فاضل خليل.. المسرح بلا خبز وسلام محض كذب و افتراء

فاضل خليل.. المسرح بلا خبز وسلام محض كذب و افتراء

لقاء أجرته زينب المشاط
اكتفى صوتهُ وبضع كلمات مقتضبه ان تُفسر مواجعهُ كفنان عراقي يُحزنه واقع الفن , ورغم ذلك لم تمحُ التدهورات التي مرّ بها الواقع العراقي بشتى مجالاته شعلة الامل التي انبعثت مع تنهيداته الحزينة.
الدكتور فاضل خليل لم يكُن فناناً عراقياً قدم الكثير لفنه لتطوى صفحاتهُ منسيةً بل كان أشبه بالاسطورة التي ارتقت بذاتها عربياً وعالمياً , حيثُ ابدع مخرجاً وفناناً واستاذاً اكاديمياً ,

اعتلى العديد من المناصب الثقافية والاكاديمية والمهنية على الصعيدين العراقي والعربي حيثُ لا يُمكن تلخيص حياة فاضل خليل الفنية والمهنية في سطورنا هذه , إلا انني لمستُ في هدوئه المعهود جُملاً ملغومة أجاب بها عن تساؤلاتي , في حوارٍ أجرتهُ (المدى) مع فاضل خليل...

*كيف يمكن المزج بين النص المسرحي الذي يقع ضمن منطقة الثقافة العالية , وفي ذات الوقت الحصول على جمهور يستوعب هذا النص؟
- من الاخطاء الخطيرة اعتبار الجمهور خارج منطقة الثقافة، فمن حق الانسان استقبال العمل الفني وفق مقدار مخزونه المعرفي، ومقدار تلقيه ووفق استيعابه، فإذا ما انطلقنا من أن”في الجمال آراء قدر ما في العالم من رؤوس – حسب رأي الفيلسوف (وول ديورانت) في كتابه (قصة الفلسفة) -”, سنلاحظ العديد من المرات وِفِّق فيها المسرح العراقي بردم هذه الفجوة , و إذا ما سلمنا أمرنا لهذا السؤال، لما اقدمت فرقة المسرح الفني الحديث على تقديم رواية (النخلة والجيران) للكاتب الكبير غائب طعمة فرمان، واخراج المبدع قاسم محمد، عندها امسكت العصا من الوسط بمسرحية تتحدث عن شعب وهمومه في محلة شعبية، بامكانات وقدرات مسرحية ترقى الى مستوى أهم ما يقدمه المسرح العالمي. وعليه فالجمهور يستوعب عندما نفكر بأنه أخطر من يستقبل وفق قراءات متعددة تستوعب كل الرؤوس في العالم.
*ماهي مكاسب وخسائر المسرح العراقي بعد 2003؟
- لا مكاسب... والخسائر جسيمة متمثلة في خجل المسرحيين الذين لا حول لهم ولا قوة من غيابه، إلا إن هنالك مطامح للبعض القليل العاملين من أجل استمراره.
*عُرفت طروحات فاضل خليل بالجرأة خصوصاً فيما يختص بالطروحات المسرحية , هل تسبب ذلك بمشاكل لك؟
- لا وجود للمشاكل، لأن قراءات اصحاب القرار في العقوبة ضعيفة، وحضورهم فيه يكاد يكون معدوما.
*متى وصل المسرح العراقي الى أوج عظمته ومتى شهد أسوأ حالاته؟
- في كل السنين التي كان الفنان فيها يقود المسرح وصل المسرح الى اوج عظمته، اما عندما قادته السلطة فقد وصل الى اسوأ حالاته. وهذا معناه، ان المسرح صار يلفظ أنفاسه منذ بداية ثمانينات القرن الماضي حتى فارق انفاسه مع بداية الاحتلال , حين صارالمسرح أداة تغيير وتحريض.
*ما هي اهم الصعوبات التي من الممكن ان تواجه الفنان العراقي اليوم؟
- عندما لا يجد مسرحا صالحا لعرض افكاره , والأهم منها عندما اختار ان يكون فناناً.
*ذكرت عدة مقالات إن (فاضل خليل لا يميل إلى التعليمية والوعظية في القراءة ولا في الخطاب الإبداعي، بل ولا حتى في التصورات المألوفة , لأنها - حسب رأيه - محكومة بالمباشرة) , إلامَ تميل نصوص فاضل خليل إذاً؟
- اتفق مع ما قالته المقالات التي ذكرتها في السؤال , وأميل الى النصوص التي تسعى للاجابة عن تساؤلات الناس في خطابها , وكذلك الى النصوص التي تحاول تخليص ناسها من مخاوفهم , والمسرح بلا خبز وسلام محض كذب وافتراء.
*كونك مخرجا مسرحيا , كيف تتعامل مع فكرة النص؟ هل تعمل على التدخل في النص حذفه او الاضافة اليه؟
- لكي اجعل النص يجيب عن تساؤلات الناس في خطابه، من المؤكد يجب أن أُخضعهُ لمشرطي في الحذف والاضافة , فلا وجود لنص يتفق تماما مع طموحات المخرجين.
*ما هو الاهم بالنسبة لفاضل خليل اولاً , ثم بالنسبة للفن العراقي : الاهتمام بالمسرح ام التلفزيون؟
- عندما تستحيل الحياة في المسرح نذهب الى السينما وعندما تستحيل الحياة في السينما نذهب الى التلفزيون , في ظل الظروف الآن”لا وقت للمسرح”لصعوبة الوصول اليه ولحاجته للوقت الطويل كي تنضج المسرحية، و”ما يوكل خبز”.
*هل تعتقد إن من المنطقي هدم كل الارث الفني قبل 2003 فقط لأنه نتاج حقبة معينة؟
- اذا عملنا على هدم الارث الفني قبل 2003 فعلينا ان نهدم باقي الحضارة و إرثنا منذ سومر وبابل وآشور. وإذا ما هدمناها ماذا سيظل لنا من التأريخ , وهل عوضت انجازات ما بعد 2003 ما سنقوم على هدمه؟!
وكنت مستمرةً في سؤالي الاخير للدكتور فاضل خليل عن اسباب التدهورات التي تواجه الفن العراقي اليوم، إلا انهُ ترك مساحة الاجابة لي , لأقف امام هذا السؤال عاجزة فبعد ما يواجهه العراق من واقعٍ منخور ماذا ننتظر من الفن والثقافة؟.

سبق لهذا الحوار ان نشر عام 2016
في صحيفة المدى