أحمد مطلوب آخر العمالقة

أحمد مطلوب آخر العمالقة

عبد الإله الصائغ
كبير العلماء وآخر العمالقة المحروس أحمد مطلوب التكريتي، مرة ناداه زميلٌ لي، دكتور أحمد مطلوب، فزعلت عليه وقلت لا أحد يضع اسم دكتور أمام طه حسين ولا العلامة قبالة انشتاين هو أحمد مطلوب هو مدرسة في الأخلاق مدرسة في الوطنية مدرسة في التواضع! قبل شهور أجريت عملية لعيوني على يد كبير أطباء العيون واعترف لي الطبيب بجرأة نادرة،

أن العملية فشلت وأن خطراً وشيكاً يهدّد جمجمتي ومحتوياتها ولولا صراحة هذا الدكتور معي لشكوته وجعلته يدفع تعويضات كبيرة من حسابه البنكي وفاتورة اضرار من سمعته فهو يدرس طلبة الدراسات العليا فسلجة العين بواحدة من الجامعات الأميركية، وبما أنني أستاذ متمرس ودرست في جامعات أميركية، فهذا يعني طرد الطبيب من الجامعة وبما أنني إعلامي، فهذا يعني أن الطبيب سيخسر مرضاه، ولكنني صليت ركعتي شكر حين رمّم العلامة غالب حاتم وهو أستاذ الطبيب الفاشل، رمّم عيوني وأنقذني قبل فوات الوقت!
كل شيء كنت اتوقعه مثل حركة من اتحاد الأدباء العراقيين أو وزارة الثقافة أو أو أو… إلخ! لكنني لم اتوقع أن أحمد مطلوب رئيس المجمع العلمي العراقي منذ زمن صدام حسين وحتى زمن علاوي والجعفري والمالكي والعبادي، فلا أحد جدير بهذا المنصب سوى أبي أثير، وأحمد مطلوب وزير أسبق خرج من الوزارة بقميص أبيض! وأحمد مطلوب مؤسس مجلة"الأقلام"مثلاً.. وأحمد مطلوب وزوجته المحروسة أم الأساتذة خديجة الحديثي (التي امضت طفولتها وصباها في البصرة) جعلا بيتهما العامر خيمة لكل طالب مظلوم..
رن التلفون برقم عراقي فسمعت صوتاً مهذباً جداً (هو دكتور مهذب وبتنا أصدقاء ونسيت اسمه فهل يغفرها لي) يقول لي أنت عبد الإله الصائغ، قلت نعم قال، تفضل وكلّم أستاذي رئيس المجمع العلمي العراقي، وسمعت صوت أحمد مطلوب وهو يبكي – نعم كان يبكي – وقال لي عبد الإله، ماذا فعلتَ بنا وبنفسك عد الى العراق نحن نرعاك، أنا وأم اثير إذا لم تجد من يرعاك! وقلت له اطمئن سيدي أنا عنيت العائلة ولم أعن الأصدقاء، سيدي أبا أثير أنا بخير صدقني فهدأ.. ثم قال لي، أم أثير زعلانة من أجلك وزعلانة عليك وتريد أن تكلمك بنفسها وتطمئن عليك.. ثم كلمتني وتفطر قلبي وأنا أنعم بحنانها! قالت كلما تثمر نخلات البيت نتذكرك (سئلت خديجة الحديثي من قبل أحد الصحفيين عن عشرة أفضل طلبة درستهم خلال أربعين سنة، فذكرت عبد الإله الصائغ ثم مالك المطلبي وجليل رشيد فالح...) وقالت"شوف عبد الإله، أنا أعرف نفسيتك سوف أرسل لك صورتي الشخصية وعليها إهداء لك بخط يدي مع أن عيوني وكفي …»، (كل ذلك منشور على صفحتي للتواصل الاجتماعي) وتساءلتُ ماذا لو وهب الله العراق بشراً كمثل هؤلاء! لماذا تتضاءل القمم وتتكاثر الغنم؟؟ حضرة الصديق القديم الدكتور عبد الكريم راضي جعفر مبروك لك الشهادة بل مبروكة للدكتوراه بك وبأمثالك.. تعرضتُ مرحلة الدكتوراه الى مؤامرات (قوامها طالب لم يقبل في الدكتوراه وبتشجيع من مدرسين) مؤامرات كرّست حرماني من الحصول على الدكتوراه ووصل الأمر الى الرئيس الأسبق صدام حسين، فكتب الرئيس الى أحمد مطلوب وفيه لوم خفيف!! وكان أحمد مطلوب عميد كلية الآداب، فأجاب صدام حسين، بما معناه أنني مسؤول وحدي عن قبول الصائغ، وأنا أراهن عليه، فأغلق الموضوع ومناقشتي كانت أول مناقشة يحضرها مندوب عن القصر!! وتشكّلت لجنة مناقشة برئاسة أحمد مطلوب لوأد المؤامرة، وكان الراحل الكبير عناد غزوان مشرفاً على أطروحتي، أما بقية اعضاء اللجنة، فليغفر الله لهم، فليس في قلبي متسع للكراهية عليهم أو على غيرهم، وأعلنت نتيجة المناقشة وكانت والدتي الزرقاء أبو أصيبع جالسة في المقدمة وقررت لجنة المناقشة منح عبد الإله الصائغ درجة الدكتوراه بتقدير امتياز وطبع الأطروحة على نفقة جامعة بغداد، ولن انسى فضل العلامة حاتم الضامن رئيس قسم اللغة العربية وقتها فقد طبع القرار ووزّعه خلال دقائق، ولن أنسى فضل أستاذي وصديقي العلامة عدنان محمد سلمان"رحمه الله".