مقابلة مع الكاتب الفيتنامي فين ثانه نغوين:نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على أن نروي احداث الماضي

مقابلة مع الكاتب الفيتنامي فين ثانه نغوين:نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على أن نروي احداث الماضي

ترجمة/ أوراق
اكتسب الكاتب الامريكي من اصل فيتنامي فين ثانه نغوين شهرة واسعة. منذ حصوله على جائزة بوليتزر 2016 عن مجموعته غير الروائية(لم يحدث شيء ابدا فيتنام وذاكرة الحرب) ومجموعة القصص القصيرة التي صدرت هذا العام بعنوان اللاجئون اكتسبت شهرة واسعة. في هذه المقابلة يتحدث الكاتب عن مواضيع ادبية وسياسية

** مجموعتك غير الروائية(لم يحدث شيء ابدا فيتنام وذاكرة الحرب)مثيرة للإعجاب،حقا وعندما اقترحت ان تهديها لوالديك قال والدك:”لا تضعوا أسماءنا فيها لأن التاريخ لم ينته"بعد، ويذكرني ذلك بمقولة ويليام فولكنر”الماضي لا يموت. بل انه ليس بماض)

فين :اي شخص عاش خلال تلك الاحداث التاريخية المؤلمة سوف يشهد على صحة ما قاله فولكنر. لقد كان يتحدث عن الجنوب الأمريكي والرق وأثره المستمر في الثقافة الأمريكية. وبعد عقود عديدة، لم يزل هذا الماضي يعيش بيننا، وقد عاود الظهور في “قضايا السود".

في حالة حرب فيتنام، هذا صحيح أيضا. وعلى الرغم من انه تم إعلان انتهاء الحرب في عام 1975، فإن أي شخص شارك أو حتى شهد تلك الحرب لا يزال متأثرا بها. وهذا يشمل والدي والعديد من اللاجئين الفيتناميين، والعديد من قدامى المحاربين الأمريكيين الذين تناولتهم في كتابي. لقد اتصلوا بي من خلال رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل العادية ليخبروني بقصص الماضي التي لا يستطيعون نسيانها

فالصدمات المؤلمة تحتاج إلى معالجة بطرق معقدة. نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على أن نروي احداث الماضي، وهذا ما فعله اشخاص مثل فولكنر بالنسبة إلى تاريخ بلاده وما أقوم به انا بالنسبة لتاريخ بلادي. ونحتاج أيضا إلى أن نكون قادرين على مواجهة احداث الماضي بشكل جماعي كمجتمعات، في محاولة لتحديد المقياس المناسب للاعتذارات والتسويات والتعويضات التي يتعين القيام بها. وأعتقد في كل من حالة الرق وحرب فييتنام، أننا لم نقم الى الان بتلك المواجهة المطلوبة مع ماضينا.

**. كانت روايتك (المتعاطف) نوعا ما امتدادا لرواية (القيامة الان)ماذا عن أحدث كتبك، اللاجئون؟

فين:كانت رواية المتعاطف رد فعل مباشر لرواية (القيامة الآن)والاخير هو ذو صلة بالأفلام الأمريكية التي تتحدث عن حرب فيتنام. اما المجموعة القصصية اللاجئين فقد كتبتها قبل المتعاطف. كتبتها نوعا ما بذات الدافع، و هو شعوري ان الاميركي من اصل فيتنامي – الذي عاش في هذا البلد بات يدرك أن الأميركيين لا يعرفون سوى القليل عن تجارب الشعب الفيتنامي ويهتمون بها بشكل أقل. وقد تجلى ذلك في كل افلام هوليوود التي تناولت حرب فيتنام، التي شاهدتها وانا هنا في اميركا. لقد كانت تجربة مؤلمة جدا بالنسبة لي أن أرى أن دور الفييتنامين في هذه الأفلام هواما إن يتم اسكاتهم أو اغتصابهم أو قتلهم أو ان يقوموا بالصراخ و عندما ينبغي لنا ان نقول كلمة أو كلمتين فليس امامنا سوى ان نقول”شكرا”للأمريكيين، لإنقاذنا.

كانت مشاهدة هذه الأفلام واحدة من المحفزات الأساسية التي دفعتني لأن اكون كاتبا، لأنني أردت أن أكون قادرا على إن اروي قصص الشعب الفيتنامي التي كانت مختلفة جدا عما كانت تظهر في هذه الأفلام. هذا ما دفعني إلى تأليف مجموعة القصص القصيرة الاخيرة بعنوان للاجئين. لقد ركزت ببساطة على إضفاء الطابع الإنساني على الشعب الفيتنامي ورواية حكاياته. وفي الوقت الذي وصلت فيه إلى كتابة"المتعاطف"، شعرت انني تحررت اكثر لاصبح كاتبا سياسيا الى حد بعيد، وفي كتاب القيامة الآن كانت هناك معالجة مباشرة للجهل الأمريكي المتعمد تجاه الآخرين.
**تحدثت في قصتك عن لاجئ يبلغ من العمر أربع سنوات يأتي الى اميركا من فيتنام وتابعت مسيرة حياته وفي وقتنا الحاضر لماذا برأيك يجب أن تستقبل أميركا اللاجئين السوريين؟

فين: في عام 1975 عندما انتهت حرب فيتنام، قامت الولايات المتحدة بشيء مهم جدا: فقد استقبلت 150الف شخص من اللاجئين الفيتناميين، وكنت أنا واحد منهم. في العقدين اللذين تليا ذلك التاريخ أستقبلت اميركا مئات الآلاف ليس فقط من فيتنام، ولكن أيضا من اللاجئين الكمبوديين ومن لاوس كذلك. وقبلت الولايات المتحدة كل اللاجئين الذين طلبوا المجيء، حتى لو كانت لديهم التزامات معينة تجاه بلدانهم الأصلية.

وباعتباري لاجئا فيتناميا، أعتقد أنه من المهم أن لا نذكر تاريخ السخاء الأمريكي، هذا فقط ولكن في وقتنا الحاضر اصبحت سياسة الولايات المتحدة انتقائية. ولكن لا زالت تملك تقاليد الضيافة والكرم الذي يمكن أن يعتمد عليها. ومن ثم فإن واجب الاشخاص من امثالي الذين استفادوا من هذه الضيافة تذكير الأميركيين الآخرين بما فعلوه في الماضي، وتشجيعهم على الاستمرار في القيام بذلك في الوقت الحاضر

** هل تعتقد أنه يقع على عاتق الكتاب الأمريكيين دورا سياسيا ينبغي ان يلعبوه، خاصة في الوقت الحاضر؟

فين: ان الالتزام بالتعبير عن ضمير البلد و المجتمع كان دائما جزءا من الأدب والثقافة الأمريكيتين، ولكن ربما تعرض هذا الامر الى تراجعات في العقود القليلة الماضية لان الكتاب الأمريكيين باتوا يعتقدون ان تناول مواضيع السياسة لا يبدو امرا ملحا جدا.

الجانب الإيجابي الوحيد في إدارة ترامب هي أنها أوضحت الرهانات السياسية للكتاب. لم نر هذا المستوى من الالتزام السياسي من جانب الكتاب الأمريكيين منذ حرب فيتنام. لم أر ابدا قيام الكتاب وبشكل جماعي بالتعبير عن غضبهم و التحدث بالمواضيع السياسية كما يحدث الان، لذلك فهذا امر مشجع وحيوي. لقد خرج الكتاب إلى الشوارع، وكتبوا المقالات واتخذوا مواقف كونهم مفكرين مهتمين بالشأن العام. كما سيكون من المهم حقا أن نراهم يستلهمون تلك الدوافع السياسية عند كتابة رواياتهم. فالرواية الأمريكية المعاصرة تهيمن عليها الكتابة العادية غير السياسية.
عن موقع ذا كومون