المفكر شبلي شميل (1850-1917)... المرأة والرجل , وهل يتساويان؟

المفكر شبلي شميل (1850-1917)... المرأة والرجل , وهل يتساويان؟

على عجيل منهل
قد يبدو طرح هذا السؤال - المرأة و الرجل وهل يتساويان؟من قبل طبيب وفيلسوف ومفكر يدعوا الى الأشتراكية في القرن التاسع عشر امر عجيب ومثير- ان يفكر رجل تقدمي من طراز رفيع بعدم مساواة المرأة مع الرجل - وهو الذي قال الحقيقة ان تقال لا ان تعلم - والأشتراكية كالأجتماع نفسه ذات نواميس طبيعية تدعو اليها - وهو اول من نشر فلسفة النشوء والأرتقاء والتطور التي دعا اليها دارون في عام 1911 في كتابة فلسفة النشوء والأرتقاء

وبدا في نشر سلسلة مقالات حول العلم والمجتمع والتي اثارت اهتماما كبيرا وأثرت تأثيرا بالغا في عقول معاصريه

وذكر المفكر أسماعيل مظهر ان قراءة كتاب شبلي شميل - فلسفة النشوء والأرتقاء - أحدثت حسب قوله - في ذهنه من الأنقلاب والأثر ما تعجز الكلمات واللغة عن التعبير عنه- او وصفه وذكره جمال الدين الأفغاني- يعتبر الدكتور شميل من أبرز من أيدوا مذهب دارون وعمل على نشره وأستطاع بجرأته الأدبية ان ينتصر لدارون وينشر مذهبه رغم ان الأديان عارضت ذلك. الا ان قدرة وجرأة شبلي شميل ودقة بحثه وجرأته على بث ما يعتقده وعدم تهيبه من سخط المجموع لما يجهله من حقائق العلم. ولقد وقف شبلي شميل في المعارك الفكرية بين دعاة العلم ودعاة التخلف و انحاز طبعا الى العلم والتطور ودوران الأرض حول نفسها وحول الشمس - بالأضافة الى هذا اعطى الجزء الأكبر من وقته لمسائل شتى في الفلسفة والشعر والسياسة والقانون وحقوق المرأة والأجتماع وقضية الحرب والسلام وترجم كتاب بخنر- ست محاضرات حول نظرية دارون ونشرت في مجلة البصير 1898 وكانت الضجة كبيره حولها وأثارت لغطا كبيرا لأنها تتعارض مع الفكر الديني وهاجم نظرية النشوء والأرتقاء - جمال الدين الأفغاني وغيره من رجال الدين والكتاب. والشميل واحد من رواد الفكر التقدمي والتطوير الأجتماعي والدعوة الى المبادئ الاشتراكية وهاجم سياسة المستبدين الأتراك و دعا الى الحرية ورفض الأستغلال والأستبداد ورغم هذا وذاك يقف شبلي شميل موقفا سلبيا من فكرة المساواة بين الرجل والمرأة وهو موقفا غريبا ويصمم على رفض هذه المساواة منطلقا من حجج غريبة فجمجمة الرجل اكبر من جمجمة المرأة....... ودماغ الذكر أثقل من دماغ المرأة ولذلك كان الذكر اعقل من الأنثى بأجماع الحكماء والطبيعيين وقد أتفقت جميع الشرائع ان تعامل المراة معاملة القاصر المحتاج الى وصي وسببه - مابها من الخفة والطيش (من محاضرات له في جمعية الأعتدال , مجلة المقتطف - مجلد 11 -1886) وهو يرى ان المرأة تنحط عن الرجل كلما كان الأنسان اعرق في الحضارة والمدنية وتساوية او ترتفع عنه كلما كان أقرب الى البداوة والخشونه جسديا وعقليا ويقول في نفس المحاضرة - نحن نعتقد في صحة القاعدة وهي (ان تغلب الرجل على المراة من ضروريات الارتقاء والضد بالضد) ويستقبل انصار المرأة هذ ا الموقف بهجوم شديد وتنهال على المقتطف رسائل عديدة من السيدات يحتججن على موقفه فيرد متسائلا - كيف يمكن ان يكون هنالك مساواة بين الرجل والمرأة – وهما مختلفان بالطبع من أصل الفطرة في التركيب والقابليات و الواجبات فطلب المرأة مساواة الرجل كطلب الرجل مساواة المرأة أمر مستحيل - المقتطف المجلد -12 -1887.
ويذهب شميل ان المرأة ليست مساوية للرجل في العقل ويتجه الى مباحث في علم الزولوجيا (علم الحيوان) وعلم الأنثروبولوجيا (علم الأنسان) لأثبات ذلك. واوضح ان الرجل يأكل اكثر من المرأة ولكنها انهم منه , اي انها تشره فيه أكثر منه والتنفس اقوى في الذكر منه في الأنثى وهو يتناول من الأوكسجين المطهر للدم اكثر منها وقوة ضغط الدم في الذكر اعظم منها في الأنثى وانما نبضه ابطء من نبضها وعظم المرأة اخف من عظام الرجال والرجل يستعمل يمناه اكثر من المرأة والمرأة تستعمل يسراها اكثر من الرجل وهي بارزة الفكين اكثر منه وقدم المرأة اكثر انبساطا واقل تحدبا من قدم الرجل وذلك يدل على الأنحطاط وذوات الغنج والدلال بالأحذية المصنعة ذات الكعب المتطاول وصوت المرأة أعلى من صوت الرجل ومقدم الدماغ هو مقر القوى العاقلة الرفيعة أصغر في المرأة منه في الرجل ونصف دماغ المرأة الأيمن اكبر من الأيسر بخلاف الرجل وهذا يفهم منه لماذا المرأة تتياسر اي تذهب ذات اليسار والرجل ييامن اي يذهب ذات اليمين , فأن حركة التزرير في الرجل يمينية وفي المرأة يسارية. وهكذا يذهب شبلي شميل في عملية تشريح ونظرة فيزيولوجية ليبين لنا الفرق بين المرأة والرجل ويظهر التفاوت الأخلاقي والعقلي بينهما ويرى هنالك وجه أدبي في الأختلاف في هل ان المرأة انبل خلقا من الرجل ام لا؟ هل ان المراة افهم من الرجل وأكسل واشبق وأبخل وأكثر عجبا وكبرا وحسدا واشد حنقا وحقدا؟ ويرجع الى الحكماء والفلاسفة وقولهم في المرأة مثل أبو قراط و أرسطوا يوافقون على ان المرأة احط من الرجل ويضيق بنا المقام هنا عن أستيفاء ما قيل عن المرأة من مدح وذم وتسنيع (القول بالحسن وبالصفات والحميدة من الفعل سنع) وتشنيع , ويرى شميل هنالك تفوق الرجل عن المرأة في المجتمع الحضاري وتغلب الرجل على المرأة من ضروريات الأرتقاء والضد بالضد وهنالك أختلاف بينهما من حيث النمو ويرى النمو السريع دليل على الأنحطاط ويرى معظم الفرق بين ارجل والمرأة يكون في الكهولة اي عند منتهى النمو ويتجه الى مقارنة بين الأوزان الذكر والأنثى ويرى ان الأنثى تفوق الذكر في بعض الأمور ثم يفوقها الذكر في اوزان المواليد في البلدان المتقدمة ويخلص الى نتيجة ان نظره في موقع المرأة يجب ان يكون في مقامها الطبيعي ويقودنا الى الحكم عليها حكما صحيحا فلا نحقر المرأة كما فعل شوبنهور - الألماني أحد فلاسفة العصر وجعلها تحت العجماوات وقال انها من أشر المخلوقات ولانبالغ في تعظيمها كما فعل ديدرو الفرنسي حيث جعلها فوق الرجل وقال ان الذي يتكلم عنها ينبغي له ان يغط فمه في قوس قزح ويرمل خطه (رش عليه الرمل) ويرى شميل بل نضعها في مقامها الحقيقي الذي يليق بها والذي جعلت فيه- اعني عضوا لازما للبيئة الأجتماعية تابعة للرجل في أرتقاءة مساعدة له متممة ما نقص من كماله , مخففه عنه مشاق الحياة الداخليه , كما هو يذلل لها مصاعب الحياة الخارجية , حاضنة اولادها تحت جناحي حنوها وتدبيرها عن طبع وتهذيب كما هو يسهر على راحتهم بعين سعية وأقدامه عن سابقة ومعرفة , لاتنازعه هي ما لا تجديها المنازعة فيه نفعا , ولايبخسها هو حقا أعترف لها به مقامها في الهيئة الأجتماعية , متقاسمين الأعمال كل منهما في دائرته غير متطاول الى دائرة سواه , وبذلك يتم نظام العائلة البشرية التي هي- أم- الأجتماع الأنساني. واخيرا
شبلي شميّل، (1850-1917) مفكر لبناني من طلائع النهضة العربية. تخرج من الكلية البروتستنتية / الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم توجّه إلى باريس لدراسة الطب، ثم استقر في مصر، أقام في الإسكندرية، طنطا، ثم القاهرة.
• أصدر مجلة (الشفاء) سنة 1886م، وكان أول من أدخل نظريات داروين إلى العالم العربي من خلال كتاباته في المقتطف، ثم مؤلفه (فلسفة النشوء والارتقاء). كما أصدر هو وسلامة موسى صحيفة أسبوعية اسمها المستقبل سنة 1914 لكنها أغلقت بعد ستة عشر عددا.
• كان من العلامات الأخلاقية المعروفة. دافح عن العلمانية كنظام سياسي، إذ كان يرى بأن الوحدة الاجتماعية، ضرورة أساسية لتحقيق إرادة شعبية عامة، تستلزم الفصل بين الدين والحياة السياسية على اعتبار أن الدين كان عامل فرقة.
من مؤلفاته
• -”فلسفة النشوء والارتقاء".
• -”مجموعة مقالات". مما نشره في المقتطف والهلال.
• -”المعاطس". رسالة.
• - تحقيق لكتاب فصول أبقراط.
• - تحقيق لكتاب أرجوزة لابن سينا.
رغم هذه الملاحظات يبقى شبلي شميل الرائد الحقيقي للمنهج العلمي في التفكير (في مجال المراة لا) للدفاع عن العلم للدفاع عن الأشتراكية العلمية وهذا يكفيه فخرا في تأريخ الفكر العربي الحديث.