قراءة في رواية  بنات خودا  للروائي سمير فرحات ..ليست من نقاط  قوّتي

قراءة في رواية بنات خودا للروائي سمير فرحات ..ليست من نقاط قوّتي

ضحى عبد الرؤوف المل
يدخل الاعلامي والروائي ”سمير فرحات” في عالم رواية الأحداث الواقعية، المبنية على تواريخ لا يمكن نسيانها. اذ يعتمد في روايته ”بنات خودا” الصادرة عن ”دار الفارابي” على جوانب صحفية في الامساك بالواقع، وتحويله الى متخيل محترف في صنع الحدث الروائي الذي يكمن وراء”بنات خودا”وبنكهة الزمن الحاضر والتغريب الذي يقودنا الى العودة دائماً

حيث القوة الحقيقية في المجتمعات النامية التي تندثر فيها سياسات وتولد سياسات أخرى. ويشعر فيها بعض الفئات المهمشة بإنكار الحقوق ومحاولة الحصول عليها أو النظر اليها بنظرة انسانية تميل الى غرس الوطنية عبر مفردات تحمل من العاطفة الشيء الكثير."بنبض التراب الذي يكون كيانياً، وذراتياً، وجيناتياً”وربما هذه استطبابات نفسية تحيل القارئ الى امكنة نولد فيها ولا ننتمي اليها والعكس صحيح.
تاريخ حاضر لأزمنة هي ضمن أمكنة جمعت”عكار”التي تقع شمال لبنان مع العراق، وما بين حروب داعش ومسيرة مهند العكاري مع الشيخ عمر ارتباطات شدها الروائي”سمير فرحات”بمفارقات لا يمكن التكهن بها. كأن الحروب تقود الأجيال الى حتفها، وكأن القدر يقف وراء حجاب”هذا يفسر كيف أن أكثر من سبعين حملة إبادة تعرض لها شعبنا،لم تنجح في محونا، ومحو تاريخنا، وديننا، وعاداتنا؟”فالديانات في الرواية هي مسارات رؤيوية لسؤال واحد كيف يحصل هذا ونحن في المانيا؟ فهل سينصهر العرب عبر هجراتهم في أمكنة تمسك بها احياناً، وأمكنة أخرى تركها في دهاليز الأحداث الظاهرة والمخفية ضمن تصوير بشاعة ما مر به الايزيديون بخاصة والعراق بعامة.
مواضيع الشرف وارتجال الذكورة، وانكار حقوق المرأة من المواضيع التي تعالجها الروايات العربية برمتها، وكأنها تواجه القارئ بحقيقة يعرفها، فتعمد الى تذكيره بها لتكون القضية الأبرز في روايات الأحداث التاريخية، ولكن يبدو أن الزمن الحاضر في رواية”بنات خودا”يمر مع الأحداث بنفحة الحروب الكردية، والاجتياحات التي قتلت الملايين من الشعب العراقي. فهل يحاول”سمير فرحات”ابراز مواضيع الهجرة التي باتت تشكل التطلع الأبرز نحو بناء الانسان الجديد في وطن آخر، فتبرز قضية التمسك بالهوية على أشده في الاسلوب السردي الذي اعتمده”سمير فرحات”في تصوير الصعوبات الجمة التي تقلق الشعوب من الحلول المستعصية دون تعتيم للرؤية الروائية تاركاً الاحداث بتواريخها هي التي تحكم ذهنية القارئ في استرجاع الخبر، وبتضافر التراكيب العنيفة في تصوير الاغتصابات، وشدتها على خصوصية الشعب الايزيدي. إذ ينقل طبائع هذه الفئة من المجتمع الذي يسهم في تشكيل طبقة اجتماعية ما زالت تبحث عن حقها في الوجود.
"العالم العربي كله سيكون قريباً بلا حياة”جملة برزت كتلك التي تثير اليأس في الانفس التي تتطلع الى بناء تاريخي، يعيد مجد ما اندثر ولم يذكره”سمير فرحات”تاركاً للفكرة في الزمن الحاضر تفاعلها مع الشخوص الذين ينظرون الى الوطن، نظرة المهاجر من وطنه بتأنيات مشهدية ذات محاور مبنية على اختلفات العناصر المحورية، وكأنه يجمع التاريخ في رواية ذات وقفات منفصلة مرتبطة بخيط الحدث المخفي أو الايحائي، وهو شخصية مهند وما يجري في الرواية من انتهاكات يقوم بها الشباب أي الجيل الجديد الذي يجب أن يبني لا أن يدمر. ليترك الجواب مفتوحاً عن سؤال”من يعرفنا في المانيا؟".
"انتم الايزيديون لستم الا معلماً من معالم العراق، وحجراً في قلعة تاريخه”التاريخ لا يفصل أحداً عن واقع عاشه. انما تترسخ لتكون الارشيف الزمني لما تمر به الأوطان من أزمات تربط المعاناة بعضها ببعض لتؤدي الرواية دورها عبر خصائص بنية الخبر وعناصره في الرواية التي تؤكد على حقوق الشعوب في الحياة. فالتماسك في العنوان تناقض مع الفصول لتكون العناوين الداخلية هي الصورة لتتابع الاحداث وخضوع اللغة الايزيدية احياناً للمسار الروائي.
طمس الروائي”سمير فرحات”معالم عكار الواقعة في شمال لبنان، فلم يمنحها إلا التواريخ وحرمانها الذي ذكره مع واقع لفظة المهمشين من السنة، كأنها عنوان الطريق الذي يسلكه مهند نحو التطرف الاسلامي الذي بات كالوحش الكاسر الذي يصعب التخلص منه، فالتطرف ومعالمه من خلال السرد الروائي بدا كأنه مقتطفات من اخبار دفعته الى التخيل مع قليل من البناء الروائي الذي اعتمد على المناطق كافة، وفي البلدان العربية التي وقعت تحت براثن الاقتتال”لو سمحنا لأنفسنا بالذوبان، لمسحنا من التاريخ والحضارة مسيرة شعبنا منذ بداية الخلق؟”فالقيم الخاصة لمفهوم الايمان تركه”سمير فرحات”ولجأ الى الآيات القرآنية التي يعتمد على نصوصها من يمارسون التشدد الديني. فهل الانتماء الى الأرض هو انتماء آدم الى الجنة؟ وهل من خروج أخر في الحياة بعد الخروج للهجرة من وطن ماتت فيه ناران؟.