الحاج زاير الدويج بشعره شغل الشعراء والناس

الحاج زاير الدويج بشعره شغل الشعراء والناس

كاظم السيد علي
ماتعلم بهمي اشلون شيبت واصفر اللون
والناس كالوا مجنون ابعكلي اقنعت بس انه
هذا المقطع من قصيدة من قصيدة (للهم ماتصح عوانه) للشاعر الكبير الخالد الحاج زاير الدويج اكتب عنه وفاء لعبقريته لانه استحق التقدير، لكونه علما من اعلام الشعر الشعبي العراقي وقمة شامخة من قممه الشماء. فالحديث عنه طويل ولكني اسلط الضوء على الجزء القليل من تجربته الشعرية.

ولد في منطقة (برس) الواقعة بين مدينة الحلة والكفل عام 1860 وانتقل مع ابيه الى مدينة النجف منذ صباه طمح ليكون ابنه عالما او اديبا، فتعلم القرأة والكتابة في مدرسة (القوام) آنذاك في محلة (المشراق) بعدها تركها للظروف الصعبة التي مر بها بعد وفاة والده فحالت دون مواصلة الدراسة.
فالعامل الديني وحضوره المستمر وملازمته للمجالس الادبية والدينية كان لها الاثر الكبير في تفجير شاعريته، مما ااكسبته قابلية شعرية فذة اهلته ان يكون في اعداد الشعراء الذين يشار لهم بالبنان. فكان يمتلك موهبة منفردة دون غيره فهو لايمل عن الندامة والمسامرة محبا للنكته والمداعبة البريئة،فكان سريع الجواب والبديهية فكانت اكثر قصائده يقولها ارتجالا مما اخذ اسمه يتردد في المجالس الادبية ومضايف السادة وشيوخ الفرات آنذاك.
ذبيتني ابجور وظلم
والروح ماتحمل هظم
من كثر ما ابجي بسكم
ذوبت شحمة عيني
وللحاج زاير مواقف وطنية اتجاه بلده و لم ينسى هموم شعبه ووطنه آنذاك عندما حوصر العراق وهدد بالخطر واكدوا الانكليز في الحرب العالمية الاولى وكادوا ان يقتحموا الحدود من جهة الفاوفتأهب العراقيون للدفاع واعلنوا الجهاد عن الدين والوطن،فحشدوا جيشا الى جهة الفاوللمحافظة على العراق فأخذ الحاج زاير ينشد عندما كان جنديا في الجيش ليشد من عزيمة اخوانه المقاتلين للدفاع عن تربة الوطن الغالي :
لعلوم الدين اشتدينه
وعفنه الدور الكل وجينه
وين يروح معادينه
احنه الموت الما بيه ظنه
كان يمتلك موهبة شعرية مدهشة ليس لها نظير رغم ان عصره كان مزدحما بكبار الشعراء امثال عبو د غفلة وحسين قسام وعبد الله الروازق وابراهيم ابو شبع والسيد مرزة الحلي، فهو الذي ابتكر فن (الشبكها) كتبها عن قصة حب فتاة اسمها (صبحة) مع زملائه الشعراء كل من السيد مرزة الحلي والمله كامل العذاري وداخل الفراتي فارجل الحاج زاير المطلع الشهير من القصيدة (دادة خي عون الشبكها) اعقبه السيد مرزة الحلي مرتجلا في الحال قائلا :
من تمر بالسوك صبحه تصير بالدلال فرحه
جيت اعامله الوكحه غطت الروبه بطبكها
فتلاه الحاج زاير قائلا :
من تطب السوك تصدع والحجل بالساك يلمع
ياجماعة اشلون تشبع دورة المحبس حلكها
والخ القصيدة حتى اصبح بحرا مميزا لجميع الشعراء في كل عصر حتى يومنا هذا.
كان الدويج سريع البديهية والارتجال في كتاباته الشعرية ليس في الابوذية والقصيدة فحسب بل حتى في فن الزهيري (الموال) فعند زيارته لمرقد الامام علي كانت الروضة الحيدرية تغص بالزائرين ولشدة الازدحام وكثرة الناس سقط (عقاله) من على رأسه وضاع بين الناس ولم يعثر عليه فارتجل في الحال بيتا من الزهيري قائلا :
يامن ابابك مراجب الكاصدين عكال
وبيوم”حطين”سيفك للجيوش عكال
لازال جفك لعد التايهات عكل
جيت اشتكي الحال واطلب من كنز مالك
واللي يحبك فلا يمسه لظه مالك
اليوم يا ابا الحسن من يعتذر مالك
والسبب شنهو ابابك راح اعكال
لقد اجاد بقريحته في شتى المناسبات وفنون ادبنا الشعبي وبكل الاغراض كتب الابوذية المباراة بالمثل الشعبي والمجارات للشعر القريض والموال بالقريض كذلك مما جعله شاعرا متجددا في هذا المضمار لانه خرج من الوصف التقليدي الذي كان سائدا عند بعض الشعراء :
وضبي شبهوا خديه وردا
لقد اثموا بما قد شبهوه
فان الورد يذبل عند لمس
وذا يحمر مهما قبلوه
فباراه في هذا البيت من الموال قائلا :
جم دوب نقره لعد جيت الحبيب اورود
وسهام لحظاك وردن بالضمير اورود
يالجذبتني دصل روض الحبيب اورود
الفخر لليوم........ماهو ياعاذلي لمس
اوبصياخ الاشواك بيديه الضمير لمس
الورد يذبل يصاحب من جثير اللمس
وخدود ولفي يزودن باحمرار اورود
فاكثر كتاباته معبرة لواقع الحياة اليومية الذي كان محملا بالبؤس والالام وما يدور في صدره من خلجات وعاطفة واحساس مرهف. فمفردة الحاج زاير رصينة معنا ومضمونا تؤثر عند سامعيها وتحرك الكثير من الشجون في داخله، فكان شعره سجلا حافلا باحداث عصره وتقاليد مجتمعه :
الهوه ايفرد ابكلبي وانه داوي
تذل نيران هبهب وانه داوي
كلمن لعب حصل وانه داوي
خسر واهل الهوه ايلومون بيه
فلم تقتصر تجربة الحاج زاير الدويج على الشعر الشعبي بل تعداه فكان محبا للغناء لكونه كان يمتلك صوتا شجيا في الغناء. فاخذ له طورا خاصا مايزال يغنى الى يومنا هذا ويسمى بطور (الزايري) نسبة للحاج زاير ومن اطوارنا الغنائية الجميلة ومن المطربين الذين اشتهر به وابدع فيه، هو المطرب الريفي الكبير جعفوري محمد وبعض مطربي النجف آنذاك.
واخيرا في عام 1919 سكت القلب النابض بالحب والشوق والصدق قلب الشاعر زاير الدويج الذي مازال حيا بإنتاجه الغزير الرائع ومازال شاغل الشعراء والناس.