أحداث في حياة «سي السَيد»: «أصيب بالاكتئاب بعد هروب زوجته وأم كلثوم صاحبة فضل عليه»

أحداث في حياة «سي السَيد»: «أصيب بالاكتئاب بعد هروب زوجته وأم كلثوم صاحبة فضل عليه»

المدعُو «السيد أحمد عبد الجواد"أو «سي السيد»، هو عنوان الشخصية الأشهر فى حياة الفنان يحيى شاهين، حيثُ اشتهر من خلال أدواره بالرجل عريض المنكَبين، صاحب الألفاظ الحادة، ذو الهيبة التى يخشى منها الجميع، فيختبئون خوفًا منه، بينما تكتفى زوجته «أمينة» بـ«حاضر يا سي السيد»

كان هذا الدور هو الأشهر فى مسيرته الفنية، لكن في الحقيقة لم يكن «سي السيد» مع زوجاته.

فجاءت زيجته الأولى بسيدة «مجرية» تكبُره بسنوات كثيرة، وذلك بعد أن أحبها كثيرًا، ولكن لم يدوم فصل الحب طويلاً، فبعد 6 سنوات وابنتين، قررا الانفصال بسبب اختلاف طباعهما، حتى رُزق بزوجة أخرى، استطاعت أن تُنجب له ابنته الوحيدة، داليا، التى كانت المُستشار الفنّى له فى أعماله، وبقيت ظهرًا له قبل وفاته.

جاء مولد يحيى شاهين مُختلفًا، فلم يُولد وفي فمه معلقة ذهب، بل ولدَ بجزيرة ميت عقبة فى الجيزة، عام 1917، وبدّت عليه موهبة التمثيل وهو في مدرسة عابدين الابتدائية، ثُم التحق بمدرسة العباسية الصناعية حيثُ نَال دبلوم الفنون التطبيقية قسم «نسيج"عام 1933.
نال بشارة واكيم براءة اكتشاف الموهوب يحيى شاهين في بداية حياته، عندما طلب شاهين مقابلة واكيم، مدير دار الأوبرا الملكية، فاقتنع الثاني بموهبة الأول الفنّية، حسب رواية شاهين نفسه في برنامج «فلاش"من تقديم الإعلامي طارق حبيب.
كان شاهين وقتها يعمل موظفًا بالمحلة، بشركة الغزل والنسيج. لكنه بعد لقاء «واكيم"راجع مُستقبله الوظيفى، وقرر الانضمام إلى الفرقة القومية للمسرح وعمل مع فاطمة رشدي في مسرحها.
وعندّما جاء ميعاد عرض مسرحية «مجنون ليلى»، لمعَ نجم يحيي شاهين وظهرت موهبته للجمهور، مما دفعه للاستمرار فى العمل بين السينما والمسرح، بينما تفَرغ للسينما عام 1946، وقام بالتمثيل فى أدوار مُتعددة.
لم ينس يحيي شاهين، الممثل الكبير، فضل كوكب الشرق عليه فى حياته، فيتذكرها دومًا فى لقاءاته المُذاعة – تحديدا لقائه مع الإعلامي طارق حبيب- ويلقبها بـ«صاحبة الفضل»، ففى عام 1939، عندما اسُند إلى يحيي شاهين دور البطولة، في فيلم من بطولة كوكب الشرق، وهو فيلم «سلامة»، كان مقررا في البداية أن يقوم بالدور الفنان حسين صدقي، لكن بفضل أم كلثوم أصبح هو البطل.
كانت كوكب الشرق تعرف يحيي شاهين مُسبقًا من خلال دوره الثانوي في فيلم «دنانير»، لذلك لم تتردد عندما اعتذر حسين صدقى عن أداء الدور، اقتراح اسمه على المخرج «توجو مزراحي»، ليقف امامها ويكون البطل الأول فى الفيلم.
وداخل الكواليس، دعت أم كلثوم يحيي شاهين لتناول الغذاء معها، لكي تذوب الفوارق بينهما ويتقاربا اكثر أمام الكاميرا، وفي جلسة صفاء، سألته مُمازحة عن قيمة عقده مع «مزراحي»، فأجابها أن أجره 150 جنيا، فإذا بها تُصعق وتتوقف عن الطعام، وطلبت من المخرج «مزراحي» الحضور فورًا وسألته: «كم اعطيت اجرًا ليحيى»، فردَ عليها 150 جنيهًا، وسألته: «كم كان أجر حسين صدقي؟"ففهم المخرج مقصد أم كلثوم، وأجابها: «حسين كان نجم وله وضع، أما يحيي لسه هاوي»، فقالت له: «مش هو نفس الدور؟»، وقتها توقف «مزراحي» عن الكلام لتكمل أم كلثوم عتابها مهددة: «إدي ليحيي نفس الأجر وإلا مش هاكمل تصوير الفيلم».
ومثلما كان دور«سي السيد»، تميمة حظ يحيي شاهين في حياته الفنّية، كان السبب فى بكاءه فيما بعد، حيثُ ذكر الكاتب الصحفي، عبدالفتاح يونس، أن إحدى جهات الإنتاج التلفزيوني أرسلت حلقات «الثلاثية»، لشاهين ليكون بطلها في مسلسل تليفزيوني من خلال أدائه لشخصية «السيد أحمد عبدالجواد»، وكانت هذه الحلقات ستدر عليه مبلغا كبيرا من المال.
وفي ذلك الوقت، طلبَ «شاهين"من صديق له أن يأخذ الحلقات معه ويعطيه رأيه فيها، وحين عاد إليه بالحلقات جلس معه صامتًا لبَرهة، فسأله «قرأت؟»، فقال له «نعم»، فقال «ما رأيك؟"فرد عليه: «لا يجب أن تؤدي هذا الدور مرة أخرى»، فسأله لماذا؟، فأجابه: «أنت قلت ما أردت قوله من خلال عملك».
وأضاف: «لقد وضعت بهذه الشخصية بصمة فنّية شديدة الوضوح والتميز بحيثُ صارت شخصية السيد أحمد عبد الجواد مَعلمًا كبيرًا من معالم السينما المصرية، وبهذا أعتقد أن التكرر لن يكون مفيدًا، خصوصًا مع اختلاف الزمن والمناخ والنجوم الذين لعبوا أدوارهم ببراعة معك».
ففاضت عينا شاهين بالدموع، ونهض من مكانه واحتضن صديقه وهو يقول له: «هذا فعلاً ما فكرت فيه»، وأعتذر تمامًا عن الدور طالبًا من الحاجة مشيرة زوجته أن تُبلّغهم باعتذاره عن الدور.
وفي لقاءٍ مُسجل، من برنامج «ألف باء"للإعلامى طارق حبيب، حكىَ يحيى شاهين عن مُفارقة كوميدية حدثت معه، فأثناء سيره بالقرب من كوبري قصر النيل، قابلَته سيدة ومعها ابنتها الشابة، وما إن وقعت عيناها عليه حتى صُدمت، قائلةً: «مين..؟ سي السيد!»، ثم انهالت عليه بالقبلات قائلة لابنتها: «سي السيد أحمد عبد الجواد، فينك يا سي السيد، وفين أيامك؟.. ده أنت كنت بطل الرجولية والمجدعة، وكانت شخصيتك بترج الدنيا.. راجل مجدع بصحيح، مش خِرِع زي رجالة اليومين دول»، فضحك يحيي شاهين.
كان زواج يحيي شاهين عام 1959، من سيدة مجرّية تكبره بسنوات، هو نتاج قصة حُب عنيفة، ولكنها لم تدُم طويلاً، بالرغم من أنه أنجب منها ابنتين، إلا أن الخلافات أنهت الحب بينهما فلم يتمكنا من العيش معًا، وانفصلا بعد ست سنوات، ثُم أخذت الزوجة ابنتيها وهربت بهما إلى المجر، مما أصابه بحزن شديد وإحباط وعاش في عزلة كبيرة لمدة عامين، ولكنه استطاع البدء من جديد وعاد مرة أخرى ليمارس عمله الفني.
أما عن الزيجة الثانية، فكانت من زوجته الأخيرة، مشيرة عبد المنعم، والتي أكدت ذلك فى حوارٍ لها، مع جريدة النهار، فقالت: «لم يكن في أي يوم من الأيام بهذه الشخصية، فكان عكس ذلك تماماً فهو شخص حنون وعطوف بل أنه لم يكن يتناول طعامه قبل أن يتأكد من تناولنا الطعام، وكان شديد الاهتمام بنا إلى أقصى درجة ويخاف علينا إلى حد الجنون».

الكواكب المصرية