القـرن يُــقال العشــرونْ
والعـام التاسـع والخمسـونْ
لكنْ لا أذكرُ ما الشـَّهرُ
لا أذكر حتى ما اليـوم
والساعة لا أعرف كـم
فهنــا..
في جوف الزنزانـــة
خلفَ الشمس
يجري توقيتُ الغستابـــو
سألوني من زمن مااسـْمـُك
تيلمـانْ
أو شــهدي
أو فوتشيـك
أو قولوا الحلــو
ماشئتـم قولـوا أيَّ اسْـــم
عســَّافٌ إسمـي عسـَّـاف..
جـُنَّ الغستابو وانفجرت
في وجهي آبـارُ الــَّدمِّ
فبصقت دما ملءَ الفـمِّ
فـي وجه الغستابو الجَهم
وأنا أضحكْ
ركلـه...!
زعقوا... مااسـْمـُك ؟
إنســـان
أيُّ إنســانْ..
إبــن العمـَّال
من رأسي حتى قدمـي
من أغور أغـوار القـلب
جندي ٌّ في جيش الشـعب
قربان ٌ من أجل الحـزب
في مصر أنا في سوريا
في لبنان
في العالم في كل مكــان
أنا وطني كـل ُّ القـارَّات
أمشي في زحف العمـَّال
عسـَّافٌ إسمي عسـَّاف..
وأعـاد الغستابو الكـَّرة
لا أدري في هذي المرَّة
من أيـن الآبارُ الثـَّرَّة
في جسمي كانت تتدفـَّق
حاولت كثيرا أن أبصـُق
جاهدت
ولكن لم أبصـُق
وتـدور الأرض
والسقف ُ الصخري يدور
وتدور الجـدران تدور
ويلفُّ الأشياءَ ضبــاب
وتغيب وجوه الغستـابو
و أغيب أنا....
*********
القـرن يُــقال العشــرونْ
والعـام التاسـع والخمسـونْ
وحدي أنتظــرُ الغستابــو
وحدي...
وحدي...
ومئات من حــولي
ومئات من قبــلي
ومئات من بعــدي
وألوف ألوف العمـــَّال
في الخارج لا بل في قلبـي
ورفـاقي كل الشرفاء
في وطني يحضنهم شعبـي
أأنا وحدي؟
كنت أسير
وســْط دمشـق
والساعة منتصف الليـل
والبرد رصاص مسمـوم
والـريح تنـوح كما بوم
والشارع خـال من نسمة
ودمشق
تلفـِّحــُها الظــلمة
والليل ضرير
لم تبسم حتى نـَجمة
ويجيءُ نـُباح الغستابــو:
“يحيــا القائـد
هايـل الرائـد"
أذكرُ أذكــر
يذكر مثـلي فوتشيـك
يذكر تيلمــان
“يحيـا الفوهرر
هايــل هتلر “
أذكر أذكــر
“يحيا الحسنــي
والحنـــَّاوي
والشيشكــلي"
أضحك... أضحك
يضحك كـل العالـم
تضحك كـل دمشق
يضحك كـلُّ الشرق
أيـن الفوهرر ؟
صـِرت أفكـِّر
أكبادي.. زوجي..
بيروت
وأبـــو زعبـل
أكبادي في كل العالم
يابيروت
من مات ومن سوف يموت
أو يحيا من أجل الشـَّعب
البرد رصاص مسمـوم
والـريح تنـوح كما بوم
والشارع خـال من نسمة
ودمشق
تلفـِّحــُها الظــلمة
والنجمة تهمس للنجمة
هجمـة... هجمـة
فـِرِّي قـد هجـم الغستابـو
ضربـو.. ضربـو..
آه.. لكأني أركب أرجوحة
تعلو تهبط..... تعلو تهبط
غابت عنـِّي الرؤيـا
أسقط... أسقط
*********
صوت:
مات بالأمس فرج
أيها العمال في كل مكان
منذ أن كانوا وكنـَّا
منذ كان العبد يعمل
ثم لا يـأكل
والسيـُّد يـأكل
منذ كان القـن يعمل
ثم لا يـأكل
والمالك يـأكل
منذ صارت قوة العامل سـِلعة
تضمن الرِّبـحَ لربِّ الرأسـِمال
قد أرادوها إبــادة
حسنا... مـِلـْيـا خذوها لا هوادة
أيها العمال في كل مكان
أيها العمال كونوا يقظين
صوت:
مات من قبلي وقبلـِك
مات من أجلي وأجلـِك
مات من أجل الملايين التي حولي وحولـَك
مات.. مات فرج الله
صوت :
لا تقـل مات فرج
هو في قلبي وقلبـِك
هو في كل الملايين التي حولي وحولـَك
في المصانع
والمـزارع
والشـوارع
في الملايين التي تزحف
وتزحف
قـُدُمـا لا تتوقف
هي كالأمواج صف بعد صف
كلما ماتت على الصخرة موجة
عاجلتـْها ألف موجة
هكذا البحر عنيد
أينما كان غني بالرصيد
بألــوف كفــرج
لا تقل مات فـرج
قصيدة الشاعر المصري نجيب سرور عن استشهاد فرج الله الحلو