آخر كتاب: رواية (في اللا أين)

آخر كتاب: رواية (في اللا أين)

ريسان الخزعلي
كانت رواية (في اللاأين) للروائي المبدع طه حامد الشبيب،الكتاب الاخير الذي قرأته بإمعان يتناسب مع اهمية وحضور الروائي في المشهد السردي العراقي..،والرواية ترصد سحرية الواقع العراقي وغرائبيته بعد عام2003 من خلال رحلة نزوح جماعية نوعية من مختلف مكونات الشعب بحثاً عن السلام والحرية.

ومنذ المفتتح الاستهلالي لهذه الرواية،وهو استهلال كاشف /واضح / دال /مرمز في الوقت ذاته،تكون الرواية قد كشفت مبكراً عن جهتها،وسلّمتنا المفاتيح الفضية لكشف مغاليق صندوقها السحري.
في هذا الاستهلال،تكشف الرواية عن مشهد ٍ أول،الا وهو مشهد رمي الساعات اليدوية والهواتف النقالة و(الكتب الثلاثة) الى البحر بعد ان وصل النازحون الى جزيرة غير معرّفة.
إن رمي هذه الممتلكات الشخصية ماهو الا محاولة لإيقاف الزمن والبحث عن زمن جديد،وايقاف الاتصال مع كل آخر،وكذلك ايقاف العمل بالمعتقد الديني الثلاثي..،من هنا تُشير الرواية الى انها رواية البحث عن الزمن الجديد،وحينما استقر النازحون في الجزيرة،
ابتدأوا يمارسون الزراعة والصناعة البدائيتين،وهذه اشارة واضحة،لتكون الدال والمدلول،في ممارسة الابتداء والبحث عن المشاعية،تلك التي حصلت في بداية التكوين الوجودي.
جرى السرد في هذا الرواية بتمكن لغوي،وسردية لاحقت كل الشخوص بتقنيات السرد الحديث،واوصلتهم كهاربين الى الجزيرة /دلمون المخيلة. وبالقدر الذي تحتويه الرواية من واقعية إلا ان قدراً آخرَ من الاسطورة قد لفحها..،حيث ان الفكرة،فكرة الرواية،كانت تنبش في واقع صادم بتعارضاته الحادّة الاقرب الى الاسطورة..،انها فكرة واقع في (اللا أين) فعلاً.