جين أوستن بعد 200 عام على رحيلها

جين أوستن بعد 200 عام على رحيلها

ترجمة: المدى
رحلت الكاتبة جين أوستن عن عالمنا قبل 200 سنة في الثامن عشر من تموز عام 1817 عن 41 عاما، إلا أن مؤلفاتها ما تزال تحظى بشعبية واسعة وتحولت إلى نتاجات مسرحية وافلام سينمائية. ويجري حاليا الاحتفال بالذكرى المئوية في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وسيصدر بنك انكلترا المركزي ورقة نقدية من فئة 10 جنيهات استرلينية تحمل صورتها.

و في مدينة باث (وهي مدينة تقع في جنوب غربي إنجلترا.و تعتبر إحدى أهم المدن السياحية في بريطانيا) حيث عاشت جين اوستن فيها للفترة من عام 1800 إلى عام 1806. تخطط بلدية المدينة لاقامة احتفالات خاصة تشمل اقامة بطولة رياضية في هذا الشهر تحمل اسم الكاتبة - وسيقام في ايلول المقبل مهرجان جين أوستن الذي سيستغرق 10 أيام و سوف يشهد اقامة أكثر من 80 فعالية.

عكست الكوميديات الرومانسية والاستعراضات الساخرة من المجتمع، التي تضمنتها الروايات الخالدة لجين أوستن عمق فهمها للعلاقات الإنسانية.
ولدت أوستن في 1775، ونشأت في الريف خلال العصر الجورجي الذي ينسب إلى الملك جورج الأول الذي تولى الحكم عام 1714، ويرجع إليه الفضل في النمو الفائق في الاقتصاد البريطاني بسبب حملات أعالي البحار الاستكشافية والاستعمار الكولونيالي، كما أنه استحدث وظيفة رئيس الوزراء عملياً من خلال تولية السير روبرت والبول مهام تلك الوظيفة.وسط نفوذ ملاك الاراضي الاثرياء وسلطة رجال الكنيسة
وما يزال القراء المعاصرون مفتونين بخصائص ذلك المجتمع الذي صورته الكاتبة في رواياتها وكشفت من خلالها عن العلاقات الطبقية السائدة، والأدوار التي كان يضطلع بها كلا الجنسين، وقصص الحياة اليومية.
وقد عبرت جين أوستن عن كل ذلك بعبارة جميلة،:”الكل يعرف هذه الحقيقة عالميا، فلا بد للرجل الاعزب الذي يمتلك ثروة جيدة، أن يكون في حاجة الى زوجة".
وما تزال تلك الجملة الافتتاحية من روايتها كبرياء وهوى واحدة من أعظم الجمل التي كتبت في تاريخ الأدب.
وما تزال قصصها عن نساء الطبقة الوسطى وهن يتحدين القيود الاجتماعية الهائلة تجذب القراء حتى يومنا هذا
ومثل أوستن، كانت هذه النساء عموما ذوات تعليم مدرسي منزلي وتعلمن مهارات مفيدة مثل الخياطة وإدارة المنزل استعدادا للزواج بشكل جيد.
كانت تلك النساء مشغولات دائما بأمور البيت، لأن العلاقة الحميمة مع رجل قبل الزواج يمكن أن تدمر سمعة المرأة وتصبح وصمة عار تلطخ اسم عائلتها.
في روايتها الثالثة مانسفيلد بارك:تقول جين اوستن”أعطي الفتاة تعليما بشكل لائق الى المجتمع، فمن المؤكد، انها سوف تتغلب على جميع العقبات، دون ان تجعل اي شخص يتكلف نفقات إضافية”.
في رواية كبرياء وهوى، وهي الكتاب الأكثر شعبية من بين كتب أوستن، ينصح السيد بينيت ابنته المفضلة إليزابيث ان تختار الزوج الذي يمكن أن تحترمه وبخلاف ذلك فأنها ستتعرض”لأكبر خطر يتمثل في زيجة غير متكافئة".
إن دقة الملاحظة التي تتمتع بها أوستن تتضح في قدرتها على الكشف عن الحماقات البشرية. إن ميل إليزابيث بينيت إلى الحكم المسبق هو أمر سيئ حاله حال طريقة السيد دارسي الفخورة.
وكذلك طريقة السيدة نوريس في معاملة ابنة أختها الفقيرة التي اتت بها إلى منزل أختها الغنية.
ولا تجد جميع البطلات نعيم الحياة الزوجية مع الرجال الأغنياء. فبطلات روايتي مانسفيلد بارك والعقل والعاطفة لا يجدن الحب الحقيقي معهم.
أوستن لم تتزوج أبدا، لكنها تظهر فهما عميقا للحب الفاشل ومصاعب الزواج. تمت خطبتها عندما كانت في العشرين من العمر، لكن خطيبها تزوج أمرأة اخرى كان لديها المزيد من المال.
وفي وقت لاحق، اصيبت بصدمة عندما (سرقت) منها أختها”القس الذي كانت تحبه
وقد قامت بتصوير مختلف الشخصيات في كل رواية، فتجد فيها الأمهات المتسلطات، ورجال الدين المتلصصين، والعمات الفظيعات، والعزاب الاغنياء، والباحثين عن الثروات، والفتيات التافهة والنساء المشاغبات.
ولا تخلو روايات جين اوستن من الأبطال. فهناك السيد المحترم نايتلي في رواية إيما، الذي يوبخ بطلة الرواية على غرورها ومحاولاتها الكارثية في تزويج الشباب والفتيات
و العقيد كبير السن براندون في رواية”العقل والعاطفة”، أول روايات أوستن، يبرهن على انه شريك أكثر استقرارا لماريان الجميلة عندما يزدريها الشاب الجميل جون ويلوغبي.
صدرت رواية مانسفيلد بارك، في عام 1814، واظهرت قدرة أوستن على صنع بطلات لرواياتها. فكانت شخصية فاني برايس الوديعة والخجولة مناقضة لشخصية إليزابيث بينيت الجريئة ذات العينين الساحرتين
وتناولت جين أوستن في رواية مانسفيلد بارك أيضا بشكل موجز قضية تجارة الرقيق، على الرغم من أن آرائها حول هذه المسألة ما تزال موضع نقاش.
استوحت الرواية اسمها من لورد مانسفيلد القائد البريطاني، الذي كان يناهض الرق وكانت الشخصية النسائية الرئيسية مستوحاة من شخصية ابنة مانسفيلد المتبناة ذات الاصول المختلطة، وكلها امثلة تشير إلى أن أوستن كانت مؤيدة لالغاء الرق
نشرت اوستن رواياتها أثناء حياتها، دون ان تكشف عن هويتها لأن المؤلفات من النساء لم يكن يحظين بنفس الاحترام الذي يتمتع به نظرائهن من الرجال. توفيت في عام 1817 بعد مرض طويل، وكانت في الحادية والاربعين من العمر فقط. وصدرت روايتيها إقناع ودير نورثانجر بعد وفاتها.
عن: ذا ايست افريكان