المستشفيات الأهليّة الأولى في العراق

المستشفيات الأهليّة الأولى في العراق

د. حيدر حميد رشيد
يعود تأسيس أول مستشفى خاص لطبيب عراقي إلى العام 1936، وهو"مستشفى الصالحية"الذي أسسها الدكتور يحيى رفعت، وكان هذا المستشفى يضم أربعين سريراً، وقد زوّد بمختلف الأجهزة الحديثة يومذاك من بينها جهاز أشعة رونتكن ومختبرات للتحليل ومعدات خاصة بالتداوي بالأشعة فوق البنفسجية. والدكتور يحيى رفعت ولد في مدينة بغداد عام 1879 تخرج في كلية الطب في استابنول، وهو حائز على شهادات متعددة وعيّن في عدة وظائف منها تدريس علم التشريح في مدرسة موظفي الصحة.

ازداد أعداد المستشفيات الأهلية بعد تضافر جهود الأطباء والجمعيات الطبية والخيرية والمحسنين في إنشائها، وقد عالجت مختلف الأمراض التي عانى منها العراقيون يومذاك. فشهدت المرحلة التاريخية الممتدة بين عامي 1943 و1958 تأسيس عدد من المستشفيات الأهلية. ففي عام 1943 جرى افتتاح"مستشفى دار الرشيد"بإدارة الدكتور جاك عبودي، وهو مستشفى خاص بالأمراض العقلية، والدكتور جاك عبودي شابي من خريجي الدورة الأولى للكلية الطبية، وتخرج منها عام 1932، أوفد إلى لندن للاختصاص بالطب العصبي، وعند عودته إلى بغداد عيّن طبيباً في المستشفى الملكي ببغداد في آب 1933، عيّن في عدة وظائف منها استاذ مساعد في الكلية الطبية عام 1939 ومدير لمستشفى الأمراض العصبية والعقلية عام 1948، أسس عيادة طبية ومستشفى خاصاً، فترك خدمة الحكومة بعد عام 1950 ليتفرغ إلى إدارة مستشفاه، غادر العراق عام 1971 إلى لندن وعمل فيها طبيباً. توفي في العاصمة البريطانية في 18 تموز1980.
وفي سنة 1946 افتتح"مستشفى دار السلام"في جانب الرصافة من بغداد بإدارة الدكتور وليم وكز (William Wiks)، وافتتح الدكتور محمد صالح مستشفاه في عام 1949 بجانب الكرخ من بغداد في منطقة الصالحية.
وأنشأ الدكتور كمال السامرائي مستشفى خاصاً بالأمراض النسائية والتوليد، وافتتحه عام 1950، وكان يقع في محلة السعدون، وعرف باسم"مستشفى السامرائي"وفي عام 1954 انتقل المستشفى إلى بنايته الجديدة في منطقة العلوية على الشارع العام (وهو اليوم شارع النضال)، وقد زودت البناية الجديدة بغرفة خاصة للأطفال، وغرفة أخرى للعيادة الخارجية والحالات الطارئة، وقد أحتوى على (25) سريراً منها عشرون سريراً للدرجة الأولى وخمسة أسرة للدرجة الثانية، وفيه صالتان إحداهما للعمليات والثانية للتوليد.
وفي العام 1950 أيضاً افتتحت"مستشفى سان روفائيل"المعروف باسم"مستشفى الراهبات"في منطقة الكرادة الشرقية (رخيتة) ببغداد بجهود الراهبات التقدمة في العراق والدكتور حنا خياط، وهو مستشفى خاص بالأمراض الباطنية والنسائية والتوليد والجراحة، وقد احتوى على (46) سريراً منها (22) للدرجة الأولى و (24) للدرجة الثانية، وفيه عدد من صالات العمليات. وفي عام 1955 جعل المستشفى مركزاً تدريبياً لمهنتي القبالة والتمريض، كما جرى في العام 1958 افتتاح مستوصف داخل المستشفى لتقديم المعالجة للمرضى المراجعين.
وفي العام 1954 أفتتح مستشفى"مسيح"في شارع الرشيد ببغداد بجوار سينما روكسي، وكان الدكتور داود مسيح مديره المسؤول، لكن هذا المستشفى لم يستمر بالعمل طويلاً، إذ سرعان ما أُغلق في عام 1955.
وشهد منتصف العام 1955 افتتاح"مستشفى الإمام"في منطقة الكرادة الشرقية (أبو قلام)، وقد أختص بالجراحة العامة، وقد احتوى على (20) سريراً منها (7) للدرجة الأولى و(8) للدرجة الثانية و (5) الدرجة الثالثة، وانيطت إدارته عند افتتاحه بالدكتور محمد علي الإمام والدكتور سلمان درويش.
وفي 6 نيسان 1956 أُفتتح"مستشفى الحيدري"، بمنطقة العلوية شارع المثنى بن حارثة الشيباني، هو مستشفى خاص بالولادة ومعالجة الأمراض النسائية والجراحة العامة، وقد بلغ عدد أسرته (20) سريراً جميعها كانت من الدرجة الأولى.
وبتاريخ 2 حزيران 1956، افتتح الدكتور عبد الحميد سليمان فيضي مستشفاه الذي عرف بـ"مستشفى فيضي"في منطقة السعدون ببغداد بالقرب من القصر الأبيض، وهو خاص بالأمراض الباطنية وجراحة القلب والصدر والجراحة العامة. وقد احتوى على (44) سريراً منها (20) سريراً للدرجة الأولى و(16)سريراً للدرجة الثانية و(8) أسرة للدرجة الثالثة، وفيه صالتان للعمليات وعيادة خارجية ومختبرات للتحليلات المرضية، وفيه شعبة للأشعة، وفي عام 1957 أنشأ الدكتور سلمان فائق مستشفى خاص بالجراحة العامة، وقد احتوى على (18) ردهة.
لم يقتصر افتتاح المستشفيات الأهلية على مدينة بغداد لوحدها، فقد شهدت بعض الألوية افتتاح عددٍ منها. ففي عام 1956 جرى افتتاح"مستشفى السعدي"في مدينة البصرة، وفي العام 1957 أُفتتح في مدينة السليمانية"مستشفى دوكان"، وقد انيطت بالدكتور وديع حبوش مسؤولية إدارته.
على العموم كان هناك (13) مستشفى أهلياً عام 1956، لكن عددها انخفض في العام الذي تلاه إلى (11) بسبب توقف"مستشفى الأرسالية الأمريكية"عن العمل في لواء العمارة، و"مستشفى زبلن"في سامراء. وقد أدت هذه المؤسسات الصحية خدماتها لأبناء البلاد خلال تلك المرحلة، وهي لم تقل شأناً عن المستشفيات الحكومية أن لم تكن أرقى منها، لكنها اختلفت عنها في أمرين أولهما يتعلق بانسيابية العمل فيها، والثانية ارتفاع أسعارها، الأمر الذي جعل مراجعتها مقتصرة على الموسورين مالياً، في حين أن المستشفيات الحكومية قد قدمت خدماتها إلى الأعم الأغلب من المجتمع وبأسعار مناسبة.

عن رسالة: الأوضاع الصحية في العراق 1945- 1958 دراسة تأريخية