البرزاني مصطفى والقضية الكوردية في العراق

البرزاني مصطفى والقضية الكوردية في العراق

عرض : أوراق
من الظواهر الملفتة للنظر في كتابة تاريخنا الحديث، التوجه الهائل نحو كتابة تاريخ الشخصيات التي كان لها الدور الفاعل في مسيرة التاريخ، بل أن هذه الظاهرة انسحبت أيضاً الى الشخصيات التي تعد من الطبقة الثانية من الشخصيات بشتى مناحي الفكر.

ويبدو أن هذه الظاهرة التي شملت جميع مؤسسات الدراسات الجامعية العربية بالدرجة الأولى، اصبحت من المنافذ المعول عليها في فهم تاريخنا الحديث، لاعتمادها مناهج البحث العلمي والبحث عن وثائقها الاصيلة، وما تحمل تلك الدراسات من أدب المذكرات التي صارت اليوم من مصادر الدراسات، لاسيما في البلدان التي تعرضت مؤسساتها الوثائقية الى الدمار وفقدان الكثير من موجوداتها لسبب أو بآخر.
في كتاب (البرزاني مصطفى والقضية الكوردية في العراق) للاستاذ عبد الخالق ناصر العامري، تبدو اهمية هذه الظاهرة جلية، فمن خلال عرض السيرة العامة للقائد الكردي الكبير الملا مصطفى البرزاني ودوره في تطور الحركة الكردية منذ ان انتهت حركات الشيخ محمود الحفيد في اوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، وانتقال تلك الحركة الى طور جديد، اكثر جرأة ووضوحاً وشمولية، حتى منتصف السبعينيات، تتأكد حقيقة أن تاريخنا الحديث لم تزل الكثير من موضوعاته، ومنها رئيسة، جديرة بالكتابة عنها وفق ما يكتشف من وثائق جديدة وما يظهر من أدب المذكرات الذي بات مصدراً مهماً يعتمد عليه في كل حين للسبب الذي ذكرناه.
يتألف الكتاب من خمسة فصول وفصل تمهيدي عن تاريخ الكرد وجغرافية منطقتهم وما يتعلق بهذا من لغة وديانة واحوال سكانية، مع عرض للأصول التاريخية للكرد قديماً وحديثاً. وقد تناول الفصل الاول من الكتاب الثورة الكردية بزعامة البارزانيين (والمقصود هنا الشيخ احمد والملا مصطفى البرزاني) في العهد الملكي في العراق وما تخلل تلك الفترة من احداث مهمة كانقلاب بكر صدقي وقيام جمهورية كردستان في مهاباد وتأسيس الأحزاب والجمعيات السياسية الكردية. أما الفصل الثاني فتضمن علاقة الملا مصطفى بثورة 14 تموز1958، وموقف الحركة الكردية منها واندلاع الثورة الكردية في ايلول 1961، وتطور احداثها ومؤثراتها حتى انقلاب 17 تموز1968. فيما تناول الفصل الثالث موقف الانقلاب الأخير من الثورة الكردية واعلان بيان 11 آذار 1970 وقيام الجبهة الوطنية حتى اتفاقية الجزائر وما تبعها من احداث الثورة. والفصل الرابع تحدث المؤلف بتفصيل عن الحزب الديمقراطي الكردستاني من نشأته وقيادة البرزاني لفترة مهمة من تاريخ هذا الحزب وعلاقته بالأحزاب والحركات السياسية المختلفة في العراق. أما الفصل الخامس والأخير، فقد فصل مؤلفه الفاضل عن الملا مصطفى البرزاني الحزب الديمقراطي الكردستاني وعلاقاته مع دول العالم.
ولبيان اهمية الكتاب نذكر في هذا العرض، انه اعتمد على مجموعة كبيرة من المصادر والمراجع، ومنها ماهو نادر أو يستخدم لاول مرة. ومن ذلك الوثائق غير المنشورة كوثائق البلاط الملكي ومجلس الوزراء في العهد الملكي ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع وملفات الشرطة العامة وسواها. والوثائق المنشورة للأحزاب السياسية العراقية / فضلاً عن الوثائق البريطانية المتاحة للباحثين. واعتمد الكتاب أيضاً على عدد من كتب المذكرات وأعداد كبيرة من الصحف والمجلات والدوريات المختلفة، وعدد من الرسائل الجامعية التي لها صلة بموضوع البحث، وأخيراً فقد اعتمد الباحث عدداً كبيراً من مختلف المصادر والمراجع من الكتب والدراسات.