زينب فنانة مناضلة غيّرت نظرة المجتمع للفنان

زينب فنانة مناضلة غيّرت نظرة المجتمع للفنان

عواطف نعيم
فخرية عبد الكريم والمعروفة باسم"زينب»، ولدت في مدينة الكوت عام 1931 وسط عائلة كبيرة يعيلها موظف حكومي، استحقت زينب بجدارة لقب فنانة الشعب بعد شوطها الطويل الحافل بالعطاء، في العراق وحتى بعد مغادرتها له، سطع نجمها بعد تأديتها لدور"فهيمة"في فيلم"سعيد أفندي"للمخرج كاميران حسني، وبعدها في مسرحية «آني أمك يا شاكر» للفنان يوسف العاني، فكانت حديث الصحافة والوسطين الثقافي والفني في أواخر السبعينيات.

قدمت أول مسرحية لفرقة المسرح الفني الحديث «آني أمك ياشاكر»، وقد دام عرضها من دون توقف شهراً كاملاً وثلاثة أيام في العرض الأول لها، وثلاثة أسابيع في العرض الثاني لها في العام التالي، وهذا الرقم يعد في حينها أطول مدة عرض لمسرحية تقدّم في العراق.
عواطف نعيم التي ضيّفتها الدار للحديث عن زينب قالت «نحن إذ نحتفي بزينب فنحن من خلالها نحتفي بقامات عراقية كبيرة مشت واثقة وقوية، وحاضرة وهنا نستعير من يوسف العاني جملته الشهيرة وهو يخاطب فهيمة في سعيد أفندي في عودته الى البيت ثملاً وهي تعاتبه فيقول «اصعدي على سلم الهوى فأنت الطبيب وأنت الدوا»، بعد عرض الفيلم كانت تلك المفردة تردّد في الشارع العراقي، واعتقد أنها اكثر الجمل التي استعملها الرجال للتغزّل بنسائهم في تلك الفترة».
زينب من عائلة عراقية متنورة كان لديها أخ ميوله أممية شيوعية، وكان فناناً وسينمائياً وهو المخرج طارق عبد الكريم، وقد تأثرت به كثيراً، فكانت مناضلة، وتكتب الشعر، والقصة، وأحياناً بأسماء مستعارة كان أحدها اسم زينب، لولا زينب وأمثالها من المؤسسات والرائدات في المسرح العراقي، ما كان لنا أن نكون، هم من جعل الآخر ينظر الى الفنان العراقي نظرة فيها احترام وتبجيل ومحبة، فالفن كان يضم نخبة من المناضلين الأقوياء، أصحاب المبادئ والثوابت، عندما كانت تعمل بمهنة التدريس لم تتوافق أفكارها مع السلطة، فتم نقلها من الكوت الى مدينة العمارة، ومن ثم الى الرمادي ومن ثم الى الشطرة، لكنها لم تيأس أو تستسلم، فلم يتحمل المسؤولون قدرتها وشجاعتها وإصرارها فتم فصلها بعد ذلك».
زينب لم تحصل على جائزة وهي داخل العراق، لكنها حصلت عليها في يوم المسرح العالمي عن دورها في مسرحية"بيت برناردا البا»، حيث كانت تلعب شخصية برناردا، ولم تفرحها ولم تقبل بها لأنها جاءت متأخرة حسب ما ذكرت «نعيم».
هي أم لكل زملائها رقيقة شفافة، لكنها في مواقف الحزم والقوة والنضال كانت شرسة، لم تكن امرأة اعتيادية وهذا ما منحها جمالاً آخر، ناهيك عن جمال وجهها، قدمت دورين متناقضين، ففي فيلم"الحارس"تقدّم دور أرملة جميلة جريئة، أما في فيلم"سعيد أفندي"فهي المرأة الخجولة البسيطة وكانت في كلا الدورين مقنعة جداً».
أسست زينب فرقة مسرحية في دمشق بإسم «بابل» وكانت أول أعمالها مسرحية"الحصار"من تأليف عادل كاظم، وفي منتصف عام 1991 شكّلت فرقة"سومر"المسرحية من الهواة واختيرت زينب مديرة فنية لها.. باكورة أعمالها كانت في يوم المسرح العالمي في مسرحية «صور شعبية وصورة"وهي من تأليفها واستمر العرض لثلاث ليالٍ متتالية، اضافة الى نشاطاتها في اليمن وفي السويد، حيث أسست فرقاً مسرحية قدّمت أعمالاً مهمة للمسرح العراقي.
زينب تركت أثراً كبيراً في الذاكرة الجمعية، فعلينا أن نحيّي هذه الرموز في مثل تلك الأُصبوحات، والمنتديات، فهناك الكثير من الفنانين الموجودين بيننا اليوم ومحتاجين للاهتمام، وتسليط الضوء عليهم، محتاجين لمن يربت على كتفهم ويشعرهم بقيمة ما قدّموه للفن والوطن.