بغداديــــــــــات: ‏ما أذكره عن مقاهي بغداد القديمة

بغداديــــــــــات: ‏ما أذكره عن مقاهي بغداد القديمة

عزيز جاسم الحجية
تنتشر في العراق المقاهي الشعبية التي تركت لها أسماً وأثراً في الحياة العامة. وقد يتذكر الكثير من العراقيين بعض هذه المقاهي وأثرها في المجتمع العراقي، كما أن معظم العراقيين ان لم يكن جميعهم قد اتخذوا من المقهى مكاناً لقضاء أوقاتهم، أو للسمر فيه، أو اللعب، أو لقاء صديق فالمقهى جزء من الحياة اليومية. أثرت المقاهي، والشاي أيضاً في الشعر العراقي بشقيه العامي والفصيح. في بعض ما ذكره الشاعر الفيلسوف عبود الكرخي دليل على هذا التأثر:

كون أنكلب فنجان بيدْ الكَهْوجي
وأوصل لحكك هواي أنتحب وأبجي
أو قول الرصافي بعد موجة من تحويل بعض المقاهي الى ملاهٍ عام 1909:
أرى بغداد تسبح بالملاهي وتعبث بالأوامر والنواهي
أو ما نسمعه من أغان فولكلورية تمتد لمئات السنين تتغنى بالشاي وتتغزل بالحبيب الذي يعد الشاي، ولعل أشهر هذه الاغاني:
خدري الجاي خدري عيوني لمن أخدره
مالج يا بعد الروح دومج مِجْدَره
أما أول مقهى فتح في بغداد كما يذكر الشاعر معروف الرصافي في مذكراته التي نشر بعضها وفقد بعضها الآخر فتم افتتاحه عام 1590م اسمه"خان جغان"في زمن الوالي العثماني"جغالة زادة سنان باشا"ايطالي الأصل وعينه السلطان"مراد الثالث"وحكم بغداد من 1586م وحتى 1590م. وقبل أن نذكر اسماء هذه المقاهي الشهيرة ومواقعها وأسماء روّادها لا بد أن نذكر الأدوار التي لعبتها هذه المقاهي في الحياة الاجتماعية والسياسية في العراق، حتى اخضعتها السلطات المتتالية على حكم العراق للمراقبة الأمنية أما اشهر المقاهي وأهمها فهي:
مقهى فاضل في الصالحية.مقهى علي النهر في الفضل. مقهى الجمالي في باب الشيخ.مقهى ياسين في شارع أبونواس. مقهى المواصلة في شارع الرشيد.مقهى أبوصفو في شارع السموأل.مقهى سيد بكر قرب وزارة الدفاع.مقهى وهب في الميدان.مقهى القراءة خانة في باب المعظم.مقهى العبد في الباب الشرقي. مقهى التبانة في محلة الفضل.مقهى السوامرة في الكرخ.مقهى النقيب في محلة قنبر علي.مقهى بيت هيش في الكرخ.
مقهى حتروش في المشاهدة. مقهى ماجستيك في الميدان. مقهى عارف آغا في الحيدرخانة.مقهى سبع في الميدان.مقهى عزاوي في باب المعظم. مقهى البلابل في محلة البارودية.مقهى ملاحمادي في محلة المربعة.
مقهى البهرزاوي. مقهى الخفافين سوق الساعجية.مقهى الوقف مقابل وزارة الدفاع. مقهى العكامة جسر الشهداء الكرخ. مقاهي عكيل تقع قرب جامع عطا بالكرخ وهي ثلاثة مقاهٍ (مقهى حمادي) (مقهى رشيد النجفي) و(مقهى ياسين). مقهى الشابندر شارع المتنبي.مقهى المميز جسر الشهداء الرصافة. مقهى أبو القاسم في الكرخ.مقهى حضيري ابوعزيز الكرخ.مقهى ابراهيم عرب شارع الرشيد. مقهى البرلمان شارع الرشيد.مقهى فتاح شارع الرشيد. مقهى القيانجي شارع الرشيد.مقهى السويسرية شارع الرشيد.مقهى حسن عجمي. مقهى عبود بالمستنصرية.مقهى ابو رزوفي الكرخ.مقهى ناصر حكيم الكرخ.مقهى البلدية شارع الرشيد.مقهى خليل القيسي شارع الرشيد. مقهى أم كلثوم شارع الرشيد. مقهى اكسبريس فلسطين شارع الرشيد. البرازيلية شارع الرشيد.مقهى الزهاوي. مقهى النعمان في الاعظمية.
هذا عدد من مقاهي بغداد التي عرفت خلال اكثر من قرن من الزمن، وشكلت خريطة مكتملة لمعظم أرجاء بغداد القديمة، التي امتدت اتساعاً في الخمسينات والستينات، وبلا شك فإن عدداً من هذه المقاهي قد اعدمت بعد أن اتسعت بغداد. ما افقد العراقيين بعض التراث المهم لأن هذه المقاهي كانت مراكز لشعراء وأدباء وتجار واعلام بغداد، وفيها من الذكريات والاحداث ما يؤرخ له في الحياة العامة وهي شواهد لأحداث اكثر من قرن مرت على العراق. كما أرجو أن أكون قدمت رصداً من دون ان انسى بعض هذه المقاهي. ولعلي أقول لا بد وقد غاب عن ذهني بعضها خاصة وأنني اشعر أن بعض الثقوب قد ابتليت بها ذاكرة لم تزر الوطن خلال ربع قرن، إلاّ من خلال حلم ظل يعانقني طيلة الربع قرن التي انسلخت من عمري. إن بعض الأعلام من الشعراء والأدباء والمفكرين والعلماء والتجار والشخصيات الاعتبارية الاخرى ارتبط بواحد من هذه المقاهي، بل إن كرسياً معيناً في المقهى يظل شاغراً الى أن يجلس عليه صاحبه من هؤلاء الأعلام.
مقهى ابن صفو: يقع في شريعة المصبغة بجانب الرصانة، وهذا المقهى من أقدم مقاهي بغداد، ومن اسماء هذا المقهى"مقهى الشط"أو"مقهى التجار"كان صاحبها حسن صفو، وله أخ اسمه احمد صفو من اشهر قرّاء المقام العراقي وكان يغني في المقهى، في عام 1909 تحول المقهى الى ملهى ليلي غنّت فيه"طيرة المصرية"، وطيرة جاءت من مصر قبل الحرب العالمية الأولى، وغنت اشهر الأغاني العراقية"عبودي جا من النجف شايل مكنزية".
مقهى عارف آغا: يقع في الحيدر خانة، بجانب المسجد المسمى بالاسم نفسه كان يلتقي في هذا المقهى كبار التجار وكبار الساسة والوجهاء والنواب والأعيان. وقد اتخذه معروف الرصافي مجلساً له يحيط به محبوه ومريدوه، وارتاده من الساسة ياسين الهاشمي، وحكمت سليمان. تحول المقهى بمرور الزمن الى دكاكين عامة.
مقهى سيد بكر: يقع بجوار وزارة الدفاع بين الميدان وباب المعظم، وقد اشتهر هذا المقهى بسباقات"الديكة"وكذلك"نطاح الكباش".
* مقهى كلوزير: ذكره الرصافي في مذكراته، ملتقى الطبقة البرجوازية في بغداد، يقع بجانب باب وزارة الدفاع وبالقرب من معمل أحذية الكاهجي، هدم عام 1915 بعد توسعات شارع الرشيد.
مقهى سبع: صاحبه سبع أشهر قهوجي في بغداد، يقع المقهى في الميدان. وكان يستقدم عدداً من المغنيات ومنهن"رحلو الملعية جرادة"و"شفيقة الحلبية"وقد ذكرها الشاعر ملا عبود الكرخي في قصائده الظريفة:
هذي"رحلو"رحلة الصيف وشتاء
ما اظن يوجد مثلها بالنساء
ب"كهوة سبع"انظر الى الحورية
شفيقة بالأصل يمكن"حلبية"
ومما يذكر عن هذا المقهى أن الشاعر ابراهيم الباججي أطلق النار على فتى سوري"حلبي"جميل، ومات الحلبي في مستشفى الغرباء بالكرخ. وقد رثاه الشاعر عبود الكرخي مثلما رثاه معروف الرصافي عام،1907 ولأن هذه القصائد تؤرخ مقتله وهي جميلة تعبر عن روح أهل بغداد، فإنني اذكرها هنا مع الإشارة الى ديواني الرصافي والكرخي.
يقول معروف الرصافي:
فأطلق من مسدسه رصاصاً
به في الرمي تنحرف الجسوم
فخر الى الجبين به"نعيم"
كما انفضت من الشهب الرجوم
سأبكيه ولم أعبأ بلاح
وأندبه وإن سخط العموم
ولما أن ثوى ناديت أرخ
ثوى قتلاً بلا مهل"نعيم"
اما الملا عبود الكرخي فيقول في قصيدة رثائه:
يا دكة الما تنحجي
سواها ابن الباججي
خلو عليه التوبجي
وتضحك عليه الصبيان
اللطم لنعيم وجب
والدمع عالخد انسجب
كظه ويانه بس رجب
وصارت كتلته بشعبان
مقهى عزاوي: وهو من أشهر مقاهي بغداد، وكان يعرض مسرحيات خيال الظل"عيواظ وكركوز"، كما مثل في هذا المقهى أشهر الكوميديان القطري"جعفر آغا لقلق زادة"وكذلك مثلت فيه الفنانة عفيفة أسكندر، وهو يقع في باب المعظم قرب جامع الاحمدي، وقد غنى فيه أيضاً اشهر مطربي ذلك العصر أمثال نجم الشيخلي، واحمد زيدان، وقد ورد اسم المقهى في اشهر أغنية فولكلورية"فراكهم بجاني"والتي هي أيضاً"يا لكهوتك عزاوي بيها المدلل زعلان".
مقهى البلابل: للبلبل أثر في حياة البيوت العراقية، ويندر أن تجد بيتاً عراقياً من دون اقفاص البلابل"أنا العبد الفقير لم اترك هذه العادة، واستوردت البلابل من البصرة لتعيش معي في البيت، واستيقظ فجراً كل يوم على غنائها، والبلابل تفهم، وتتحاور لمن يعرف لغتها المهم أن هذا المقهى مخصص لمحبي البلابل في بغداد، يقع في محلة البارودية، ويحتفظ اصحاب البلابل بالأنسال من البلابل.
مقهى التبانة: يقع في محلة الفضل بجانب الرصافة، كان يمثل فيه الممثل الكوميدي (ابن الحجامة) ويتبارى في النهار"الخرفان"وقد ذكر العديد من الشعراء الشعبيين في قصائدهم وهو من أقدم مقاهي بغداد.
مقهى الشابندر: يقع في شارع المتنبي، كانت مكاتب جريدتي"الكرخ"، و"حبزبوز"تقع في الطابق العلوي منه، وقد غنى في هذا المقهى بشكل مستمر قارئ المقام المعروف"رشيد القندرجي".
مقهى العكامة: والعكامة مصطلح بالعامية العراقية يشير الى الذين يهتمون بقوافل الجمال، وكان من روّاده العلامة محمد بهجت الاثري وكذلك الشاعر ملا عبود الكرخي، وقد هدم المقهى وأنشئ مكانه الجسر الحديدي.
مقهى حضيري أبو عزيز: يقع في منطقة الصالحية، صاحبه الفنان الخالد حضيري أبوعزيز أشهر فنان في مجال الأغنية الشعبية العراقية، وهو صاحب الأغنية الخالدة:
عمي يا بياع الورد كلي الورد بيش
عن كتاب (بغداديات)