ابن البطار دارس مشهور لعلم الإعشاب والصيدلة، أسمه الكامل عبد الله بن أحمد ضياء الدين الاندلسي المالقي. نسبة المالقي لآنه ولد في الربع الاخير من القرن السادس الهجري في مالقة وتوفي في دمشق عن سبعين عاما تقريبا سنة646 للهجرة (1248 م).
كان استاذا لابن ابي أصيبعة الذي دون (طبقات الأطباء) من دون أن يعطي مادة وافية عن أستاذه فيه!
في دمشق انطلق ابن البيطار للعمل على مستويين ، اولاهما دراسة اعشاب الريف في الشام وتركيا ومعرفة خصائصها الطبية، وثانيهما المباشرة بالتأليف حيث أتم كتابه الشهير (الجامع لمفردات الأدوية والأغذية)، وكتابه (المغني في الادوية المفردة) الذي شرح فيه كيفية علاج اعضاء الانسات عضوا عضوا وهو مما اختص به الاطباء والصيادلة.
وضع ابن البيطار كتاب (الجامع) في اربعة اجزاء حيث توخى فيه دقة الافادة من الطبيب غالينوس مضيفا ما استخلصه هو، ويقول أنه ((توخى تحقيق ستة اهداف الاول استيعاب القول في الاغذية المفردة والاتغذية المستعملة على الدوام)) ويقول أيضا: ((وقد استوعبت فيه جميع ما في الخمس مقالات من كتاب الأفضل ديسقوريدوس، وكذا فعلت أيضا بجميع ما أورده الفاضل غالينوس في الست مقالات من مفرداته ثم الحقت بقولهما من اقوال المحدثين في الادوية المعدنية والحيوانية... وأسندت جميع الاقوال الى قائلها)).
وهو يناقش ما نقله بمقارنة ما توصل اليه بشكل عملي بالذي نقل عنه ليثبت رأيه العلمي، وكان ان اسس لمعجمه بترك التكرار في المعلومة واعتماد التسلسل المعجمي والتنبيه على كل دواء وقع فيه وهم لباحث متقدم او متاخر، قد ذكر كل الادوية بجميع اللغات المتداولة.
من ذلك نجد ان أبن البيطار قد اعتمد في تأليفه على قواعد التأليف العلمية المعروفة، ذكر المصادر والمعلومات المعتمدة علىدارسين سبقوه ثم اعتماد البحث الامبريقي (الذي يعتمد الدراسة العملية بالمشاهدة والتجربة واستخلاص النتائج).
ونجد ان ابن البيطار قد ذكر اسماء واوصاف الادوية المستلة من النباتات والحيوان واستعمالاتها من هذه النباتات: العفص والارك والاشنان والآس والافيون والبان والبرواق والبشمة والحنظل والجندقوق والداصيني ومئات غيرها.
وتناول ابن البيطار بالبحث الخصائص العلاجية للكثير من الحيوانات ومنها اسد الأرض وهو الحرباء والتدرج والتن وهو الحوت والحبارى والرذون (وهو قريب من الورل) والحرجول وهو نوع من الجراد والروبيان الذي يسميه أهل مصر القرندس والحلزون ومئات غيرها
وفي المعادن ذكر الكثير منها ومن خصائصها العلاجية فهو يقول عن الذهب انه معتد للطيف يدخل في ادوية السوداء وافضل الكي واسرعه برا ما كان يكوى بالذهب وإمساكه في الفم يزيل البخر وتحدث عن الارتكان الذي اذا احرق احمّر وصار نافعا لعسر الولادة وذكر الكثير عن الدهون ومنها دهن الزعفران ودهن الحناء ودهن السفرجل والطين الحر والطين الرمني والمستكي، ولكل نبات وحيوان ودهن وحجر استخدامه وفائدته.
ان كتاب (الجامع) يخضع بالضرورة للدرس الحديث وفيه ما هو خارج عن الدراسات الصيدلانية الحديثة ولكنه يظل كتابا نافعا وجديرا بالتقدير العلمي والبحث في تاريخ العلوم الطبية والصيدلانية.