موقف النحاس باشا من الوزارة القادمة!

موقف النحاس باشا من الوزارة القادمة!

لما قال لي المسؤولون في يوليو الماضي ان البرلمان القادم سيكون برلمانا متوازنا قلت لهم ان هذه اماني حلوة.. ونحن لسنا الان في عصر الاماني والاحلام.
وتوقعت ان يفلت الزمام من سري باشا.. وفعلا افلت منه الزمام في شهر اغسطس حتى ان اغنياء الحرب دفعوا لرفعة النحاس باشا في شهر واحد مئة الف جنيه.

ولكن رفعته تخلص من وزارته القومية واستعاد فجأة الزمام، وبعد ان كان على وشك الوقوع عن ظهر الحصان بسبب بعض الحركات البهلوانية التي حاول القيام بها، استعاد اتزانه وجلس على الحصان!
واعترف اليوم ان المسؤولين كانوا ابعد نظراً مني وان التوازن الذي كنت اظنه حلما من الاحلام اصبح اليوم حقيقة واقعة.
وان الخطوط العريضة التي رسمت في شهر يوليو الماضي لم تكن مرتجلة ولكنها وضعت على اساس بيانات رسمية.
فان التقارير الرسمية تؤكد اليوم ان البرلمان القادم سيكون برلمانا متوازنا، وان حزبا من الاحزاب لن يحصل على الاغلبية المطلقة التي تمكنه من الانفراد بالحكم.
حياد رجال الإدارة
وتقول هذه التقارير ان رجال البوليس والعمد والمشايخ الذين صدقوا في شهر يوليو دعاية الوفديين من ان النحاس باشا مفروض فرضا من الانجليز، وان من واجبهم ان يحركوا الناخبين في مصلحة حزب الوفد، آمنوا اليوم ان الزمام في يد مصر وحدها وان الرغبة متجهه لتأليف وزارة قومية من جميع الاحزاب، وانه ليس هناك انذار بريطاني او رغبة انجليزية.. وان اصحاب الشأن يريدون انتخابات حرة نزيهة لاتعهد لحزب من الاحزاب.
وكف رجال الادارة ايديهم عن التدخل، واذا بالتقارير تثبت ان البرلمان القادم سيكون برلمانا متوازنا!
واذا بالذين كانوا يسخرون من سري باشا يؤمنون معه ان الانتخابات القادمة ستخرج برلمانا متوازناً وستعهد الى قيام وزارة ائتلافية في الخمس السنوات القادمة.
موقف النحاس باشا
ولكن هل يقبل رفعة النحاس باشا حكم الامة؟ وهل يقبل ان يكون له 80 مقعداً في مجلس النواب القادم، فيصبح زعيم ربع الامة بعد ان كان زعيم الامة؟!
ان الذين يعرفون النحاس باشا يؤكدون ان رفعته سيتهم سري باشا بتزوير الانتخابات وانه سيطالب نوابه الثمانين بالاستقالة فوراً من مجلس النواب ولكن الذين يعرفون المرشحين الوفديين يؤكدون ان هؤلاء النواب لن يقبلوا الاستقالة خصوصا ان معظمهم يصرف الان آلاف الجنيهات في المعركة، وقد عجز النحاس باشا سنة 1938 عن اقناع عشرة نواب بالاستقالة، فكيف ينجح مع سبعين او ثمانين.
كبش الفداء
ثم ان النحاس باشا سيبحث يومها عن كبش الفداء.. واعضاء حزب الوفد يؤكدون ان الكبش القادم هو فؤاد سراج الدين باشا ويوم يقال سراج الدين باشا من سكرتارية حزب الوفد، سيخرج معه معظم النواب الذين رشحهم طوبة وهم في الواقع رجال امشير.
رئيس مجلس النواب القادم
ولكن اصدقاء فؤاد باشا امشير يؤكدون انه سيستمر قابضا على زمام مصطفى باشا طوبة حتى ولو حدثت الكارثة التي يتوقعها المتشائمون، وان سعادته الان يمسك نقطة ضعف رئيس الوفد بيد من حديد! وان فؤاد باشا قد يضع الاحزاب بانتخاب النحاس باشا رئيسا لمجلس النواب القادم كثمن لقبوله نتيجة الانتخابات!
ولا اظن ان احدا سيقبل هذا.. ولا استبعد ان يكون رئيس مجلس النواب القادم عبد الحميد عبد الحق باشا، اذا لم يتفق الاحرار مع السعديين على اعادة انتخاب الاستاذ حامد جودة.
الخطوط العريضية
والايام القليلة القادمة ستكشف الستار عن الخطوط العريضة التي رسمت للسياسة العليا في شهر يوليو القادم، وستثبت للذين لم يفيقوا حتى الان من تخدير الدعاية الوفدية، ان البرلمان القادم سيكون حدا فاصلاً في تاريخ حزب الوفد.. وان النحاس باشا سيصبح زعيم ثلث الامة او ربع الشعب المصري الكريم!
وقريباً جداً سيفتح النحاس باشا عينيه ويصيح: خدعوني.. خدعوني! ويومها لن يصدّقه أحد..!
علي امين
آخر ساعة/
كانون الاول- 1949