشين متحف يحمل اسمه قبل أيام، ولم يكن فقط كاتباً مسرحياً بل كتب الشعر وعمل في السينما واحترف التشكيل ليترك بصماته في الحركة السوريالية رغم حقد السرياليين كأندريه بروتون على هذا الدراماتولوجي الحداثي الذي أسس مجلات أدبية عدة.
إنه جان كوكتو وشّام الأدب العبقري استحق عن جدارة أن يرفع متحف شعاراته وطروحاته اليوم.‏‏

ولد جان كوكتو عام 1889 وعرف الشهرة منذ العام 1905 حين دخل الصالونات الأدبية الباريسية وشغل أروقتها حيث أقام علاقات صداقة مع كل من آن دونواي وأدمون ريستون ومارسيل بروست وفرانسوا موريال وتم عرض مسرحيته«الأمير الطائش» عام 1910 على إحدى خشبات المسارح الباريسية قبل أن يسهم في أعمال الباليه الروسية.‏‏
ارتبط قبل مئة عام من الآن بصداقة مع بيكاسو ومع الشاعر أبو لينير وماكس جاكوب وبليز ساندراس كما وقف إلى جانب التشكيليين التكعيبيين ودافع عن إيغور ترافنسكي وجورج أدريك وفرانسيس بولينك وخلال الحرب العالمية الأولى أخرج عدة مسرحيات من تأليفه كما كتب في النقد والتحليل الأدبي.‏‏
دخل الأكاديمية الفرنسية عام 1955 وتوفي عام 1963، لكن مسرحياته مازالت تعرض حتى اليوم مثل «ثور فوق السطح» و«عرسان برج إيفيل» و«الآلهة الشيطانية”و«أصوات إنسانية”و«فرسان الطاولة المستديرة» و«مأساة شعرية عنوانها الوحوش”وأعمال كثيرة غيرها فيها الميثولوجيا الإغريقية والعبر والأمثال والتاريخ والوثائق حتى لقب كوكتو برائد المسرح الطليعي.‏‏
كان وقوفه إلى جانب جان جينيه في محنته مدوياً... ورغم أن كوكتو ملأ الدنيا وشغل الناس إلا أن الشهرة لم تصب مقتلاً في إبداعه وبقيت أخلاقه على مستوى موهبته وقد صرح قبيل وفاته لكوكو شانيل: ستبقى أعمالي بعد رحيلي قيد الاكتشاف.‏‏
ورغم أنه تعاطى الأفيون إلا أن كان يتأثر كثيراً لفقدان أصدقائه المقربين أمثال ريمون راديفي صاحب «الشيطان في الجسد» والذي رحل إثر إصابته بالتيفوئيد بعد أن نال إعجاب مشاهير عصره خاصة بيكاسو الذي وصفه بالأديب الذكي.‏‏
ترك كوكتو بصمات عميقة في تاريخ السينما حتى اعتبره البريطاني أولسون ويلز مخترع النهج الجديد في السينما حيث أدخل الحلم إلى السينما عندما اجتاز الممثل جان ماريه المرآة في فيلم «أورفيوس»، وضع يده في «حمام من الزئبق”وكان المشهد الذي عبر عن إبداع كبير، وفي خمسينيات القرن الماضي تبنى كوكتو الشاب تريفو فدربه وأطلقه في سماء الفن السابع لدرجة أن عائدات «400 ضربة» مولت فيلمه الشاعري «وصية أورفيوس».‏‏
لا يزال كوكتو يتمتع وخاصة في اليابان ليس فقط بالإعجاب إنما بالانبهار حتى اعتبروه أيقونة الفن السينمائي في أوروبا ويزور ضريحه سنوياً مئات اليابانيين من المثقفين.‏‏
له رسومات على غرار أشعاره التي كانت صدى للقصائد اليابانية«هايكو».‏‏
تقول سيليا برناسكوني المسؤولة عن متحف جان كوكتو:‏‏
كان كوكتو يقول: إن الشعراء لايرسمون بل يفككون الكتابة ليعيدوا صياغتها من جديد، وكان كوكتو خطاطاً في أوقات فراغه ينفذ رسوماته بالحبر الناشف.‏‏
اليوم ومن خلال هذا المتحف الجديد تم تشكيل لجنة خاصة للإشراف على ميراثه ووصيته، وقد بادر عشرات المثقفين والمعجبين بأدب جان كوكتو للتعرف على تركته ومخطوطاته ورسوماته التي لم تكن معروفة أثناء حياته.‏‏
كما يستقطب المتحف عدداً كبيراً من المهتمين بالتراث المسرحي والفن التشكيلي المتميز.‏‏
عن المصري اليوم