القطاع المصرفي الخاص الدور المطلوب في المرحلة الحالية

القطاع المصرفي الخاص الدور المطلوب في المرحلة الحالية

محمد عبد الأمير عبد
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن دور المصارف الأهلية في التنمية الوطنية ، وأهمية أن تأخذ دورها الريادي كقطاع حيوي ومهم لأن تكون جزءا من الحلول المطلوبة في دعم التنمية في البلد خاصة ما يتعلق منها بقطاعات كبيرة كالإسكان والزراعة ، وبالتالي فإن مصارف القطاع الخاص تكون شريكا في الاقتصاد العراقي وليست مجرد أكشاك لتصريف العملة أحيانا وأحيانا أخرى لتخزينها ليس إلا .

وواحدة من مقومات الاقتصاد الناجح هو أن يأخذ القطاع المصرفي دوره المتكامل في بناء هذا الاقتصاد، وحين ننظر إلى واقعنا الحالي نجد بأن هنالك اختلالات كثيرة بحاجة لأن نتوقف عندها ونجد الحلول لها، ومنها دور المصارف الأهلية في دورة الاقتصاد العراقي . وهل تمتلك رؤية صائبة وهل هي قادرة على أداء مهمتها في المستقبل القريب خاصة وإن البلد مقبل على ما يمكن تسميته بموجة استثمارات؟
وهذه المشاريع الاستثمارية بحاجة إلى مجموعة آليات وأسس ودعائم وإسناد وواحدة منها وجود مصارف مؤهلة لأن تلعب دورا إيجابيا في حركة التنمية هذه وتساهم في بلورة رؤية صحيحة لمفهوم الاستثمار ومتطلباته مع ضرورة أن تراعي القوانين الخاصة بهذا الجانب تنشيط حركة المصارف الأهلية بما يؤمن قدرتها على استيعاب المتغيرات الكبيرة التي قد تحصل جراء دخول الشركات الاستثمارية من جهة، وتنشيط القطاع الخاص العراقي من جهة أخرى، لأن الاستثمار وتنشيط القطاع الخاص يتطلب بالتأكيد رؤية مصرفية تختلف كثيرا عما موجودة في المصارف الحكومة التي تسيطر عليها البيروقراطية الإدارية مما يصعب التعامل معها من قبل القطاع الخاص والشركات المستثمرة لحدة قوانينها وروتينية أعمالها.
ولا يمكن أن تكون المصارف بمعزل عن هذه الأجواء. وكنا قد قلنا بأن الاستثمار المتوقع خلال الأعوام القادمة يحتاج إلى تسهيلات مختلفة على شكل ائتمان وقروض وفتح اعتمادات تكون المصارف قادرة ومتمكنة من تقديمها على أفضل وجه. والذي يلاحظ نمط عمل المصارف العراقية في السنوات الماضية سيجد بأن هنالك تراجعاً على طلب الائتمان المصرفي الخاص في السوق العراقية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة التي تتقاضاها المصارف مما انعكس سلبا على مجمل النشاط الاستثماري بما فيها القروض الصغيرة التي تقدم للمواطنين والتي تكون فوائدها كبيرة مما جعل الكثير يعزف عنها. وبالمقابل نجد بأن هذه المصارف هي الأخرى أخذت تمتنع عن هذا لصعوبة تحصيلها لديونها وفق الآليات المتبعة حاليا والتي قد تكون عائقا كبيرا في هذا المجال.
لهذا فان هذا الخلل الكبير يجب تجاوزه في المرحلة الحالية والمقبلة ومحاولة بناء فلسفة اقتصادية استثمارية بعيدة عما هو سائد الآن من بيروقراطية في النظام الهيكلي والإداري للمصارف العراقية بشقيها الحكومي والخاص خاصة وإن هنالك مجالات عديدة تتمكن المصارف من خلالها من استثمار أموالها خاصة قطاع الإسكان عبر منح قروض للموظفين أو من خلال منح قروض صغيرة (5- 10 ملايين دينار) تسدد وفق آلية يتم تنسيقها عبر دوائرهم بما يؤمن تدوير رأس المال وجني الأرباح.
ونجد اليوم أن دور المصارف العراقية يقتصر الآن على الوساطة المالية والعملية المصرفية رغم الودائع الكثيرة التي لديها إلا إنها لم تستثمرها بالشكل الصحيح، لهذا لم تكن هذه المصارف طرفا رئيسيا ومهما في العملية التنموية أسوة بمصارف البلدان العربية الأخرى التي تلعب دورا كبيرا في تدعيم اقتصاديات دولها. وقد فشلت بعض مصارفنا في كسب ثقة الكثيرين من خلال آلياتها المتبعة في العمل،وربما يوعز البعض هذا لقلة رؤوس أموال مصارف القطاع الخاص ذات الطبيعية الاستثمارية كما يفترض أن تكون خاصة وإن البنك المركزي العراقي ألزمها بزيادة رؤوس أموالها إلى 250 مليار دينار خلال 3 سنوات بغية أن تسهم في الكثير من المشاريع وخاصة قطاع الإسكان الذي من شأنه إحداث طفرة كبيرة في القطاع المصرفي وسوق العمل في العراق لما يمثله من عملية تشغيل لمهن كثيرة ومعامل وورش ظلت مغلقة سنوات عدة.
وربما يقول البعض بأن هذا القطاع المهم من المصارف التي تبلغ بحدود 40 مصرفا موزعة في عموم العراق تحتاج إلى سلسلة إجراءات تقدمها الحكومة العراقية بعضها تشريعية ذات طبيعة إصلاحية تنظم عمل هذه المصارف وفق رؤية استثمارية صائبة تتناسب ومتطلبات الاقتصاد، وبعضها دعم مالي يعزز من مكانتها ودورها المتوقع، وهذا ما يمكن تسميته بحزمة إجراءات البعض يراها ضرورية خاصة وإن بعض هذه المصارف ربما يفشل في السنتين القادمتين من رفع رأس مال المصرف إلى 250 مليار دينار دون تدخل الحكومة عبر مصارفها والبنك المركزي.
الجانب الثاني والمهم جدا أن يتم تدريب مجالس إدارات هذه المصارف وكوادرها على العمل في مناخات استثمارية عبر زجهم في ورش عمل بالاستفادة من خبرات المصارف العربية والعالمية في هذا الميدان ومحاولة ربط شراكة ما بين المصارف العراقية والأجنبية على غرار ما موجود في الكثير من دول العالم ومنها الدول العربية كمصر ولبنان ودول الخليج العربي.
الحركة المصرفية العراقية بحاجة إلى إعادة تأهيل وتنشيط في كلا الجانبين ، المصارف الأهلية والخاصة والمصارف الحكومية – القطاع العام – من أجل أن تكون بمجموعها قادرة على التلاءم والتكيف مع المستجدات التي يجب أن تتوفر لها مقومات نجاحها وفي مقدمتها دور المصارف وقدرتها على ذلك .