حوار/ ليث محمد رضا
مازال الحديث عن الطاقة الكهربائية يمثل الهاجس الابرز للمواطن والمسؤول على حد سواء في ظل شحة الانتاج والمشاكل التي تعتري قطاع الكهرباء . ( المدى الاقتصادي ) بضوء متابعتها لمراحل الانتاج والتوزيع ومايتداخل معهما من جهد حكومي لرفع الانتاج والتصدي لهذه الازمة التي شكلت أهم مطالبات المواطنين في ظل التردي الكبير الذي تشهده الخدمات ، حاورت وكيل وزارة الكهرباء لشؤون التوزيع عامر الدوري عبر الحوار التاالي :
يؤكد الخبراء إن احد أسباب نقص الطاقة الكهربائية يتعلق بمنظومات الشبكات ، ما مدى صحة ذلك؟
- واقع الحال مخالف لهذا الأمر ومن خلال لغة الأرقام التي لا تقبل الاجتهادات فالطاقة الكهربائية الموجودة الان في البلد سواء المولدة محلياً او المستوردة تصل الى حدود الـ 7 الاف ميكا واط بينما الطاقة المطلوبة لاحتياج البلد صناعياً وزراعياً واستهلاكياً 15 الف ميكا واط فهذا الفرق الشاسع لاعلاقة له بشبكات النقل والتوزيع رغم ان هذه الشبكات تعاني جملة من الاشكاليات لكنها ليست العامل الحاسم في وضع الطاقة الكهربائية، فخلال الثلاثين سنة الماضية لم تشهد شبكات التوزيع أي عملية تطوير وشبكات النقل هي الاخرى تعاني جملة من المشاكل وتحتاج لسنوات لكي نصل الى المرحلة التي تعمل بها الشبكات بصورة مثالية، ففي كل شبكات العالم توجد نسبة من الطاقة الضائعة بسبب الطبيعة الفنية للشبكات ، فهي قديمة الامر الذي قد يجعل النسب فيها تتجاوز النسب العالمية ، ومع هذا فأن نسبة الهدر الكبيرة تكون في تجاوزات ضمن وضع البلد خلال السنوات الاخيرة من التجاوزات العشوائية على الشبكة والتي تسبب خسائر كبيرة لانها غير محسوبة وليس عليها من مقاييس وبإمكان أية مجموعة بشرية تسكن في منطقة معينة وتفرض على الدولة إيصال الطاقة رغم انها خارج التصميم الاساس ولا تستخدم مقاييس معينة .
في ظل البون الشاسع بين الطاقة المتاحة والحاجة الفعلية، بتقديركم ما طبيعة المشاريع التي تسد هذه الهوة وهل هنالك من خطة لحل الأزمة ؟
- يفترض ان تبدأ المشاريع الانتاجية خلال سنتين وهناك عقود لعشرة الاف ميكا واط تم توقيع معظمها لكنها تحتاج الى نحو 24 شهرا لكي يبدأ المواطن بتلمس ثمارها، والان نحن جادون في العمل ولدينا الان مفاوضات مع شركات كورية لتزويد العراق بمولدات الديزل رغم كونها فكرة غير اقتصادية لكن الضرورة تقتضي ذلك بخانق ضيق ومع اقتراب الصيف وهو حل مرحلي وسريع وفي حال تم توقيع العقود سيتم توفير خمسة الاف ميكا واط ، وعندها سيشعر المواطن بتغيير في الطاقة المنتجة .
كيف تتصدى الوزارة إلى حالات الفساد المالي والإداري التي تضرب أطنابها في قطاع الكهرباء؟
- الحديث عن الفساد كثير لكن نحتاج الى وقائع واثباتات ملموسة للتحرك، والفساد موجود بنسب معينة، وفي ما يتعلق في قطاع الكهرباء فهو يتمثل بأيصال البلد الى خانق ضيق اضافة الى سوء التخطيط والادارة الذي يدخل ضمن الفساد دون أي شك، لكن في ما يتعلق بالفساد المالي فلا استطيع الحديث به لانه امر غير ملموس بالنسبة لي.
تعاني كثير من محطات التوليد تقادما وتهالكا، ما خطة الوزارة لتحديث هذه المحطات التي اصبح بعضها خارج الخدمة(بحسب الخبراء)؟
- كل محطات التوليد والكبيرة تحديداً بأعتبارها القاعدة الاساسية في المنظومة تعمل بمعدل 50% قصوى بحكم التقادم وهذا أمر طبيعي وفي ما يتعلق بالصيانة فالوزارة تمتلك خطة بهذا الخصوص، ورغم كوني غير مسؤول عن محطات التوليد وبرامج صيانتها لان الوزارة تضم عددا من القطاعات المنفصلة فنياً وحجم العمل لا يسمح لنا ان نتداخل لكن بحكم موقعي في الوزارة اطلع على المشاريع من دون التفاصيل الدقيقة ، فبعض المحطات تكون صيانتها مكلفة اكثر من انشاء مشروع جديد لكن الوزارة لا تلغي هذه المحطة وتحاول ادامتها بالقدر الميسور بسبب شحة الطاقة فلا تستطيع الوزارة إطفاء المحطة لفترات طويلة بل تقوم بأطفاء اجزاء من المحطة لشهر او شهرين لإعادة تأهيلها .
تتحدث الحكومة والوزارة في كثير من الأحيان عن ما يسمى بمنظومة الربط الإقليمي مع دول الجوار، فلماذا لم تنعكس هذه الاتفاقات على مشهد الطاقة الكهربائية ؟
- من قبل عام 2003 والخبراء يخططون لمشاريع ربط إقليمية فهناك مشروع ربط ثماني يبدأ من ليبيا ويمتد الى تركيا لكنه مشروع غير مفعل لغاية الان لأسباب فنية وحتى سياسية، وبخصوص الربط مع ايران فكان ربط ناجح جداً يوفر اكثر من 600 ميكاواط من الطاقة الكهربائية وفي هذا العام تم الاتفاق مع الجهات الايرانية لزيادة الطاقة التوليدية وهنالك ربط من تركيا أيضاً لتجهيز محافظة دهوك وربما ستصل الى ابعد من دهوك في الموصل ولدينا خط ربط قديم مع سوريا تم إطفاؤه بسبب الكلف العالية والمواطن قد لا يتحسس هذه الاعمال كالعاملين في مراكزالسيطرة وادارة وزارة الكهرباء والان لدينا مشروع جديد للربط مع سوريا سيجد ثماره، اما الكويت والسعودية فلم نستطع الربط معهم لأسباب فنية بحتة، والمنظومة العراقية اذا لم ترتق المنظومات العالمية لن نتمكن الربط بشكل متزامن، فربطنا الان مع تركيا وايران هو لمناطق مفصولة فمحافظة ديالى مثلاً تفصل بشكل كامل وهي مرتبطة مع إيران وهذا الربط مجدي مرحلياً لأنه استيرادي، لكن عندما ترتقي شبكتنا من الناحية الفنية نستطيع ان نرتبط بشكل متزامن مع دول اخرى وبالتالي قد نستورد ونصدر في الوقت ذاته.
شبكة توزيع الكهرباء بحاجة إلى إعادة تنظيم في ظل طغيان مشهد المولدات الأهلية، بتقديركم ما السبيل الأمثل والأنجع إلى شبكة كهرباء مثلى صديقة للبيئة وبعيدة عن المنظر الموجود في الشوارع؟
- الشبكة الوطنية هي شبكة الضغط الفائق والعالي وهي شبكة جيدة ومتزامنة لكل العراق وممتازة في مواصفاتها الفنية ولا تحتاج لأكثر من عملية توسيع، لكن ما تقصده يتعلق بشبكات التوزيع فهي شبكات متهالكة ولم تشهد عملية تحديث منذ الثمانينيات لأسباب تتعلق بالعقوبات الاقتصادية وظروف البلد بعد 2003 وهي الان بحاجة الى مبالغ عالية جداً ، وكرقم تقريبي تحتاج الى 15 مليار دولار حتى تكون بمستوى الدول المجاورة وهذه مبالغ غير متيسرة، وكل تخصيصات هذه الشبكات في كل العراق من الشمال الى الجنوب لم تتجاوز 300 مليون دولار وهو مبلغ قليل نسبة الى 15 مليارا المطلوب لمحطات وآليات واسلاك والان لا نستطيع الا ان نحافظ على ادامتها فالموضوع ليس فنياً ولكنه مالي والان قدمنا طلبا لقرض ب500 مليون دولار واذا ما نجحنا في الحصول على هذا القرض سنتمكن من تحسين الاداء في قطاع التوزيع وليس الانتاج، والوزارة ابتدأت مشروعا للاستثمار في محطات التوليد.
من اللافت للنظر إن الفترة القليلة الماضية شهدت ارتفاعاً نسبياً في تعرفة الوحدات الكهربائية في ظل الانقطاع شبه التام للكهرباء الوطنية، ألا ترى مفارقة في ضوء المطالبات الشعبية الاخيرة؟
- المستثمر لا يعمل من اجل اهداف اجتماعية بل يعمل من اجل الربح والجدوى الاقتصادية والجدوى لا تتحقق الا من خلال اجور استهلاك الكهرباء المتدنية جداً حتى مع التسعيرة الجديدة التي لم تطبق الا لعدة أشهر فأستجابة المواطنين محدودة جداً ولا نحصل الا على عشرة بالمئة من عائدات الكهرباء، والارتفاع كان نسبيا فكلفة الوحدة الكهربائية "كيلواط" على وزارة الكهرباء هي 120 دينارا بينما تباع للمواطن بعشرة دنانير فالدولة تدعم كلفة الوحدة الكهربائية بأكثر من 90%، وقد قررت اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء السنة الماضية رفع التسعيرة فلا يعقل ان تتحول الدولة الى دعم قطاع الكهرباء بهذه النسبة الامر الذي يرهق الميزانية، فتحول سعر الوحدة من عشرة دنانير الى عشرين دينار كمرحلة أولى وفي الحد الاعلى تكون 135 دينارا لمن يتجاوز الخمسة الاف وحدة، وعمل الكهرباء ينبغي ان يكون انتاجيا فكلفة الكهرباء الاكثر من 120 دينارا على الدولة ينبغي ان تباع بأكثر لتوفير الربح، والجدير بالذكر ان قرار رفع اجور الكهرباء صدر عن لجنة في مجلس الوزراء، وانا اؤيد رفع التسعيرة لتغطي كامل التكلفة لكن بشرط ان نغطي حاجة المواطن 100%.
وماذا عن التجاوزات على الشبكة وخطوط الطوارئ الخاصة بكبار المسؤولين؟
- لايوجد خط في العراق مخصص لأي مسؤول وقد يحصل تجاوز دون علمنا لكنه ليس رسمياً، بأستثناء خطوط الطوارئ للخدمات الحيوية التي تتعلق بالمستشفيات الحكومية واسالة المياه ومضخات الصرف الصحي اضافة الى الحالات الانسانية التي تتمثل بأماكن الاحتجاز، وفي ما عدا ذلك ليس من استثناء وانا اتكلم بمسؤولية تامة منذ العام الماضي الغينا استثناء مكتب رئيس مجلس الوزراء.
تعد الطاقة الركيزة الاساسية لأية تنمية صناعية زراعية فما هو اسهامكم في هذا الاطار؟
- نحن مسؤولون عن توفير الطاقة الكهربائية لكل مرافق الدولة لكن الظروف جعلتنا في الخانق الذي نحن به لكننا لم ننس موضوع الزراعة لذلك اوعزنا لمديريات التوزيع بكاملها ان تضع برامج كل حسب بيئته الزراعية لتوفير دفعات مائية تغطي مساحة الاراضي الزراعية ضمن الامكانيات، اما بخصوص الصناعة ولاننا لانستطيع ان نوفر الكهرباء لكل المشاريع الصناعية فطلبنا من وزارة الصناعة تحديد المشاريع الظرورية لحياة المواطن وبالفعل تم تحديدها والان يتم تجهيزها فالوزارة لا تغطي كل المشاريع الصناعية ولكن تغطي الحد الادنى المهم من هذه المشاريع.
وتم توجيه دعوات للشركات لتنفيذ مشاريع بطريقة الدفع الاجل والان نحن بأنتظار الاجوبة وبالنسبة لتشكي المواطنين من المحولات، الان وجهنا دعوة لعشرة الاف محولة من شركات عالمية اضافة الى شركة الصناعات الكهربائية في ديالى لتجهيزنا بخمسة الاف محولة ولو كانت شركة ديالى تنتج عشرة الاف لتعاقدنا معها لكننا تعاقدنا على كل انتاجها السنوي وفي هذه السنة سنبذل اقصى جهدنا لتوفير المعدات والمواد الاولية لتحسين الشبكات.