اقتصاديات: الوعي المصرفي

اقتصاديات: الوعي المصرفي

 عباس الغالبي
لعل الثيمة الأساسية التي اتفقت عليها النخبة الاقتصادية المشاركة في ندوتنا الصحفية لشهر نيسان الجاري هي ضرورة إشاعة الوعي المصرفي ليس بين الأوساط النخبوية والاقتصادية فحسب ، بل بين أوساط الجمهور عامة حيث كان القاسم المشترك الأهم في هذه الندوة التي استضافتها مؤسسة المدى هو الوعي المصرفي

الذي مازال في حقيقة الأمر قاصراً ومتلاشياً أمام الأهمية الكبيرة التي تمثلها المصارف الخاصة في المشهد المصرفي بشكله الأعم والأشمل .
وعلى الرغم من المبادرات التي أطلقتها بعض المصارف الخاصة سعياً لإشاعة الوعي المصرفي ، إلا انها تصطدم في غالب الأحيان بعقبات بعضها خارج إرادة هذه المصارف ،والبعض الآخر تتعلق بالأداء المصرفي المشوب بالمشكلات والظواهر التي شخصتها الندوة ذاتها والمتعلقة بعقبات إدارية ومخاطر ائتمان مبالغ بها وأخرى تتعلق ببعض مجالس الإدارات التي مازالت تنعم بالبيروقراطية والحنين الى الماضي القريب .
ومن الإنصاف ان نقول ان الأمر لا يتعلق بالمصارف الخاصة وحدها بل ان الأمر يتعدى ذلك الى المؤسسات الإعلامية التي يفترض ان تعمل مع المنظومة المصرفية على إشاعة الوعي المصرفي عن طريق محاور وقنوات وأوجه متعددة تتضافر فيما بينها للوصول الى اكبر شريحة مجتمعية ممكنة ، لان المصارف محط اهتمام وتعامل السواد الأعظم من الناس ، وليس النخب ورجال الأعمال فقط ، حيث لا بد للجمهور ان يعي الحيثيات المصرفية كافة ، وهذا الأمر مثلما نوهنا ليس من مسؤولية المصارف وحدها بل المؤسسات الحكومية والإعلامية وحتى الأوساط الاجتماعية مطالبة هي الأخرى بضرورة العرف عن كثب على طبيعة التعاملات المصرفية على أقل تقدير ما يخص علاقة المستهلك بالمصرف ، ما يجعل الوعي المصرفي ضرورة ملحة في ظل عملية التحول الاقتصادي الجارية في البلد والتي تتطلب منظومة مصرفية خاصة فاعلة ومؤثرة وملبية لحاجة الجمهور من الخدمات المصرفية .
ومن خلال عملنا الإعلامي اليومي لمسنا ان المصارف الخاصة تنقسم الى شطرين في هذا الاتجاه ، بعضها يرغب الى إشاعة الوعي المصرفي عن طريق قنوات عديدة لكن ليس بشكل ممنهج ، بل بشكل ارتجالي غير متخصص من دون ان يحقق الفائدة المرجوة من هذا التحرك غير المدروس ، وبعضها الآخر يتطلع الى خطط عمل لإشاعة الوعي المصرفي الا انه متوجس من التكلفة المالية التي لا يراها ضرورية الى الحد الذي قد يؤثر على وضع المصرف ، وهناك بعض المصارف بعيدة كل البعد عن هذا التوجه ولا تعير اي اهتمام للوعي المصرفي وتكتفي لاعتبار ذلك جهلا مصرفيا من قبل الجمهور ، وتذهب الى اكثر من ذلك بأن تدعو الجمهور الى السعي لامتلاك الوعي المصرفي المطلوب بنفسه من دون مشاركتها في ايصال الوعي الى الجمهور .
ومن هنا نرى ان الضرورة تستدعي الى تكامل عناصر عدة تفضي الى انتاج وعي مصرفي هو ضروري للمصرف والجمهور على حد سواء ، وهذا بدوره ينعكس ايجابياً على المشهد الاقتصادي برمته ويقلل بالنتيجة من مخاطر الائتمان ويحد من حالات التزوير والفساد المالي والإداري .