سانحة امين زكي....وبغداد ان روت

سانحة امين زكي....وبغداد ان روت

ابراهيم البهرزي
بعض المدن لا تتشكل في الخاطر إلا بصورة امرأة (بالنسبة للرجل طبعا)..حتى إن بدا بعضها عنيفا بما تفرضه أحداث التاريخ عليه..لكان المدن كلهن إناث... والقرى طبعا فحولة مستهترة!
وبغداد التي اسمعها ولا أراها منذ عامين (فليهنا موقدو النيران الطائفية!)كل ذكرى لها راسخة في بالي لا تعدوا عن إناث خفرات سيدات على القلوب...أوانس وعوانس..والعجيب إنهن جميلات حتى ولو افتقدن لمسحة المقبولية الشكلية..

المؤسف كثيرا إن بغداد هذه الأنثوية الفياضة الجليلة لم تقرا بعين أنثى..لأجل الإنصاف..أو صدق التعبير على الأقل...فكل مداحي شمائلها من الرجال!
اتامل في رواة الحكاية البغدادية المبتسمة دوما والطيعة الودودة صورا :
علي الوردي.. واعترافات النسيج الاجتماعي.. عجائب التعقيد وغرابة الأطوار والأدوار..
عباس بغدادي...وخطط الأحلام والمدينة السلسة..
جلال الحنفي...ورؤية الرب الذي لا يكره ضالا من عباده..
عبد الرحمن التكريتي..والأمثال المهونة من عصبية الحياة..
يوسف العاني..الفلوجي الأصل الأكثر بغددة حتى من بغدادي عريق مثل نوري السعيد مثلا ,وحضور النكتة البغدادية..
ولكن لماذا يحسب بهاء ورونق وأناقة بغداد لفحولها وهي سيدة الإناث بلا منازع؟
هذا سؤال لطمت فيه نفسي وإنا أهيم مع حوار تلفزيوني هو من أمتع ما تجود به فضائية عراقية في زمن الندب والعزاءات.
اللقاء الاستثنائي الذي بثته ووعدت بإكماله القناة مع السيدة المبجلة سانحة أمين زكي هو حلم مستعاد من أحلام بغداد الصبية بعد أن كبلها بالعنوسة طارئون..
ما تغرد به السيدة الحيوية الشفيفة سانحة أمين زكي هو أشبه بتغريد بلبل في صباح ندي من صباحات بغداد أيام صبا بغداد ودلعها ودلالها المكابر الأنثوي..
ذاكرة من ورد ألجوري الغافي بكسل على اسيجة المنازل البغدادية الوادعة حين كانت الوداعة كلمة للسر بين باب وباب..
أن تحكى بغداد بعين واحدة من صانعات نهوضها في هذا الزمن المعادي للنساء تذكرة حلوة..ومرة أيضا!
ففي الحين الذي كانت فيه نساء دول مجاورة يرسفن تحت وطأة نظام النخاسة كانت سانحة أمين زكي في أوائل الثلاثينيات تصدر نشرة عن المرأة وحقوقها!
وكانت أمينة الرحال عضوه مؤسسة في أول بناء سياسي يساري..
وتلتها صبيحة الشيخ علي
ونزيهة الدليمي
وناهده الرماح
ونزيهة سليم
و..
لن تكفي السطور إن عددنا..
المبهج في كل الحكاية..أن هناك كتابا بقلم سانحة أمين زكي عن تلك الحياة..حياة الرائدات العراقيات في مسار التمدن..
سانحة أمين زكي واحدة من بناة حضارة العراق..وهي أولى بالذكرى من بعض دمى السياسة من الرجال الذين رمتهم الظروف عالة على كتب تاريخنا..