يوليسيس جيمس جويس، حينما قرأتها أميركا لأول مرّة!

يوليسيس جيمس جويس، حينما قرأتها أميركا لأول مرّة!

كتابة / ماري جو ميرفي
ترجمة / أحمد فاضل
مع كل الاحتفالات التي تُقام على شرف إحياء ذكرى ولادة جيمس جويس سنوياً، هل نحتاج أن نعيد قراءة روايته العظيمة Ulysses"عوليس"أو"يوليسيس"مرة أخرى وقد ذكرتنا تلك الاحتفالات بمساحات واسعة منها، إنها تجربة جديدة دون الحاجة لقراءتها دائماً، تلك المواسم تعيد لنا ذكرى ظهورها الأول عام 1918 في أميركا

وكان مجرد الحصول على نسخة من صحيفة The Little Review الأميركية التي باشرت بنشرها على شكل حلقات متسلسلة كانت تصل مشتركيها عن طريق الخدمة البريدية هناك، يعني حرقها بسبب ما ادعته المحكمة الخاصة التي حاكمت الصحيفة بارتكابها فعلاً فاضحاً بعد أن نشرت حلقة منها تتحدث عن الاستمناء، وكان مؤلفها الأيرلندي جويس، قد أصبح بطلاً بنظر الأميركيين منذ بداية إطلاعهم عليها وعلى ما كتبه عنها واحداً من أكبر النقاد الأميركان آنذاك جوزيف كولينز الذي استعرض يوليسيس في صحيفة"نيويورك تايمز"يوم 28 مايو / أيار 1922 عندما نشرت لأول مرّة في كتاب على الرغم من حظرها في الولايات المتحدة حتى 1933 ومما قاله كولينز فيها:
“بديهياً هناك عدد قليل من القرّاء من امتلك رؤى حسّاسة قد فهم واستوعب يوليسيس، لأن حجم جيمس جويس كروائي كبير يطل لأول مرّة على القارئ الأميركي دون المرور عبر دورة تدريب أو تعليم لمنجزه يعني فقدان الكثير مما سيقع بأيدينا منه وسيشعر حتماً ببعض الحيرة والشعور بالاشمئزاز نتيجة لذلك".
لم يكن ذلك لائحة اتهام من الدكتور كولينز لمجرد الاعتراف بأن الكتاب كان صعباً قراءته فقد كان قاطعاً برأيه عندما عاد ليقول: الرواية هي أهم مساهمة يتم إحرازها في الأدب الروائي في القرن العشرين"، أما"الاشمئزاز"فقد يكون العديد من القرّاء قد شعروا به وهم يطالعون أجزاءها العديدة، وقد فاجأتهم بكلمات وعبارات لم يكن يتوقعونها إضافة لامتلاكها جرأة كبيرة في تناولها لأحداثها، هذا إذا ما علمنا أن الكثير من القرّاء منهم من هو مثقف أو جاهل، متحضر أو همجي، مؤمن أو وثني وافقوا أم لم يوافقوا باستخدامها لأنهم اعتبروها في الأساس مبتذلة وفاسدة مع أن جويس ردّ على ذلك بقوله:"تجربتي الحياتية أتاحت لي التعبير عن نفسي كما أنا"، الدكتور كولينز، أعجب بشمولية هذا القول لأن جويس هو في حالة تأهب دائماً، سريع البديهة وحريص على ما يقوله، الرجل جعل من كتاباته هذه مادة لتدوين كل ما يجول بفكره من أفكار هي مخاض تجربة عظيمة لا تخلو حتى من الاكتئاب الذي اشتهر بالشعور به أو باليأس أو الأمل، جائعاً كان أم شبعاً، وكذلك لإخماد جذوة الحرائق النفسية التي يعانيها البشر أو ما شهد أو سمع به الآخرون من مآسي الحياة كما يقول، وليس من المستبعد أن كل فكر جويس زادته الخبرة التي التقى فيها عبر حياته أنماطاً شتى من البشر وضعها بكل صراحة في"يوليسيس"، وبعد ذلك كان لجويس مزيداً من الملحوظات قال عنها:"إنه واجه الكثير من الكتّاب الذين قالوا إن جويس مجنون عند كتابته لهذه الرواية، مع أن الجنون لا يمكن أن يصنع تدفقاً بمثل هذه الأفكار دوّنها قلمي بعيداً عن العشوائية وكانت هادفة تماماً كما بدت وتراءت لي".
الدكتور كولينز قال أيضاً إضافة لما قاله سابقاً:"لم أكن أحاول أن أطعن في عقلية السيد جويس واسمحوا لي أن أقول إنه أحد العباقرة القلائل الذين تعرفت عليهم، فقد ساعدني أكثر في تعلم علم النفس والطب النفسي مع أني كنت أمارسه فعلاً أكثر من عشر سنوات في معهد العصبية، هناك زوايا أخرى احتوتها الرواية يمكن أن يُنظر لها بطريقة جيدة، لكنها ليست كثيرة وهذا ما جعلها تحوز كل هذا اللغط بيننا".
عن / نيويورك تايمز