الحاجة إلى سياسة الإصلاح المصرفي

الحاجة إلى سياسة الإصلاح المصرفي

محمد صادق جراد
مما لاشك فيه ان العراق عانى عبر العقود الماضية من العزلة الدولية التي تعرض لها من خلال ابتعاده عن العالم الخارجي إضافة إلى العقوبات الدولية التي أبعدت العراق عن مواكبة الحدث والتطور العالمي وساهم في غياب الخبرات في جميع المجالات ومنها بالتأكيد الجانب المصرفي والسياسة المصرفية التي تشهد تطورا كبيرا في دول العالم المختلفة وبقاءها على حالها في العراق .

ولقد ساهمت هذه العزلة في تخلفنا كثيرا في هذا القطاع الأمر الذي يتطلب منا اليوم الاستفادة من الخدمات المصرفية والخبرات العالمية المتطورة من خلال الانفتاح الذي يشهده العراق على الخبرات الأجنبية والاستثمارية لكي نتمكن من إدخال التكنولوجيا المصرفية في مصارفنا واللحاق بالركب الدولي والإقليمي في هذا المجال .
من هنا لا بد أن نشير الى إننا بحاجة إلى سياسة إصلاح للنظام المصرفي باعتبارها ضرورة ملحة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية ولا بد من أن نبدأ إعادة هيكلة السلطة الإشرافية والرقابية المسؤولة عن هذا النظام وتشريع القوانين التي تعمل على تطوير هذا القطاع ومنحه حرية التحرك إضافة الى إعادة النظر بالتشريعات السابقة ذات الصلة خاصة قانون المصارف رقم 24 لسنة 2004 وإجراء التعديلات عليه بما ينسجم ومتطلبات المرحلة الجديدة بالإضافة إلى الحاجة لإصدار اللوائح التي تنظم عمل المصارف لغرض ممارسة الرقابة عليها بصورة مناسبة وفعالة .
ويمكننا القول بان العمل المصرفي في العالم قد شهد تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة حيث شهد إدخال كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا ومنها ما يتعلق بخدمة الماستر كارد وتنويع خدمات البيع التي تحتاجها الأعمال المصرفية في الداخل والخارج واستعمال الصرافات الآلية في الأسواق الكبيرة والمؤسسات المختلفة إضافة إلى كثرة وجود هذه الصرافات في الأماكن التجارية والأسواق الصناعية الأمر الذي ساهم في تنشيط الحركة التجارية وزيادة الأنشطة بصورة عامة ما يصب في مصلحة المواطن والتاجر والمستثمر .
وبالرغم من سعي الحكومة العراقية لتنشيط القطاع المصرفي الحكومي إلا ان الأنظار متوجهة نحو القطاع الخاص والمصارف الأهلية التي يمكنها ان تلعب دورا مهما في دعم الاقتصاد العراقي غير الفعال من خلال سياسة مصرفية متطورة .
ويرى البعض بان ما يميز القطاع الخاص هو كونه لا يخضع للروتين الذي يمارس في مؤسسات الدولة المصرفية إضافة الى حرية التحرك الواسعة التي يتصف فيها هذا القطاع الذي شهد نجاحا في جميع دول العالم وأصبح اليوم واقعا اقتصاديا عالميا يعكس مدى التحضر والتطور العلمي والتكنولوجي للدول والبلدان .
من اجل ذلك سعت الحكومة إلى دعم القطاع الخاص حيث خصصت وزارة المالية 500 مليون دولار لدعم مصارف القطاع الخاص وفتح الاعتمادات في جميع الدول العربية والعالمية وزيادة المبالغ المخصصة لها وبواقع مليوني دولار لكل مصرف ودعتها إلى الالتزام بقرارات مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال فيما سمحت الوزارة للمتقاعدين بفتح حسابات بالمصارف الخاصة ليتسنى استلام رواتبهم من خلالها داخل وخارج العراق. ،إضافة إلى ان عام 2009 شهد إطلاق منحة البنك الدولي التي بلغت 10 ملايين دولار مخصصة لانجاز خطة إعادة هيكلية المصارف والتي يجب الاستفادة القصوى منها .
وبالرغم من كل المساعي الرامية لتطوير القطاع المصرفي الخاص الا انه يعاني الكثير من المعوقات أهمها الاعتماد على أساليب وممارسات قديمة لا تساهم في تطوير العمل المصرفي وقلة الخبرات لدى الكوادر العاملة حيث نحتاج اليوم إلى تطوير المستوى العلمي والمعلوماتي للعاملين في هذا القطاع من خلال إشراكهم في دورات تطويرية تؤهلهم لمواكبة العصر , ويعد غياب الوعي المصرفي لدى المواطن البسيط من المشاكل الجديدة التي ظهرت مع التطورات الجديدة الأمر الذي يتطلب حملات توعية تقودها إدارات المصارف بالتعاون مع الإعلام ومنظمات المجتمع المدني .
ومشاكل أخرى كثيرة لا بد من تجاوزها لتكون المصارف الأهلية قادرة على تلبية متطلبات المستثمر المحلي والأجنبي إضافة الى قدرتها على نقل الأموال من والى العراق من خلال سياسة ربط المصارف العراقية مع المصارف الإقليمية والعالمية ليكون لها الدور الفاعل في اعمار العراق ونجاح المشاريع الاستثمارية .