آخر كتاب: تأملات ما قبل النوم

آخر كتاب: تأملات ما قبل النوم

فلاح هاشم
هذا الكتاب الذي يتألف من 384 صفحة هو عبارة عن إضمامة من أحاديث وديّة للمستنير الهندي الأصل (بهاجوان شري راجنيش) الشهير بـ (أوشو) مع مريديه، ويأتي مكملاً لكتابه، صباح الخير الذي يضمّ تأملات في الصباح يوماً بعد يوم.

يرى أوشو بأن الإنسان المعاصر كائنٌ نائم لأنه لا يعيش اللحظة التي هو فيها بسبب تشظيه و فقدانه لمركزيته. ففي رأسه صخب يكفي لتفجير مدينة.. في رأسه أشخاص عديدون وشركات ونقاشات حادة وجدل متعب وذكريات مرة وهواجس من القلق على ما يسمّى المستقبل. كل ذلك يجعله غائباً عن اللحظة الراهنة التي لا يملك سواها في الواقع. لأن الماضي مضى ولم يعد له وجود والمستقبل لم يأت بعد فهو مجهول.
وإن الإنسان له قدرات خارقة لم يكتشفها في ذاته.. لكنه عزل نفسه بنفسه داخل أناه الزائفة مثلما تعزل قطرة الماء نفسها عن المحيط.. و بهذا فقد علاقته الحقيقية بالوجود وانغمر بما هو صغير فأصبح صغيراً. ولكي يسعف نفسه عليه أن يمارس التأمل (المدتيشن) فهو آلية العودة الى البيت بعد ضياع طويل. وثمّة تكنيكات لممارسة هذا التأمل بلغت 112 تكنيكاً وضعها المرشدون الروحيون عبر العصور منذ بوذا وما قبله الى اليوم. حتى جاء اوشو ووضع التأمل الحيوي. ولكن اختيار واحدة أو اثنتين من كل هذه الآليات يكفي .
يرى اوشو بأن المحبة هي تلاشي قطرة الندى في المحيط.. انها فقدان الأنا والالتقاء مع الكل.. وفي اللحظة التي تهجر فيها اناك ترى كم انت واسع وسع الكون الذي التحقت به. و قبل ذلك كنت معزولاً تحس بالتعاسة ولا ترى أفقاً .
وفي اللحظة التي يستيقظ الانسان فيها من عمائه سوف يتعجب من عبثية معاناته وبلاهتها وسخافتها و يتساءل : لماذا كانت معاناتنا و ما جدواها؟ عانينا لمدة طويلة ولسبب تافه وقد ورثناها بسبب أفكار خاطئة.
ويواصل أوشو بمهمة قارع أجراس ليوقظ الآخرين عبر وضعه الأصبع على حقائق تقول بأن اناساً حزانى سيطروا على كامل ماضينا. انهم يستمتعون بالسيطرة على الآخرين. ليس عندهم أية متعة أخرى.. متعتهم الوحيدة سحق الآخرين وسحق حرياتهم... وجعل المزيد من الناس بلا متعة. انهم يغارون ويغضبون كثيراً من السعداء الذين يستطيعون الغناء والرقص والابتهاج. لقد سلبوا فرح البشرية و متعتها وجعلوا من الخوف رفيق الإنسان.
الكتاب عموماً رحلة داخلية يدعو لها أوشو لأن الأنسان رحل الى كل مكان دون أن يحاول مرة واحدة أن يغوص في أعماقه حيث الكنز الأزلي والطاقة الكامنة فيه وجوهره الفرد الذي لا يفنى.