فقيد الآثار والحضارة  الأستاذ فؤاد سفر

فقيد الآثار والحضارة الأستاذ فؤاد سفر

د. حميد محمد حسن الدراجي
ولد الأستاذ فؤاد سليمان سفر في الموصل عام 1913 وأنهى دراسته الابتدائية في مدرسة مارتوما الابتدائية سنة 1928 والثانوية في المدرسة الثانوية بالموصل عام 193 1، وبعدها واصل دراسته لسنة واحدة (1931ـ 1932) ونال شهادة متروكلشن بكلية صفد ثم سافر الى بيروت ودرس في الجامعة الأميركية مادة التاريخ والآثار لسنة دراسية واحدة (1932ـ1933)

متهيئاً للالتحاق بالبعثة الدراسية التي منحته إياه وزارة التربية (المعارف) العراقية الى أميركا، فواصل دراسته هناك في المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو للفترة من (1934ـ1938) وحصل على شهادة في البكالوريوس والماجستير في علوم الآثار، ثم عاد الى الوطن فعيّن في مديرية الآثار القديمة العامة بتاريخ 8/11/1938 ومنذ ذلك التاريخ وحتى لحظة وفاته واكب الأعمال الآثارية واستطاع أن يبني مدرسته الآثارية المميزة لبنة لبنة بكل عناء وجهد.
وفي آذار عام 1939، دُعي الى الخدمة العسكرية كضابط احتياط ثم عاد الى دائرته بعد أن أنهى الخدمة العسكرية الى دائرته ليواصل العمل منقباً آثارياً ناجحاً شارك أولاً مع بعثات اجنبية آثارية ممثلاً لدائرته، ثم قاد حملات تنقيبية في العديد من مواطن الآثار والحضارة ساهم في الكشف عن أدوار مهمة من آفاق التراث الثقافي والحضاري لقطرنا منها دور ثقافة حسونة، وثقافة أريدو. ومن بين المواقع الأثرية التي عمل فيها منقباً، مدينة واسط، حيث قاد تنقيبات الموسم السادس في هذه المدينة التي يرجع تأسيسها الى القرن الأول للهجرة واستمرت حاضرة عربية اسلامية حتى القرنين الثامن والتاسع للهجرة. وفي موقع تل حسونة 35 كم جنوبي الموصل، أدت التنقيبات التي قادها الفقيد 1943ـ 1944، الى اكتشاف مرحلة مهمة من مراحل التراث الثقافي العراقي والمتمثلة ببدايات حياة الاستيطان والزراعة وتأسيس القرى الزراعية الأولى التي يرقى زمنها الى (5600ـ 5100 ق.م) ونقّب أستاذنا في تل العقير على بعد 50 ميلاً جنوبي بغداد فأدت تنقيباته في هذا الموقع (1940 ـ 1942)، الى الكشف عن قرية نموذجية من قرى دور العبيد، كما تم الكشف عن نماذج عما استظهر من مباني هذه الحاضرة العربية ووضع لها العديد من الدراسات.
كان المرحوم قد انتدب الى دار المعلمين العالية عام 1941 لإلقاء محاضرات في التاريخ القديم إضافة الى اعماله في مديرية الآثار وكان من المساهمين الأوائل في تأسيس قسم الآثار في كلية الآداب والعلوم 1951ـ 1952 وواكب التدريس في هذا القسم الى أواخر حياته. وفي عام 1956 أسندت إليه مهام مفتشية التنقيبات الآثارية، فأشرف على جميع اعمال التنقيب والصيانة التي جرت في العراق حتى وفاته. وفي عام 1958 عيّن مديراً عاماً للاثار وفي أواخر ذلك العام أسند إليه ثانيةً، منصب مفتش التنقيبات العام الى أن وافاه الأجل المحتوم. كان المرحوم عضواً في العديد من اللجان الوطنية والدولية الآثارية، دُعي المرحوم لإلقاء العديد من المحاضرات في الجامعات والمعاهد الآثارية المتخصصة في العالم، وكان استاذاً في جامعة بغداد أشرف على العديد من الرسائل الجامعية للماجستير في الآثار والحضارات القديمة والحضارة العربية الإسلامية.