رسائل سارتر الى دي بوفوار..أحبك بطريقة لم يسبق لك اكتشافها

رسائل سارتر الى دي بوفوار..أحبك بطريقة لم يسبق لك اكتشافها

ترجمة محمد الضبع
بالطبع لم تكن رسائل ميتران هي الأولى، فقد سبقه كثيرين، نتذكر منها ما تبادله أبناء وطنه، عندما أحب الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، تلميذته سيمون دي بوفوار، وكان حبهما شكلا استثنائيا، فلم يرتبطا بزواج، بل عاشا حياتهما الفكرية والعاطفية والنضالية معا، جنبا إلى جنب مع علاقات عاطفية أخرى، حيث اتفقا على أن يسمح كل منهما للآخر بإقامة علاقات عاطفية موازية، شرط الشفافية المطلقة بينهما وانعدام الأسرار، درءا لقهر الغيرة وجرح الغدر.

هذه رسالة أرسلها سارتر عام 1929، وكان حينها في الرابعة والعشرين من عمره، بينما سيمون في الحادية والعشرين من عمرها، يقول فيها:
"فتاتي الصغيرة العزيزة:
أردت أن أكتب لك منذ وقت طويل، مساءً، بعد إحدى تلك النزهات مع الأصدقاء والتي سأصفها قريبا في”الهزيمة". إنها من الليالي التي أصبح فيها العالم ملكاً لنا. أردت أن آتيك بسعادتي كمنتصر وأضعها أسفل قدميك كما كان الرجال يفعلون في عصر ملك الشمس. ثم -متعباً من كل صراخي- أخلد إلى الفراش. أنا اليوم أفعل هذا من أجل متعة لا تعرفينها بعد، متعة الانتقال المفاجئ من الصداقة إلى الحب، من القوة إلى الحنان. الليلة أحبك بطريقة لم يسبق لك اكتشاف وجودها فيّ. لست مرهقًا من الترحال ولست محاصراً برغبتي في وجودك قربي. إنني أتقن فن حبي لك وأحوّله إلى عنصر أساسي من عناصر نفسي. هذا يحدث أكثر بكثير مما أعترف لك به. لكنه نادراً ما يحدث عندما أكتب لك. حاولي أن تفهميني: أحبك وأنا منتبه لأشياء خارجية. في تولوز أحببتك ببساطة. الليلة أحبك والمساء ربيعيّ. أحبك والنافذة مفتوحة. أنت لي، والأشياء لي، وحبي يغيّر الأشياء من حولي وهي أيضا تغيّر حبي".
حبك يدفئني
"حبيبي، أشعر أنـــي محاطــــــة بحبك ليل نهار، حبك يحميني من كل الغضب، عندما يصبح الطقس حاراً يبردني، وعندما تهب ريح باردة، يدفيني، طالما أنت تحبني لن أكبر أبداً، لن أموت أبداً. عندما أطلب منك أن تضمني ذراعيك، أشعر بانقباض في معدتي مهما كان ما تتحدث عنه، وأشعر أن جسمي كله يؤلمني".
التقت الكاتبة والفيلسوفة الفرنسية، سيمون دي بوفوار، بحبيبها الكاتب الأمريكي نيلسون ألجرين، عام 1947 خلال زيارتها إلى مدينة شيكاجو، ونشأت بينهما علاقة دامت لعدة سنوات، ولكن ألجرين لم يستطع تحمل المسافة الطويلة التي تفصلهما فابتعد شيئًا فشيء، حتى عاد إلى زوجته السابقة، أماندا كونتويز عام 1953.
وكانت دي بوفوار قد بدأت تشعر بابتعاد حبيبها فكتبت له في إحدى رسائلها خلال رحلة عودتها إلى باريس بعد زيارته في شيكاجو:”لست حزينة، لكنني متفاجئة، وأشعر أنني بعيدة تمامًا عن نفسي، ولا أصدق أنك أصبحت بعيدًا إلى هذا الحد.. بعيدًا للغاية. أود إخبارك أمرين قبل أن أرحل؛ أولاً: أتمني من أعماق قلبي أن أراك مرة أخرى يومًا ما، ولكن تذكر رجاء، لن أطلب منك هذا مرة أخرى، وليس هذا بسبب كبريائي فلا كبرياء بيننا كما تعلم، ولكن لقاءنا مرة أخرى سيكون له معني إن كان نابعًا من داخلك.. ولهذا سأنتظر وتأكد دائمًا أنني سأنتظر طلبك لرؤيتي."
وتضيف:”لا أستطيع التفكير أنني لن أراك ثانية.. خسرت حبك وكانت خسارة مؤلمة حقًا.. على كل حال ما منحتني إياه يعني لي الكثير للحد الذي لن يجعلك تستطيع أخذه مني. كما كانت صداقتك ثمينة جدًا على قلبي، ولهذا ما زلت أشعر بالدفء والسعادة حين أنظر بداخلي وأراك، أتمنى ألاَ تنتهي هذه الصداقة وهذا الحنان أبدًا."
وختمت خطابها بقولها:”تبدو كل هذه الكلمات سخيفة، وأشعر أنك قريب جدًا فدعني أكون بجوارك أيضًا كما كنا قبل ذلك، دعني أكون بالقلب الذي منحتني إياه للأبد".